مواجهة الغضب الشعبي.. إلغاء القرض.. خياران أحلاهما مر أمام النظام تسعى مصر منذ عدة أشهر للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار؛ للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها في الوقت الراهن، خاصة مع انخفاض سعر الجنيه أمام الدولار وقلة الاحتياطي الأجنبي، ورغم حصول الحكومة المصرية برئاسة المهندس شريف إسماعيل على موافقة مبدئية من الصندوق على الإقراض إلا أن لديها العديد من التحديات لتكون الموافقة نهائية. وتتمثل تلك التحديات في الشروط التي يفرضها الصندوق على الدول التي يقرضها لضمان قدرة تلك الدول على السداد فيما بعد، وتكمن خطورة تلك الشروط في أن المواطنين الفقراء هم مَن سيدفعون ثمنها لارتباطها الوثيق بحياتهم اليومية وقدرتهم على التعايش بشكل إنساني. ويظل السؤال هل ستستطيع الحكومة تنفيذ شرط الصندوق رغم قسوتها وتأثيرها السلبي على حياة الشعوب وهو ما حدث في عدة دول من قبل أم أن الحكومة لا تستطيع مواجهة الغضب الجماهيري المتوقع حدوثه في حال التزام النظام بشروط الصندوق المتمثلة في تعويم الجنيه، إلغاء الدعم، وجود سعر صرف واحد. تعويم الجنيه صندوق النقد اشترط تعويم الجنيه، وفقًا لما أكده مساعد المدير التنفيذي الأسبق لصندوق النقد الدولي، مشيرًا إلى أن البنك المركزي لا يجرؤ على تخفيض قيمة الجنيه إلا بعد حصوله على 12 مليار دولار وهي قيمة القرض من الصندوق، بالإضافة إلى 9 مليارات دولار من جهات أخرى وأبرزها البنك الدولي، فضلاً عن 3 مليارات دولار من دول الخليج. وأضاف "الفقي" ل"المصريون" أن التعويم هو تحريك لقيمة العملة المحلية وليس تخفيض قيمتها فيشبع البنك المركزي السوق بالدولار ولا يكون هناك حاجة إلى اللجوء للسوق السوداء أو شركات الصرافة لارتفاع سعر الدولار فيها فيلجأ الناس حينها إلى البنك المركزي فيقترب سعر الدولار في البنك مع سعره في شركات الصرافة والسوق السوداء إلى أن يتوحد سعر الصرف. وكان عدد من المسئولين أدلوا بتصريحات تشير إلى التوجه الرسمي نحو تعويم الجنيه، ومنهم وزير التجارة والصناعة، المهندس طارق قابيل والذي قال إن تعويم الجنيه سيحدث على المدى الطويل. وأشار إلى أنه لا يمكن توقع موعد حدوث ذلك لكنه يتمنى أن يكون ذلك بحلول مؤتمر اليورومني المقبل في سبتمبر، مؤكدًا أن قرار التعويم يعود قراره إلى البنك المركزي فقط. ويعنى تعويم الجنيه ترك السعر ليتحدد وفقًا لآليات العرض والطلب ولا يتدخل البنك المركزي في تحديد السعر، في حين يعنى خفض قيمة العملة المحلية النزول بسعرها أمام الدولار لقيمة يحددها البنك المركزي ويثبت بعدها السعر عند مستوى محدد ويتدخل في توقيتات معينة لوقف المضاربات عبر إجراءات صارمة. وبدوره، أكد الدكتور مصطفى بدرة، الخبير الاقتصادي، أنه لا نية للتعويم الكامل للجنيه فى الفترة الحالية؛ بسبب آثاره السلبية على المجتمع، مشيرًا إلى أن هناك ما لا يقل عن 30 مليون مواطن يمثلون الطبقة الفقيرة والمتوسطة، مطالبًا الحكومة بالبحث عن بدائل أخرى تبعدنا عن فكرة تعويم الجنيه لصعوبة القرار في الفترة الحالية. وأوضح النائب عصام القاضي أن الآثار السلبية المترتبة على عملية تعويم الجنيه تتمثل في ارتفاع سعر الدولار، مما يؤدي إلى ارتفاعات جنونية في الأسعار مما يؤثر على ارتفاع معدلات الفقر وارتفاع معدل التضخم، بالإضافة إلى خلق سوق للمضاربات. فيما قال الخبير الاقتصادي، خالد الشافعي، إن التعويم سيؤدي إلى آثار كارثية لتحويل الاقتصاد إلى اقتصاد جامح وهو ما يعني تدهوره، بالإضافة إلى تسببه في ارتفاع فاتورة الاستيراد أضعاف القيمة الحالية، وهو ما يهدد الاقتصاد، مشيرًا إلى أن التعويم بشكل رسمي أخطر ما يهدد الاقتصاد في الفترة الحالية في ظل ارتفاع الدولار. تخفيض الدعم يشترط الصندوق على أي دولة تسعى للاقتراض منه تخفيض أو إلغاء الدعم بشكل نهائي وخاصة دعم الطاقة، وذلك لأن الصندوق مثله مثل بقية الدائنين يسعى إلى ضمان قدرة الدولة المدينة على سداد القرض. وكيل الجنة الاقتصادية بالبرلمان، محمد علي عبد الحميد شدد على ضرورة إيجاد حلول وسط لشرط الصندوق المرتبط برفع الدعم، خاصة أن المواطن المصري الفقير لم يعد قادرًا على حمل مزيد من الأعباء أو أي فواتير اقتصادية إضافية خاصة، حسب قوله. وأشار في تصريحات خاصة ل"المصريون" إلى أن الحكومة لا تستطيع رفع الدعم عن المواطن بشكل نهائي في الوقت الراهن، موضحًا أنه في البداية أعلنت الحكومة عدم وجود شروط لصندوق النقد وتم الإعلان مؤخرًا عن تلك الشروط المجحفة. وجود سعر صرف واحد اشترط الصندوق وجود سعر صرف ثابت للموافقة على إقراض مصر وهو ما لم تستطع الحكومة توفيره حتى الآن؛ حيث إن هناك 4 أسعار للدولار في مصر وهى السعر الرسمي، السوق السوداء، سعر الكميات وسعر يدفع للمصريين العاملين بالخارج، وذلك وفقًا للخبير الاقتصادي، الدكتور محسن عادل. وشدد "عادل" ل"المصريون" على عدم تحميل البنك المركزي مشكلة الدولار؛ لأنها ليست نقدية ولكنها اقتصادية مطالبًا بتزويد الإيرادات والاستثمارات التى توفر العملات الأجنبية، فضلاً عن تعاون البنك المركزي والحكومة لإصلاح سوق النقد في إطار برنامج اقتصادي متكامل. فيما أكد الدكتور هاني توفيق، رئيس الجمعية المصرية للاستثمار المباشر خلال مداخلة هاتفية لأحد البرامج أن صندوق النقد لا يمنح قروضًا لأي دولة بها أكثر من سعر للدولار، مشددًا على أهمية إيجاد حلول فورية لتوحيد سعر الصرف، مشيرًا إلى أن برنامج الحكومة الذي تم عرضه على البرلمان لم يكن واضح المعالم فيما يخص القرض، فضلاً عن أن التفاصيل الكاملة له ليست واضحة؛ بسبب أن المفاوضات مازالت قائمة.