سرد الطالب بالفرقة الثانية بهندسة الجامعة البريطانية ومدرب كرة ماء في نادي هليوبوليس، أيمن موسى، المعتقل منذ 6 أكتوبر عام 2013، خلال الرسالة المسربة من محبسه، تفاصيل تخص قرابة ألف يوم قضاها في السجن وكذلك بعض من ذكرياته الصيفية وأحلامه. ويبلغ "موسى" 21 عامًا، وهو طالب في الفرقة الثانية بهندسة الجامعة البريطانية ومدرب كرة ماء في نادي هليوبوليس، معتقل منذ 6 أكتوبر 2013 بعد اعتقاله في أحداث رمسيس وحكم عليه بالسجن 15 سنة, وتوفى والدة العام الماضى حزنًا على نجله، دون أن يتمكن من رؤيته قبل وفاته لرفض الداخلية خروجه والسماح له برؤيته. وهذا نص رسالته بعنوان "صَيفى الآن" الصَيف.. أُغمض عينى وأسترجع ذكريات الصيف.. شعورى عند خروجى من بين أمواج البحر.. انعكاس ضوءِ الشمس على جسدى المبلل.. رياح الشاطئ تصطدم بجسدى فتُذهِب المياه من عليه شيئًا فشيئاً.. وتتبقى بعض القطرات، تتساقط من أنفى وتدخل فمي.. أشعر بملوحة المياه.. لون البحر الأزرق يحاوطني.. ويتلاشى من أمامى شيئًا فشيئاً.. -الآن- قطرة مياه تسقط من أعلى أنفي.. جسدى غارق فى مياه مالحة لكنها لا تجف، بل تزداد! اللون الأزرق يحاوطنى من كل جانب، ولا يوجد شعاع شمس حولي، ولا يوجد شعاع أمل بداخلي! أتابع القطرة تلو الأخرى وهى تسقط من أعلى أنفى ومن ذقني.. تكاد أن تلمس الكلبش المتدلى من يدٍ واحدة - بلا فائدة - وتكمل القطرة طريقها حتى تقع على أرضٍ متسخة مليئة بأعقاب السجائر.. أتابع القطرات وهى تزداد! أُخرِج زفيرًا قويًا فتنتشر أمامى المياه فى الهواء.. أفك أصابعى المتشابكة وأضعها على فخذي. أرفع رأسى المنحنى وأقف.. كادت رأسى تصطدم بسقف عربة الترحيلات! آخذ خطوة نحو الشباك أمامي.. ما زالت العربة تقف أمام إحدى السجون الأخرى، تنتظر أن تلتهم بشرًا أُخَر. تمنيت ألا يكون مُدَخنًا، فلا يوجد أكسجين هنا. أريح كفى على الحديد الأزرق وأنتزعها سريعًا.. كادت أن تحترق! آخذ شهيقًا عميقًا من أمام الشباك كى أجبر جزيئات الهواء على دخول العربة.. هذه العربة التى أسير بها بين الناس ولا يشعر بى أحد.. ذاهبٌ إلى سجنٍ آخر كى أمتحن ما لا أطيق! يوشك الصيف على الإنتهاء ويوشك حلمى على الإنتهاء معه.. حلمى بأن أكون مهندسًا.. ألا يكفى تحطيم حلمى الآخر؟! أن أُسعد أبى بهذه الشهادة.. ألا يكفى موته حزنًا عليّ؟ تنزلق دمعة من عينى وتندمج مع قطرات عرقى المالح.. أستدير كى أعود إلى بحرى الخاص منذ أكثر من ألف يوم، وأجبر روحى على الغرق فيه! ".