لاشك أن الشأن الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين أمر يخص قادتها وأعضاءها , وهم أولى الناس بالنظر في أمورهم ومعالجة مشاكلهم , ولكن تبقى لي ملاحظة على هذا التقديم وهي أن جماعة الإخوان جماعة سياسية كبيرة يؤثر موقفها بشكل مباشر على التيار الإسلامي وبالتالي على الوطن بأكمله , ومن هنا فإنني أرى أن المشكلة الداخلية للإخوان إن لم يتم حلها داخلياً , فإننا لابد وأن نتدخل باعتبار المسئولية المشتركة في الحفاظ على الجسد الذي نحن جزء منه ولا نسمح أبداً بتعرضه للخلل أو العطب الذي يمنعه من أداء دورة بشكل كامل , ونظراً لأن المشكلة قد وصلت إلى طريق شبه مسدود بين القيادات القديمة وبين الفريق الذي ينادي بالإصلاح والتطوير , فإنه لابد من التحكيم والقبول بنتائجه , ولقد كان في الرأي الذي تفضل به الدكتور/ يوسف القرضاوي مخرج مناسب للقفز على الأزمة ولو ببعض التضحيات من الجيل القديم مع ضرورة التسامح والتغافر بين الفريقين حتى تنطلق الجماعة إلى الأهداف الاستراتيجية التي تخدم فيها الوطن والمواطن المصري . ولعلي في مقالي هذا أفتح الباب لقيادات الإخوان المسلمين أمام الاقتداء بتجربة الجماعة الإسلامية في تطوير هياكلها وأهدافها , فلقد انعقدت الجمعية العمومية بعد ثورة يناير 2011 واختارت قياداتها إذ لم يرشح أحد منا نفسه بل تم الترشيح على مرحلتين حيث تم اختيار عشرين شخصية في المرحلة الأولى حصلوا على أعلى الأصوات , ثم اختير منهم عدد تسعة أشخاص يمثلون مجلس الشورى العام , وحدث أن كان أربعة منهم جدداً , وهذا معناه أن التجديد تجاوز الأربعين في المائة . وانظروا معي ياقادة الإخوان الكرام إلى ماجرى في تأسيس حزب البناء والتنمية إذ أن الانتخابات جاءت بهيئة عليا معظمها من قيادات الصفوف التالية أي من الجيل الجديد وكذلك معظم المكتب السياسي وأمانات المحافظات , ومع هذا كله لم نشعر نحن الجيل القديم بتهميش لأدوارنا بل أن الوعي السياسي والذكاء الاجتماعي لقيادات الحزب جعلهم يحرصون على استشارتنا والاهتمام بتحصيل ما اكتسبناه من خبرات فضلاً عن حسن استقبالهم لنا منذ لحظة زيارتنا لهم في المقر العام وحتى انصرافنا , ولا أظن أن قيادات الإخوان التي تنادي بالإصلاح تريد إقصاء الأشخاص بقدر ما أنها تريد إحلال تصور استراتيجي جديد ورؤية مستقبلية شاملة تتناسب والواقع القائم خاصة وأن مرور سنوات عديدة مع بقاء حالة الإخفاق يجعل الأمر ملحاً وضرورياً . لقد نصحت خلال الأعوام الماضية قيادات جماعة الإخوان بكل إخلاص وصراحة قاصداً وجه الله تعالى لتوضيح ما أراه صواباً من وجهة نظري في المرحلة وحفاظاً على كيان الإخوان من التفكيك متفادياً لضربات عديدة أضرت به , بل وبالجميع , وبالطبع لم أقصد أبداً استبعاد قيادة الإخوان الحالية من دورها الذي تقوم به بل كان هدفي هو الإصلاح المنهجي وتطوير الأداء بما يتناسب وحجم المشكلة التي يمر بها الوطن فلا يكون الصراع سبباً في هدم الدولة المصرية , بل يلزم اختيار الوسائل الممكنة والمتاحة التي تعود بنا إلى المسار المطلوب وألا نتخلى عن سلميتنا أو عن صبرنا على المشاق وتحملنا للتبعات حتى تتحقق الطموحات . فهذه دعوة مني لقيادات جماعة الإخوان كي تبادر إلى إعادة ترتيب أوضاعها واستيعاب الجيل الجديد إلى جوار القادة القدامى حتى يتحقق إنصهار الخبرات مع الطاقات والانطلاق بالمسيرة إلى مافيه صالح الوطن والمواطن . والله المستعان