تواصل حكومة شريف اسماعيل نفس السياسات الفاشلة التى انتهجتها معظم إن لم تكن كل الحكومات التى تعاقبت على مصر طوال العقود الماضية , وهو الأمر الذى يؤكد أن تلك الحكومات كلها قد اصابها العجز عن ابتكار أفكار جديدة ( خارج الصندوق ) واكتفت بالحلول السهلة التى تعتمد على أساليب الجباية وفرض رسوم وضرائب ودمغات جديدة أثقلت كاهل البسطاء وحولت حياتهم إلى جحيم لا يطاق . ولعل أكبر دليل على ذلك تلك القوانين التى صدرت مؤخراً ومنها قانون الضريبة المضافة والذى زعمت الحكومة على لسان رئيسها والكثير من وزرائها أن تطبيقه لن يؤثر على محدودى الدخل وهو الأمر الذى اكتشف الجميع انه أكذوبة كبرى فى ظل عدم وجود أية رقابة فعلية على الأسواق . وقد سبق هذا القانون الكارثى زيادات جنونية آخرى فى أسعار الكهرباء ومياه الشرب والغاز والأدوية وقريبا أسعار تذاكر المترو والقطارات وغيرها . والمؤسف أن تلك الحكومات ومنها الحكومة الحالية لم تكتف ب (العكننة ) على المواطنين البسطاء بسبب هذه الزيادات غير المسبوقة فى اسعار كافة السلع والخدمات , بل وجدنا أنها تتوسع فى الإقتراض من الخارج بحجة مواجهة العجز فى الموازنة ونقص الموارد واقامة بعض المشروعات وهو الأمر الذى يثير قلق الغالبية العظمى من المصريين بسبب الشروط التى تفرضها تلك المنظمات الدولية مقابل منح هذه القروض والتى تحاول الحكومة التأكيد على عدم وجود مثل هذه الشرط أو القيود بالمخالفة للواقع والحقيقة , علاوة على الفوائد الكبيرة التى يتم دفعها مقابل الحصول على هذه القروض والتى تثقل كاهل المواطنين فى مصر حالياً ومستقبلاً . ولذلك كنت أتمنى أن تكون لدى الحكومة وكافة الجهات المعنية أفكاراً جديدة ومبتكرة لجلب موارد جديدة للدولة دون تحميل المواطنين مثل هذه الأعباء الكبيرة أو الإقتراض من الخارج أو من البنوك التى تعمل داخل مصر . ومن بين هذه الأفكار التى أرى أنها جديرة بالمناقشة والدراسة والإهتمام , مشروع القانون الجديد الذى قدمه النائب أيمن عبد الله عضو مجلس النواب للتصالح في مخالفات البناء على الأراضي الزراعية والذى وافقت عليه مؤخراً لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب برئاسة همام العادلى وتمت احالته قبل فض الدورة البرلمانية بايام قليلة إلى لجنة الزراعة لمناقشته واعداد تقرير عنه يعرض على المجلس فى دورته الجديدة التى ستبدا يوم الثلاثاء القادم . وقبل أن اتطرق لهذه القضية اود التوضيح أننى لا أؤيد التعدى على الأراضى الزراعية وغير مستفيد من تعديل القانون واقرار التصالح أو متضرر من بقاء الوضع على ما هو عليه حالياً لكننى أتعامل مع واقع مؤلم ومرير يجب التعامل معه وعدم تجاهله خاصة أن التعديات على الأراضى الزراعية ما تزال مستمرة بمعدلات عالية . وقبل أن نستعرض القضية الخاصة بالصالح فى قضايا الإعتداءات على الأراضى الزراعية نشير إلى أن آخر تقرير صادر عن الإدارة المركزية لحماية الأراضى بوزارة الزراعة، بشأن التعديات على الأراضى الزراعية بالوادى والدلتا سواء بالبناء أو التجريف أو التشوين، كشف أن إجمالى مساحات التعديات منذ ثورة 25 يناير 2011 وحتى الآن، بلغت مليون و540 ألف حالة على مساحة من الأراضى الخصبة بلغت 68 ألف و22 فداناً، وتمت إزالة 309 آلاف و770 حالة على مساحة 17 ألفا و449 فداناً. كما أكد الدكتور أحمد زكي بدر وزير التنمية المحلية، إن حجم التعديات على الأراضي الزراعية والمملوكة للدولة بلغ 3 ملايين و250 ألف حتى الآن . من ناحية آخرى أعلن اتفاقى مع أراء الغالبية العظمى من أعضاء لجنة الزراعة بمجلس النواب وهى الموافقة على التصالح مع المخالفين ما لم يتم إنشاء العقار مخالفا لشروط البناء أو كانت الأرض مملوكه للغير أو تم إنشاء المبنى مخالفا لقواعد التوزيع العمراني. وأكد النواب أنه في حال إقرار هذا القانون سيدر على خزينة الدولة قرابة ال300 مليار جنيه تستفيد منها الدولة في المشاريع الاقتصادية ودعم السلع والخدمات الأساسية . الجدير بالذكر أن الاقتراح بمشروع القانون الذى يناقش حاليا فى لجنة الزراعة بمجلس النواب يتضمن النص على تطبيق القانون على المساحات المحصورة بين المباني والتي يكون لها على الأقل حدين من المباني ومحصورة داخل الكتلة السكنية وليس لها مصدر ري أو صرف، وأن حساب الغرامة في التعدي على الأراضي الزراعية تكون على مساحة الأرض فقط دون الإنشاءات. كما ينص على عدم شمول المخالفات التي ارتكبت بالتعدي على خطوط التنظيم المعتمدة، والأعمال التي تخل بالسلامة الإنشائية، والمخالفات الخاصة بالبناء على الأراضي الخاضعة لقانون الآثار، والتعدي بالبناء أو الاستيلاء على الأراضي المملوكة للدولة، وتجاوز كود الارتفاع لمتطلبات شؤون الدفاع عن الدولة. وحدد الاقتراح بمشروع القانون الغرامات على مخالفات قانون البناء جغرافيا على أن تكون قيمة الغرامة بالقرى 100 جنيه عن المتر ومدن المحافظات 500 جنيه عن المتر المسطح وعواصم المحافظات الف جنيه عن المتر، وفيما يتعلق بمخالفات قانون الزراعة والبناء الواقع بشأنها حالات التعدي على الأرض الزراعية بالبناء يكون سعر المتر بالقرى 300 جنيه ومدن المراكز الف جنيه وعواصم المحافظات ألفي جنيه ويخصص 5٪ من هذه الغرامات للصرف على الأعمال التنموية للمحافظات . وبعد أن استعرضنا كل هذه الحقائق والأرقام نسأل : متى نتعامل مع هذه القضية الخطيرة بفكر مختلف ؟ و هل يقر مجلس النواب فى دورته الجديدة هذا القانون الذى ييدر دخلاً يتجاوز ال 300 مليار جنيه يمكن أن نستفيد منها فى مواجهة عجز الموازنة وتنفيذ العديد من المشروعات القومية الجديدة ومنها مشروع المليون ونصف المليون فدان دون اللجوء للبنوك والهيئات الدولية للحصول على قروض لتنفيذ المشروع ؟ ومتى توقن الحكومة والبرلمان أن ازالة هذه التعديات على الأراضى لن تتم ولن تستفيد منها الدولة مرة آخرى ؟ !! .