"المواطن الفقير مش لاقي كيلو أرز.. مصر بالتلفزيون "فيينا" وبالشارع "بنت عم الصومال، مصر كانت مسلفة بريطانيا تاني أكبر دولة فى العالم.. وعملت أطول وأول خط سكة حديد فى العالم.. وكان الاحتياطي النقدي بتاعها أكبر احتياطي نقدي فى العالم يحصل فيها كدا".. كلمات منمقة، قد لا يجيد التعبير بمثلها كثيرون ممن حظوا بنصيب في التعليم العالي، صدرت على سائق "توك توك". "خريج توك توك".. هكذا وصف السائق الذي أبهر المصريين ببلاغته نفسه، عندما سأله الإعلامي عمرو الليثي، في آخر مقطع الفيديو الذي سجله له ضمن فقرات برنامج "واحد من الناس"، عبر فضائية "الحياة". وقارن البعض بين سائق "التوك توك"، الذي عبر بمرارة عن سخطه من تدهور الأوضاع في مصر، ومحمد البوعزيزي، الشاب التونسي الذي فجر شرارة ثورات الربيع العربي، عندما أضرم النار في نفسه احتجاجًا على مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بو زيد لعربة كان يبيع عليها الخضار والفواكه لكسب رزقه. فأوجه التشابه بين الشابين قريبة، ف "بوعزيزي" كان يمتلك سيارة لبيع الفاكهة، والمواطن المصري يقود "توك توك"، وكلاهما أثار ضجة كبيرة، وجدلا واسعًا على مواقع التواصل. وكلاهما لديهما من الألام ما يبكي وطن. حديث السائق جاء عفويًا وغير مصطنع، إذ التزم فيه بالحجة والمنطق، مستندا إلى خلفية عميقة من امتدادات مصر في التاريخ والجغرافيا، مع جرأة وشجاعة وبراءة متناهية. وعلى الرغم من أنه لم يوجه انتقادات لأحد بالاسم، بالرغم من ذلك فإن كل كلمة كان ينطق بها كانت تحمل إدانة كاملة لنظام حكمه. رجل الأعمال نجيب ساويرس، قال إن "سواق التوك توك ده بيلخص حالنا من سنة 1952 لدلوقتى وبالتالى هو مش بيلوم حكومة النهارده إنما بيرصد واقعنا الأليم و يستثير حماسنا و حبنا لبلدنا". لكن كالعادة بدت الشكوك تلاحق سائق "التوك توك"، فهناك من رجح أنه إخواني يستحق الحبس والإعدام لنشر مناخ تشاؤمي، وآخرون قال إنه "أمنجي" غرضه صرف أوجه الناس نحو قضايا بينها والتركيز على قصته. الناشط وائل عباس علق على ذلك بقوله إن "السيساوية بيقولوا على سواق التوكتوك اخوان .. والثورجية بيقولوا عليه مخابرات .. يبقى اكيد راجل غلبان بجد". ووصف محمد نبيل، القيادي بحركة 6 إبريل، قصة "سواق التوك توك" بأنها خدعة كبيرة من الأجهزة الأمنية علشان توقع نفسها. وحذر نبيل من الوقوع في "فخ" النظام، قائلا: "نظرية المؤامرة فشخت الناس". من جهته، قال حاتم عزام، القيادي ب "المجلس الثوري" المعارض، إن "المصري سائق التوك توك الصادق الذي لا يلون الحقائق كما يفعل كثير من المثقفين المنافقين ورجال الأعمال المنتفعين".