تنص المادة الثانية من القانون رقم 106 لسنة 2013 في شأن حظر تعارض مصالح المسئولين في الدولة على أن المقصود بكلمة تعارض المصالح " كل حالة يكون للمسئول الحكومي أو الشخص المرتبط به مصلحة مادية أو معنوية تتعارض تعارضاً مطلقاً أو نسبياً مع ما يتطلبه منصبه أو وظيفته من نزاهة و استقلال و حفاظ على المال العام أو تكون سبباً لكسب غير مشروع لنفسه أو للشخص المرتبط " . ورداً على من يقول أن القانون المشار اليه يختص بالمسئولين الحكوميين ولا ينطبق على نواب البرلمان اقول له : هناك ما يسمى بالمواءمات السياسية لأن مبدأ التعارض فى المصالح هنا متوافر ومكشوف للجميع , كما أن وجود هؤلاء النواب فى رئاسة او كالة اللجان النوعية يتعارض بشكل صريح وواضح مع مصالحهم الخاصة خارج المجلس . ولعل النموذج الأبرز لهذه المصالح المتشابكة حالة رجل الأعمال محمد فرج عامر رئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب والذى يشغل فى نفس الوقت منصب رئيس نادى سموحة السكندرى ..وهو الأمر الذى يدفعنا للتساؤل : ألا يمثل شغل فرج عامر لهذين المنصبين تضارباً ؟ وما الذى يمنعه من مجاملة وزارة الشباب او اتحاد الكرة أو غيرها مقابل امتيازات خاصة لنادى سموحة ؟ ( ملحوظة .. فى نفس اللجنة البرلمانية نجد أن سحر الهوارى تشغل منصب الوكيل وهى فى نفس الوقت مرشحة فى انتخابات مجلس إدارة الإتحاد المصرى لكرة القدم وكانت عضوة فى مجلسه الأخير بالإضافة إلى ثروت سويلم الذى عينه خالد عبدالعزيز وزير الشباب والرياضة فى منصب القائم بأعمال رئيس اتحاد الكرة !!! ) . ورداً على سؤال قد يطرحه البعض حول سبب تناولى لهذه القضية هذه الأيام ؟ أقول إن السبب هو صدور تقرير رسمى عن الجهاز المركزي للمحاسبات كشف بالأرقام والمستندات الرسمية عن مخالفات مالية وإدارية بنادي سموحة الرياضى عن العام الماضى 2015 والتى بلغت قيمتها 77 مليون جنيه، وكشف التقرير عدم صحة ادعاء وجود فائض بالميزانية قيمته 4 ملايين ونصف كما أعلن النادى، بينما بلغ العجز 70 مليونًا فى عام 2014.
ولفت التقرير أيضًا إلى عدم اتخاذ الإجراءات الداخلية لبحث أسباب تضخم مصاريف كرة القدم بالنادي التى بلغت جملتها 6 ملايين و932 ألفًا و27 جنيهًا واتخاذ ما يلزم حيالها، حيث أشار إلى عدم استرداد 287 ألف جنيه تم صرفها للاعب طارق بهنسى كدفعة بداية تعاقده موسم 2015/ 2016 بالمخالفة لشروط العقد الثلاثي للإعارة. وأكد التقرير عدم خصم قيمة المبالغ المستحقة طرف المدير الفنى لكرة القدم الكابتن حلمى طولان وقدرها 41144.51 جنيه لدى صرف مستحقاته من النادى . وأشار إلى إهدار 400 ألف دولار أى ما يزيد على 4 ملايين جنيه، مقابل شراء بعض اللاعبين الأجانب والتعاقد معهم دون الاستفادة منهم والاستغناء عنه دون مقابل. من ناحية آخرى كشف التقرير عن تحميل ميزانية النادى مبالغ جملتها 16 مليونًا و156 ألفًا و36 جنيهًا قيمة مخالفات توصيل التيار الكهربائى للوحدات والمحال التجارية المؤجرة بالنادى، بالإضافة إلى سحب 12 مليونًا و440 ألف جنيه من بعض البنوك المودع بها أموال النادى دون مقتضى. كما تبين عدم تحصيل متأخرات القيمة الإيجارية والمستحقات الأخرى طرف بعض المستأجرين، والتى بلغت جملة ما أمكن حصره 824496.55 جنيه بالمخالفة لشروط التعاقد، وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال تحصيل باقى قيمة التأمين النهائى المستحق على شركة شمس سيناء والبالغ قدره 120 ألفًا و717 جنيهًا. وبعد أن استعرضنا أبرز ما جاء فى تقرير جهاز المحاسبات بشأن نادى سموحة الذى يترأسه محمد فرج عامر نسأل : لماذا لم يقم وزير الشباب والرياضة بإحالة هذا التقرير الذى كشف عن إهدار عشرات الملايين من الجنيهات داخل النادى الى النيابة العامة لإتخاذ الإجراءات اللازمة ومحاسبة المتورطين فى هذه الجرائم التى تسببت فى إهدار المال العام ؟ وهل صحيح أن هناك صفقة تمت بالفعل بين فرج عامر وخالد عبدالعزيز تتضمن قيام الوزير بتجاهل تقارير جهاز المحاسبات التى كشفت عن الفساد المالى والإدارى فى نادى سموحة مقابل التزام فرج عامر بصفته رئيس اللجنة المسئولة عن مراقبة ومحاسبة الوزير بإغلاق اية ملفات من شأنها إحراج الوزير أمام الرأى العام أو كشف تجاوزات مالية داخل الوزارة ؟ وهل صحيح أن فرج عامر اتفق مع الوزير على عدم اقرار القانون الجديد للرياضة ( الذى يتم اعداده منذ عدة سنوات وحتى الآن ) داخل مجلس النواب خلال الدورة الحالية للبرلمان والتى سيتم فضها خلال الساعات القادمة وهو الأمر الذى سيؤدى إلى تأجيل انتخابات الاتحادات الرياضية لعام كامل على الأقل . والمفاجأة التى نكشف عنها أن صدور هذا القانون معناه ابعاد فرج عامر عن رئاسة نادى سموحة لأنه مستمر لحين صدور هذا القانون الجديد للرياضة ؟ ياسادة .. متى تلتفت الجهات الرقابية والسيادية الى مثل هذه الصفقات والتحالفات التى تؤدى إلى تغييب الدور الرقابى لمجلس النواب الذى يعد وفقاً للدستور أعلى جهة رقابية فى مصر ؟ والى متى يستمر مسلسل (الطرمخة ) على مافيا الفساد وإهدار المال العام ؟ ومتى يحترم الوزراء والنواب القانون والدستور ويكون شاغلهم الرئيسى المصلحة العامة بعيداً عن الصفقات الحرام فى الغرف المغلقة ؟ !!!! .