متظاهرون مؤيدون لفلسطين يحاولون اقتحام سفارة إسرائيل في المكسيك (فيديو)    ارتفاع أسعار الريال السعودي في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 29 مايو    بكام أسعار العدس اليوم الأربعاء 29-5-2024 في الأسواق؟    انطلاق أولى رحلات الجسر الجوى لحجاج بيت الله الحرام إلى مكة والمدينة    بسبب استمرار تسليح إسرائيل، استقالة جديدة في إدارة بايدن    فيورنتينا يصارع أولمبياكوس على لقب دوري المؤتمر الأوروبي    تفاصيل الحالة المرورية اليوم الأربعاء 29 مايو 2024    لهذا السبب.. مي نور الشريف تتصدر تريند "جوجل" في السعودية    ارتفاع أسعار النفط الأربعاء 29 مايو 2024    90 عاماً من الريادة.. ندوة ل«إعلام القاهرة وخريجى الإعلام» احتفالاً ب«عيد الإعلاميين»    3 دول أوروبية تعترف رسميا بدولة فلسطين.. ماذا قال الاحتلال الإسرائيلي؟    الخارجية الروسية تعلق على تصريح رئيس الدبلوماسية الأوروبية حول شرعية ضرب أراضيها    هجوم مركّز وإصابات مؤكدة.. حزب الله ينشر ملخص عملياته ضد إسرائيل يوم الثلاثاء    عاجل | حدث ليلا.. 4 دول تستعد لحرب نووية وخطر يهدد أمريكا وصدمة جنود الاحتلال    تنسيق الشهادة الإعدادية 2024.. شروط المدارس الثانوية العسكرية والأوراق المطلوبة    شعبة المخابز تكشف حقيقة تحريك سعر رغيف العيش    تواصل أعمال تصحيح امتحانات الشهادة الإعدادية بالبحر الأحمر والنتيجة قبل عيد الأضحى    «الرفاهية» تتسبب في حظر حسابات السوشيال بفرمان صيني (تفاصيل)    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الأربعاء 29 مايو 2024    تحفة معمارية تزين القاهرة التاريخية.. تفاصيل افتتاح مسجد الطنبغا الماريداني بالدرب الأحمر    أفضل دعاء الرزق وقضاء الديون.. اللهم ارزقني حلالًا طيبًا    «الخشت» يصدر قرارا بتعيين وكيل جديد ل«طب القاهرة» لشؤون خدمة المجتمع    الصحة: روسيا أرسلت وفدا للاطلاع على التجربة المصرية في القضاء على فيروس سي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29-5-2024    صلاة الفجر من مسجد الكبير المتعال فى بورسعيد.. فيديو وصور    وظائف السعودية 2024.. أمانة مكة تعلن حاجتها لعمالة في 3 تخصصات (التفاصيل والشروط)    محمد فاضل بعد حصوله على جائزة النيل: «أشعر بالفخر وشكرًا لوزارة الثقافة»    10 أطعمة تحمي العين وتقوي البصر.. تناولها فورا    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 29 مايو في محافظات مصر    حج 2024| هل يجوز حلق المحرِم لنفسه أو لغيره بعد انتهاء المناسك؟    حج 2024| ما الفرق بين نيابة الرجل ونيابة المرأة في الحج؟    نصف شهر.. تعرف على الأجازات الرسمية خلال يونيو المقبل    «كان زمانه أسطورة».. نجم الزمالك السابق: لو كنت مكان رمضان صبحي ما رحلت عن الأهلي    توقعات بطقس شديد الحرارة داخل مكة اليوم الأربعاء    شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على جنوب قطاع غزة    جوزيف بلاتر: أشكر القائمين على منظومة كرة القدم الإفريقية.. وسعيد لما وصلت إليه إفريقيا    يرسمان التاتوه على جسديهما، فيديو مثير لسفاح التجمع مع طليقته (فيديو)    واشنطن: هجوم رفح لن يؤثر في دعمنا العسكري لإسرائيل    فشلت للمرة الرابعة.. آمال كيم "التجسسية" تتطاير في الهواء    وزير الصحة التونسي يؤكد حرص بلاده على التوصل لإنشاء معاهدة دولية للتأهب للجوائح الصحية    شيكابالا يزف بشرى سارة لجماهير الزمالك بشأن زيزو    شيكابالا يكشف عن نصيحته ل مصطفى شوبير بشأن الرحيل عن الأهلي    حسين حمودة: سعيد بالفوز بجائزة الدولة التقديرية في الأدب لاتسامها بالنزاهة    كريم العمدة ل«الشاهد»: لولا كورونا لحققت مصر معدل نمو مرتفع وفائض دولاري    هل طلب إمام عاشور العودة إلى الزمالك؟.. شيكابالا يكشف تفاصيل الحديث المثير    رئيس رابطة الأنديةل قصواء: استكمال دوري كورونا تسبب في عدم انتظام مواعيد الدوري المصري حتى الآن    كريم فؤاد: موسيمانى عاملنى بطريقة سيئة ولم يقتنع بى كلاعب.. وموقف السولية لا ينسى    3 أبراج تجد حلولًا إبداعية لمشاكل العلاقات    أسماء جلال تكشف عن شخصيتها في «اللعب مع العيال» بطولة محمد إمام (تفاصيل)    ارتفاع أسعار الذهب بعد 4 أيام من التراجع    إبراهيم عيسى يكشف موقف تغيير الحكومة والمحافظين    إصابة 17شخصًا في تصادم ميكروباص بفنطاس غاز بالمنيا    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    أحمد دياب: فوز الأهلى والزمالك بالبطولات الأفريقية سيعود بالخير على المنتخب    اليوم.. محاكمة المضيفة المتهمة بقتل ابنتها في التجمع الخامس    الوقاية من البعوضة الناقلة لمرض حمى الدنج.. محاضرة صحية بشرم الشيخ بحضور 170 مدير فندق    ننشر أسماء المتقدمين للجنة القيد تحت التمرين في نقابة الصحفيين    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس 2025 - الموعد والضوابط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجيل السادس.. تمكين أم تفكيك؟
نشر في التغيير يوم 23 - 01 - 2013

تعتبر مؤسسة راند البحثية في الولايات المتحدة مثالاً واضحاً على ضرورة (مأسسة الشورى) في الدول الاسلامية ، و عدم جدوى الأسلوب القديم لها عن طريق أفراد لكل منهم رأي شخصي بحت ..
فالمؤسسة تقوم بعمل أبحاث دراسية جادة و تقدم توصيات هامة مستمرة لصناع القرار السياسي بجوار عدة مؤسسات بحثية أخرى .. فيمتلك صانع القرار الأمريكي معرفة عميقة بطبيعة المنطقة و التنظيم الذي سيتم اتخاذ القرار بشأنه .. و بالتالي فهو (مؤسسة) تقوم بعمل أحد أهم روافد (الشورى) قبل اتخاذ القرارات المصيرية .. بينما البعض منا (مؤيد أو معارض) يصر على رؤية الشورى في الاسلام على هيئة رجال بطرابيش و معاطف جالسين في بلاط الملك ( التصور القديم لأهل الحل و العقد) فان الحقيقة أن هذا الأمر جار بالفعل في أمريكا بصورة مؤسسية جادة و محترمة.
لذا فتقارير مؤسسة راند خطيرة جداً و ان كان يجب النظر اليها لا على أنها صادرة من صناع القرار واجبة النفاذ- ولا نفاذ لكلام أحد أصلاً الا بقدر الله - و انما يجب النظر اليها على أنها رأي أحد كبار مستشاري صناع القرار الأمريكي.
كما أن مجال البحث يوضح بصورة خفية مجال الاهتمام الأمريكي مستقبلاً ، فتقرير راند 2007 الشهير جداً وضح رغبة أمريكا في البحث عن بدائل للأنظمة الديكتاتورية بعدما خرجت يائسة من تجربتها معهم و ترافق هذا مع احباط امريكي داخلي من نتائج حربي العراق وافغانستان و فشل سياسة (المحافظين الجدد) السافرة العداء في حسم أي شئ ، مما دفع فوكوياما مثلاً لجعل عنوان كتابه وقتها : أمريكا على مفترق الطرق. وقد اختارت أمريكا طريق العداء الخفي ، طريق التعامل مع المنظمات الاسلامية لتفكيكها من الداخل و عقد شراكة معها.
لكن التقرير الجديد الذي صدر منذ أشهر قليلة يتعامل مع واقع جديد ، انه يتعامل ما بعد وصول الاخوان للحكم و سيطرتهم بالفعل كحزب أوحد على مؤسسة الرئاسة الهامة التي تتولى كثير من ملفات الشئون الخارجية .. لذا فهناك بحث جاد يبدأ من عند راند علناً و لن يتوقف ، لكيفية تفكيك الاخوان و اذابتهم تماماً في النظام العالمي الخاضع لأمريكا ، خاصة أن لهجة التقرير فيها نفور من القيادات الحالية و عدم ثقة.
هنا يضئ وجود حزب كالتيار المصري فكرة في عقل صناع التقرير ، لهذا يهتمون به وبدراسته بصورة شبه تفصيلية طوال صفحاته : لماذا لا نستخدم الشباب في عملية الربط بالنظام العالمي و في نفس الوقت نكون منهم جماعة وظيفية تنشر مستقبلاً مفاهيم (المابعد اسلامية) و تفتيت الاخوان؟
هكذا يمكن قراءة التقرير مادام في عقلك خلفية مناسبة عن مراحل تطور النظام العالمي، فقد تطور الاستعمار البريطاني و الأوروبي بشكل عام عبر ثلاث مراحل حتى منتصف القرن العشرين و ذبول النظام العالمي القديم:
1) مرحلة الثلاثة سي 3Cs و هي نشر المسيحية ، نشر التجارة الأمبريالية و نشر الحضارة الأوروبية .. واضح جداً من الشعارات و ترتيب أهميتها عند الانجليز و أوروبا بشكل عام الأهداف المطلوبة من هذه المرحلة .
christianity , commerce and civilization .
2) تطورت هذه المرحلة الى مرحلة (عبئ الرجل الأبيض) في منتصف القرن التاسع عشر و هي نفس الممارسات تقريباً لكنها ازدادت مناورة و استخفاءً و أوجدت جانب أخلاقي فيما يفعلونه من استعمار بعد ظهور الداروينية : أن الرجال البيض (الأسمى) يقومون بحمل عبئ نقل المسيحية و التجارة و التحضر الى الأمم الأخرى المتخلفة.
white man's burden
3) المرحلة الأخيرة ( بداية من القرن العشرين) كانت (التفويض الثنائي dual mandate ) أو ( الحكم اللامباشر indirect rule) و هو خلاصة ما كان قد توصل له العقل البريطاني بشكل خاص و المنسوب للورد فريدريك لوجارد حاكم نيجريا الكولونيالي كوسيلة لحكم افريقيا.
و يعني خلق نخبة من الشعب المُستعمَر تقوم بقيادته و تسكينه لقبول الاستعمار الخفي ، هذه النخبة مُفوضة من أوروبا للحكم في هذه البلاد .. و من غير المقبول أن تخرق هذا التفويض لأن هذا الأمر ليس من سلطتها ..
لهذا كان التعليم في أعلى قائمة أولويات الاستعمار الأوروبي .. لأن مسألة (تخليق) القادة المحليين الذين سيأخذون التفويض في العقد الاستعماري الثنائي أمر شديد الحساسية و الحرج .. و لهذا طوال مرحلة (التفويض الثنائي) في القرن العشرين ازداد التعليم تشعباً و زادت سنواته بصورة مستمره كي يواجه بصورة متجددة محاولات الشباب الإفلات من قبضته الحديدية .. فما كان تعليماً ابتدائياً اضيف له مرحلة اعدادية .. فثانوية .. فجامعة .. يقضي فيهم المُستعمَر أغلب طفولته وشبابه فلا يقدر على الافلات من التنميط و القولبة .. ليصبح بعد ذلك قائداً مناسباً للمشاركة في (التفويض الثنائي).
لكن الاستعمار الأمريكي الحديث أصبح أكثر تطوراً و أكثر خفاءً ، فالأمر لم يعد بحاجة لوضع قوات عسكرية في بلدك بهذا الشكل المستفز الا في حالات الضرورة القصوى ، يكفي أن يكون تسليحك كله قادم من جهة متفوقة عليك بعدة أجيال و يحظر عليك تطوير نفسك في هذا الجانب ، ثم يصبح نمط القولبة الذي يتم مع العسكريين الذين يقودون هذا السلاح أكثر من كاف ليعرف هؤلاء العسكريون أن لا فائدة من مواجهة النظام الأمريكي و من الأفضل الدوران في فلكه.
لكن بعد ثورة يناير جاء نظام سياسي جديد ليس له خلفية عسكرية تقبل الرضوخ و الاندماج بسهولة مع النظام العالمي ، و كان هذا النظام ذو خلفية اسلامية كذلك مما زاد الأمر صعوبة لأنه لم يتأثر كثيراً بمرحلة التعليم العلماني التي قاموا بهندستها لصناعة النخب ، لذا فكان لابد من وضع خطط مستقبلية بديلة لتشريب مبادئ الأمريكان بصورة سريعة قدر الامكان .. لا للنخبة الحاكمة حالياً ، وانما ل (قادة المستقبل) من شباب الاخوان كما وصفهم التقرير بنفسه!
(قادة المستقبل) هؤلاء هم من اصطلحت على تسميتهم بالجيل السادس.
لماذا الجيل السادس؟
هناك ثلاثة أجيال شهيرة في الاخوان (جيل الرعيل الأول - جيل المحنة - جيل الجماعة الاسلامية) .. لكن باحث مثل خليل عناني يقوم بتقسيمهم الى " أربعة أجيال في الجماعة هم : جيل الستينيات ، جيل السبعينيات ، جيل الثمانينات و التسعينيات ، ثم أخيراً جيل المدونين " .
و برغم أن عناني سيقوم بوضع كثير من الصفات العامة الصادقة على أبناء كل جيل ، مثل الحذر الشديد و التصورات المحافظة لدى أبناء جيل الستينيات ، و الميل للأفعال السياسية المباشرة و الانفتاح الليبرالي الاجتماعي لدى جيل السبعينيات ، بينما أن الجيل الثالث (الثمانينات و التسعينيات) أكثر تأثراً بالحرس القديم من حيث التصورات المتحفظة و أكثر تمسكاً بالمسائل التنظيمية الداخلية في الجماعة .. و أخيراً جيل المدونين .
و الحقيقة أنه تجاهل مرحلة هامة في هذه التقسيمة مثل (جيل الرعيل الأول) ربما لأنه كان يريد رصد الموجودين في أرض الواقع.
لكن بشكل عام يمكن تقسيم أجيال الاخوان الى تقسيمة أخرى سأقوم بوضعها وتوضيحها ليست بعيدة تماماً عن صفات تقسيمته المتميزة :
1) جيل البنائين: رفاق البنا و بناة الجماعة ، و هذا جيل تراثي تبدوا اشكاليته الكبرى أن شخصياته الرئيسية رحلت منذ زمن بعيد جداً في صمت دون أن تترك لنا الكثير ، لهذا فتصور غير الاخوان (بل و الاخوان أنفسهم) مضطرب حول هذا الجيل ..
2) جيل المحنة: الخمسينيات و الستينيات و القهر المرعب من عبد الناصر ضد الجماعة و هو ما ليس له مثيل في تاريخها على الاطلاق .. و يمكن الجدل كثيراً أن المحنة بدأت منذ نهاية الاربعينيات ووفاة البنا ثم الشقاق الداخلي المخيف الذي حدث بين النظام الخاص و النظام المعلن مما بدأ المحنة و سهل الأمور على قامعيهم.
و جيل المحنة مكانه الآن في الجماعة هو في مكتب الارشاد (قيادات تاريخية) يبدوا أقل سيطرة على الجانب التنظيمي و صاحب وجود شرفي متمسك بكثير من مفاهيم و رؤى العهد القديم.
3) جيل الجامعة و الجماعة: السبعينيات بالذات ، يعتبره البعض جيل الوسط ، وهو الجيل الذي بدأ من الجامعات تحت مسمى الجماعة الاسلامية قبل أن ينضم للاخوان ، و هذا الجيل مر بمحنة اعتقال القيادات هو الآخر فيما بعد لكن بصورة مخففة بجوار المحنة المرعبة السابقة ، كما أن هذا الجيل أكثر نشاطاً و انفتاحاً سواء اجتماعياً (داخلياً) أو غربياً.
مكان جيل (الجامعة و الجماعة) حالياً في المراكز التنفيذية الكبرى في الدولة المصرية و الجماعة و الحزب ، بل و حتى في بعض المعارضة الاخوانية المنشقة.
4) جيل الصحوة الثانية: الثمانينات و التسعينات ، كما لاحظ عناني بعبقرية ، هذا الجيل أكثر تمسكاً بالمعاني الاسلامية الأصلية لجيل البنائين و أكثر تشبثاً ببناء التنظيم المتماسك و الحفاظ عليه بصرامة ، و يعتبر هذا الجيل هو جسد الكيان الحقيقي الذي وصل به جيل (الجامعة و الجماعة) الى السلطة في مصر ، حيث أفادت صرامته التنظيمية في الحفاظ عليه من ضربات الأمن القاصمة طوال العقد الأول من الألفية الجديدة.
هذا الجيل منتشر في أعضاء البرلمانات و الوزراء و من المتوقع استمرار توغله في المحليات و السلطات التي لا توجد فيها قيادة رئيسية.
5) جيل الثورة : لم يذكره عناني لأن تقريره كان قبلها ، و يمكن تقسيم هذا الجيل الى جزء نشيط جداً رحل بعض أبرز العقول فيه بعد الثورة بسبب أزمة التيار المصري و التناقضات التي سرت في مواقف الاخوان المتلاعبة ، و جزء آخر صمد مع الجماعة لكنه غير بارز بشكل عام منتظراً مستقبل أفضل في الاطار التنظيمي الذي يبدوا الآن أكثر تهلهلاً من السابق لغياب السبب الرئيسي ( المشكلة الأمنية).
ينتشر هذا الجيل في الفعاليات الشبابية و التنظيمية لكنه بشكل عام بعيد فعلاً عن (الدعوة) على عكس ما كان الجيل السابق له.
6) جيل المتمكنين: جيل أبناء القيادات الرئيسية الكبرى! وهذا الجيل الشاب بدأ ينتشر بصورة خفية بعد الوصول للحكم لمعاونة قيادات الجيلين الثالث والرابع لتخوفهم من عدم وجود مساندة حقيقية مستمرة في الأزمات والضربات المتتالية .. وفي رأيي يعتبر هذا الجيل بالذات هو المقصود بالتقرير لا جيل شباب الجماعة بكل طبقاتها.
إذن فحسب التقسيمة الجديدة يصبح الجيل السادس هو المستهدف بالتفكيك و الاسالة في النظام العالمي و حلقة الوصل بين أمريكا و الاخوان ، بسبب أن النظام العالمي لا يثق اطلاقاً في كافة الأجيال السابقة حتى و ان تعاون معها حالياً .. كما أن الأجيال السابقة للجيل السادس صعب جداً تشريبهم مفهوم (المابعد اسلامية) المطلوب.
إذن ما هو مفهوم (المابعد إسلامية)؟ وما خطورته؟
فلنترك التقرير يقوم بالتعريف أولاً:
" ما بعد الاسلامية post-Islamism هو مفهوم صاغه اصف بيات في ايران ، و يصف به الحركات الاصلاحية التي ظهرت في ايران بعد عام 1990 وهي محاولة جاهدة لمزج التدين و الحقوق ، الايمان و الحرية ، الاسلام و التحرير.
انها محاولة لقلب النظريات الأساسية في الاسلام رأساً على عقب بتأكيد الحقوق بدلاً من الواجبات ، التعددية مقابل وجود سلطة واحدة ، الصفة التاريخية (للدين) بدلاً من (الاعتماد) على النصوص الثابتة ، المستقبل بدلاً من الماضي "
جميل؟ إذن تابع القادم :
" اوليفير روي و جيليس كيبل أضافا أيضاً لهذا التعريف مفاهيم أخرى :
ظهور مجموعات معتدلة ذات عقلية اصلاحية يؤشر على فشل المشروع الاسلامي التقليدي ، حيث فكرة اعادة انشاء (دولة اسلامية) ..
دراستهم ركزت خاصة على دور ( المابعد اسلاميين) في تهميش تلك الجماعات المطالبة بعودة الخلافة أو استخدام القوة لتحقيق هدفهم ..
كذلك أكد روي و كيبل أن (المابعد اسلاميين) يعانون من (الوعي الزائف) ، لأنهم عن غير قصد يطورون أجندة علمانية عن طريق زحزحة الدين الى الجانب الخاص/ الشخصي فقط "
فأي حزب مصري يا ترى رأى فيه التقرير أفضل مثال لنظرية ( المابعد اسلامية) ؟
نعم !
انه التيار المصري ..
والتيار المصري حزب شيق بالنسبة لهم يدور عليه التقرير كله ، فاعضائه كانوا من شباب الاخوان (و هي الشريحة المطلوب استخدامها و قولبتها في التقرير) و أطروحتهم تقول بتجاوز الأيدولوجيات و ترفض خلط الدين بالسياسة و عشرات الأفكار العلمانية .. كما أنه حتى
" اسم حزب التيار المصري نفسه مشتق من اسم كتاب (نحو تيار اساسي للأمة) للمفكر الاسلامي طارق البشري ، الذي وصف المجتمع المصري بأنه :متدين (بطبعه) لكنه غير مذهبي " و هو الكتاب الذي دار حول فكرة اسقاط الحواجز بين الجميع و صنع توافق بين كافة الأديان و الأفكار الموجودة على أرض مصر للنهوض بها .. بتعبير آخر : هذا الكتاب هو أصل نظرية (التوافق) التي دار في فلكها الشعب المصري بعد الثورة ..
و يخلط التقرير خلطاً متعمداً في عدة مواطن بين شباب أبو الفتوح و حزب التيار المصري لأنه
" هناك تداخل بين وجهات نظر التيار المصري و أبو الفتوح " و كذلك فقد كان " منسق حملة أبو الفتوح الرئاسية في الصعيد هو محمد جمال ، و قد كان هو في نفس الوقت مرشح التيار المصري للبرلمان في المنيا ، كما أن محمد عباس ، القيادي البارز بالتيار المصري ، كان مشتركاً في فريق حملة أبو الفتوح الرئيسي " ..
ولو طبقنا معايير آصف بيات فهذه الأحزاب المنشقة تميل للاطروحات العلمانية بلا جدال ، أما ان طبقنا معايير اوليفيير روي و جيليس القاسية (و الواقعية) ، فهذه الأحزاب علمانية جداً لكنها فاقدة الوعي !
هذه المابعد اسلامية هي أحد أهم مطلوبات المرحلة القادمة لشباب الاخوان ..
لكن هل يصلح كلاً من الوسط و التيار المصري و حملة أبو الفتوح و غيرهم ، للعب الدور الرئيسي سواء في تفكيك أطروحة الاخوان أو ربطهم بالنظام العالمي ؟
بالتأكيد لا !
لأنه
" بينما الأحزاب المنشقة عن الاخوان أقرب الى التصرفات الغربية في التعامل مع الحرية الدينية و الديمقراطية و (تحرير/ تمكين) المرأة ، فان قدرتهم على أن يصبحوا شريكاً لعملية (الارتباط ) محدود بعقبتين رئيستين :
1) لامكانية وجود حساسية في هذه المجموعات من فقدان شرعية سبب ارتباطهم بالغرب .
2) و لأن تأثيرهم السياسي يبدوا بالياً اذا قورن بتأثير هؤلاء الذين من حزب الحرية و العدالة . "
ثم يمضي التقرير في التدليل على الشعبية المتدنية بصورة مثيرة للسخرية لأي حزب منشق بجوار حزب الحرية والعدالة معتمداً على نتائج انتخابات برلمان 2011 .
نلاحظ هنا أن الناس لا يرغبون في اضاعة وقتهم ، صحيح أن أحزاب الوسط و أبو الفتوح يمثلون أملاً كبيراً لقربهم الشديد من مفهوم (التيار المصري) الذي يعتبره التقرير الهدف الأسمى : ( ما بعد الاسلامية) .. الا أن هذه الأحزاب لا فائدة من استخدامها كأداة ربط و اتصال في (العقد المزدوج) العالمي بين أمريكا و النظام الاخواني المصري ، لأنه سيكون من المبرر خروج عشرات الشباب و القيادات من جماعة الاخوان للمشاركة في مؤسسات عالمية و أمريكية كجزء من النظام يؤثر فيه فعلاً و لا معنى لانعزاله عن المحيط العالمي ، لكن ما هو مبرر الارتباط الغربي المباشر الذي سيقدمه شباب الوسط أو أبو الفتوح أو التيار المصري لارتباط امريكي وثيق و مباشر و هم خارج السلطة ؟
كما أن النقطة الثانية أكثر حسماً : ما وزن هؤلاء و ما تأثيرهم في مصر ؟ انهم خارج السلطة و من شبه المستحيل تقليل الفارق الجبار مع الاخوان .. فلماذا يتم استخدامهم في مشروع الربط ؟
منطق نفعي و عملي للغاية ، ان المشاريع السابقة يعترف الغرب أنها قريبة جداً منه فكرياً و تحقق النمط العقائدي المطلوب لديهم ، لكنها للأسف مشاريع فاشلة على أرض الواقع من حيث الشعبية و الشرعية ، فبرغم المجهود الذي سيتم بذله مع شباب الاخوان ، الا أنه سيثمر مستقبلاً بالتأكيد لأنه
"
جناح الشباب لن يكون فقط طريقاً هاماً لتوسعة عملية (ارتباط) الولايات المتحدة مع الاخوان ، لكن لأن أعضاء الجماعة سيصبحون في النهاية قادة منظمة قوية في دولة محورية بالنسبة لاهتمامات الولايات المتحدة الاستراتيجية "
هكذا بكل صراحة يوضح التقرير أحد أهم الأسباب لكتابته : انظروا لشباب الاخوان ، هؤلاء هم قادة مصر مستقبلاً ، المجهود المبذول معهم لقبول نمط (المابعد اسلامية) سيثمر حتماً لأنه سيتزامن مع عملية الربط (العقد المزدوج) بين الولايات المتحدة و الاخوان .. و هي عملية ربط ستكون مغطاة تماماً و غير واضحة لأنها ستصبح بين أنظمة حاكمة من الطبيعي أن تتحاور و تتبادل الخبرات الشبابية و المسئولين ، لا بين مجموعة خارج المشهد تماماً لا عذر لها في اللقاء مع الأمريكان أو كما يذكر التقرير " بمجرد انتقال جماعة الاخوان من المعارضة الى الحكم ، الارتباط مع الولايات المتحدة أصبح حقيقة من حقائق الحياة " !
فما هو اذن السبب الحقيقي الرئيسي لعدم قبول القادة الحاليين مستقبلاً ؟
حماس !
نعم .. تنظيم حماس هو السبب الرئيسي في هذا القلق الأمريكي الدائم من احتمالية فساد علاقتها مع الاخوان في أي وقت ..
ان جماعة الاخوان تبدي تلهفاً لاحظه الأمريكان جداً على الاندماج في النظام الاقتصادي العالمي و تساهلاً كبيراً في قبول قرض صندوق النقد الدولي " لم تبده باقي الأحزاب المشاركة في العملية السياسية" ، و بالتأكيد في عقل الاخوان ذلك التصور الخاطئ الذي يؤمنون به أن في مقدورهم بسهولة تكرار التجربة التركية في مصر ، متجاهلين ما لا يمكن لأمريكا و اسرائيل تجاهله : (دور حماس كجماعة ارهابية يدعمها الاخوان ) و هو أمر لا يوجد في المعادلة التركية أساساً ..
لأردوغان الحق أن يهاجم اسرائيل كلامياً بلا أفعال بينما جيشه يتعاون معها ، لكن ماذا عن دعم الاخوان الملموس لحماس خاصة بعد فقدان الأخيرة لمركزها في سوريا ؟
لا يمكن فصل الجماعة المصرية عن حماس أو ايقاف تقديمها الدعم العسكري اللوجيستي لها ، و أمريكا تتفهم هذا للغاية ، لذا فقد استغلت أن قادتها " المشاركين في الاجتماعات المصرية الأمريكية لاحظوا أن مسألة الاقتصاد المصري هي الطاغية بصورة كاسحة على نقاشات الاخوان " فيبدوا أنهم يلاعبونهم بهذه النقطة مقابل تعديل فكر (حماس) كما لاحظ أحد المحللين " اما ان حماس ستجعل جماعة الاخوان راديكالية أصولية ، و اما الاخوان سيجعلون حماس معتدلة ، خاصة أن الأخيرة تدرك أن هذه فرصة سانحة لا مثيل لها للاخوان في المنطقة " .
اذن فهم قلقون من الاخوان لهذا السبب الرئيسي ، و يدركون صعوبة تغيير مسألة دعم الاخوان لحماس ، و هذا يزيد من احباطهم المستقبلي من هؤلاء القادة الحاليين لعدة أسئلة مثل " ماذا لو قامت حرب بين حماس و اسرائيل و دعم الاخوان حماس بالكلام ؟ ألن يجعل هذا اسرائيل تتأفف و تشكو ؟ ماذا لو انتقلت مكاتب حماس الى القاهرة ؟ "
هذه الأسئلة اجاباتها معروفة مع القيادات الحالية ، لذا فالأمل في الشباب !
انهم يتفهمون رضوخ الاخوان و تخوفهم من ضغط جهتين داخليتين هما " الجيش و السلفيين " لدرجة أنهم " يتأثرون بهاتين الجهتين أكثر من النقاشات مع أمريكا " و هو ما يجعل أمريكا متفهمة الى حد كبير المشاكل التي يواجهها الاخوان في " المسائل الاجتماعية التي اعتبرتها كلينتون خطاً أحمر و هي المرأة و الحرية الدينية للأقليات " أي أن أمريكا يمكنها أن تغضب من تباطؤهم لكنها تتفهم كذلك عدم قدرة الاخوان على تقديم الكثير في هذين المجالين بالذات طالما تواجد السلفيين في المشهد السياسي .. لكن ما تخاف منه حقاً و في قمة أولوياتها (أمن اسرائيل) يقتضي تفكيك حماس كجناح مسلح ، و هو ما لا يبدوا ممكناً مع الجيل الحالي ..
لهذا يظل الأمل في الجيل السادس ..
لكن .. هل هي شراكة حقيقية أم تفكيك ؟
ان تفحص لهجة المقال الدراسية المتلهفة لتجميع قدر معقول من المعلومات عن (مفاصل) جماعة الاخوان من أجل مزيد من البحث الاستخباراتي مستقبلاً قد يعني أمراً خطيراً :
أن أمريكا بصدد تفكيك جماعة الاخوان المسلمين المصرية بالذات !
تأمل مثلاً - بعد وضع سياسة فرق تسد التي يؤمنون بها في الاعتبار - محاولاتهم الجادة للتعرف على كل مواطن التقسيم الممكنة ، تقسيم الأجيال و الصراع بينهم ، تقسيم الاخوان الريفيين عن اخوان المدن الكبرى خاصة (القاهرة و الأسكندرية) و الاهتمام بملحوظة القائد الاخواني الذي ذكر صعوبة السيطرة على اخوان المدن الكبرى مقارنة باخوان المحافظات ذات الطابع الريفي ، لاحظ هذا العنوان الفرعي الموحي مثلاً " العوامل التي تؤدي الى انقسامات الأجيال خلال التنظيم " وكيف أن " القيادات زادت من حواراتها مع الشباب عارضين عليهم جزرة الاصلاح الداخلي مقابل عصا الطرد الانتقائي " و صفحات عديدة ناقشت كيف يتعامل التنظيم مع المنشقين و أسباب انشقاقهم ..
لكن التقرير عندما يصل الى قرب النهاية يذكر الغرض الخفي التفكيكي صراحة قائلاً " لقد وضح في هذا التقرير أن انقسامات الأجيال و اختلاف وجهات النظر في أمور السياسات الاجتماعية والحكومية ليس من المحتمل أن يفتت (fracture) جماعة الاخوان أو يتحدى الشكل الهرمي التسلسلي فيها خلال المدى المنظور " لهذا فالبحث يهتم بالجيل السادس الشاب بالذات كمحاولة منهم لفهم ذلك " الجانب الشاب من التنظيم الذي يمكن أن يصبح لاعباً مؤثراً في رسم مستقبل التنظيم " !
و لماذا يقومون بتغيير هذا التماسك - الصعب تفتيته حالياً - عن طريق الشباب ؟
نعم ! لتفكيك الجماعة مستقبلاً !
ان ما يبدو شراكة حالية بين القيادات الأمريكية و قيادات الاخوان ، لا يجعل أمريكا واثقة فيهم اطلاقاً للعمل بشكل (اوتوماتيكي) بعيداً عنها و عن تدخلاتها ، أو بتعبير آخر " (السؤال هو) كيف لصناع القرار السياسي (الأمريكان) أن يقوموا بربط هذا اللاعب المحوري (جماعة الاخوان) للاتصال في النقاط الحساسة التي تقلق الولايات المتحدة (من غير اسرائيل و الجهاديين ؟) و كذلك فهم الطبيعة التركيبية لهذه المنظمة ؟ " ..
ان التقرير مهتم بفهم التنظيم داخلياً ، مهتم بفهم تركيبته وصراعاته و مفاصل التفكيك التي يمكن الدخول منها ، ففي النهاية مصلحة أمريكا تقتضي تفكيك ( أو بلغة التقرير : تفتيت/ تكسير) التنظيم الحالي على المدى البعيد ، لكن هل ترى جماعة الاخوان خطورة ما تفعله الولايات المتحدة أو تبدي رفضاً للتعاون معها ؟
أبداً ! بل على العكس !
فهذا التقرير البسيط مثلاً ، والذي جمع بطريقة علنية بحثية عادية للغاية لا وسائل استخباراتية معقدة ، قام باحثيه بمقابلة " 14 شاب اخواني سابق أو حالي " كما أن لقاءات مع القيادات الحالية أو السابقة تمت للتعرف التفصيلي عن التنظيم و تاريخه !
تخيل مثلاً المزيد و المزيد من البحث فيما هو قادم و الذي سيقدم فيه الاخوان طواعية المزيد من التفسير ، وتخيل حجم المعلومات التي سيحصل عليها الأمريكان بطرقهم السرية ، لتعرف حجم الدراسات الخفية التي تُعد الآن عن هذه الجماعة و بالتالي الطرق المتنوعة لتفكيكها أو (تفتيتها) !
ان مرحلة الدراسة أساسية ولا استغناء عنها و لاتوجد دولة امبريالية لا تقوم بها مع الدول الواقعة تحت نفوذها كبداية لتفكيك التنظيمات و المؤسسات القوية المتماسكة الموجودة فيها .
فهل جماعة الاخوان الحالية راضية بهذا التفكيك القادم ؟ صحيح أن التفكيك سيترافق مع المزيد من (السيولة) الدولية و (الاندماج) في مؤسسات النظام العالمي المالية و الاقتصادية والسياسية بكل ما يقدمه ذلك لهم ولأبنائهم من منافع دنيوية .. لكن ماذا سيكون الفارق اذن وقتها بينهم و بين من كان قبلهم ؟ ألن يصبح هذا تخلياً عن شعاراتهم و مبادئهم التاريخية في صنع قوة اسلامية أستاذ للعالم ؟ فأي قوى ترجوها و أنت تنغمس مع عدو يقوم بتفكيكك ؟!
ثم يجئ السؤل الأخطر ان نظرنا للتقرير من اتجاه آخر :
ماذا لو لم يكن الغرض هو (التفكيك) ؟
اذن تصبح هذه الدراسة هي مجرد فحص لمتانة مفاصل (الأسرة الحاكمة) المصرية الجديدة !
هكذا يصبح الأمر أشد خطورة و كارثية !
و بالفعل قراءة التقرير بهذا التصور يجعلك تفاجئ بأن أحد أهم مظاهر خطورة نوايا التقرير و لهجته التي ستتغير في هذه الحالة .. أنه يتعامل مع جماعة الاخوان كأنها الأسرة الملكية التي ستحكم مصر طوال الزمن القادم !
انه لا يتعامل معهم على أساس انهم حزب قد يرحل بعد سنوات قليلة بلا رجعة ، بل يتعامل كأسرة ملكية من الواجب تنميط ابنائها في مدارس العولمة كي يقوموا بواجباتهم القادمه عندما يصبحون قيادات (ويتسلمون السلطة؟!!)
و الخطر في هذا التعامل و الرؤية من جانب أمريكا ، انها ستتسرب الى الاخوان لا محالة و سيعززون مواقعهم في المناصب العليا للطبقة الارستقراطية الحاكمة في الاخوان (أبناء جيل المحنة و الجامعة) و قد يصبح من الصعوبة بمكان محاولة منافستهم بشراسة او خلعهم من أماكنهم هذه خاصة انهم سينظرون للأمر انه تهديد بفقدان أكبر جائزة للجماعة في تاريخها العالمي : (ملك مصر) و هذا الفقدان سينظر له بالتالي بنظرة تراثية اخوانية بحتة ستعتبر هذا تهديداً لفقدان أهم حلقة في حلقات بناء الامبراطورية الاسلامية المنشودة و (أستاذية العالم) مما سيجعله أمراً غير مقبول على الاطلاق و نكسة كبرى لمشروعهم التاريخي !!
ان التقرير أوضح أهتمام أمريكا اللامحدود بهذه (الأسرة الملكية الحاكمة الجديدة) !
فهو يرى أن من أهم الأسباب " الاتصال مع منظمة لها مثل هذه الشعبية يمسح الانطباع السئ المنتشر في العالم العربي عن أمريكا بسبب احتلالها للعراق " و كذلك " الاخوان يمثلون فرصة للربط و الدعم مع الجماعات المعتدلة الرافضة لاستخدام القوة كي يجابهوا الحركات الأصولية التي تبدوا أنها تغزو المنطقة " .
و هو ما يعني أن أمريكا ستزيد من توريط الأسرة الحاكمة معها بالضغط عليها مستقبلاً لمجابهة أي تنظيم أصولي ،والأصولية عندهم لا ترتبط ضرورة باستخدام العنف ، فحازم و أتباعه مثلاً لن يتم وصفهم الا بالأصوليين المتشددين ، مما يزيد من خطورة الصدام العنيف بين الجيل السادس و قياداته مع الأجيال الاسلامية الأخرى الناشئة ذات الشعبية الكبيرة ..
أخيراً .. هذا مختصر للنصائح المُقدمة للتعامل مع المشهد الحالي و الجيل السادس بشكل خاص :
1) " فلنفهم الانقسامات الاخوانية ، لكن لا نلعب بها " !
فليست هناك فائدة مرجوة من هؤلاء المنشقين الذين لن يلعبوا دوراً في المشهد السياسي ، كما أن هؤلاء المعترضين على الجماعة لأسباب اجتماعية ( لا اسلامية) أو ( تحرير المرأة و حرية الأديان) لا فائدة حقيقية منهم في الحقول السياسية المهمة والخطيرة لأمريكا !
فلا تعامل جدي معهم برغم كونهم متحدثين لبقين ، و لا محاولة لاظهار الاهتمام بشخص دون آخر في الجماعة ، بل لابد أن يحذر المسئولين الأمريكان في هذه المسألة بالذات و التعامل مع الجميع بعدم اهتمام (تمييزي) ..
كذلك فتعامل قائد سياسي مصري صراحة مع أمريكا من الممكن أن يقوض مصداقيته لدى شعبه ، الحذر جداً و الذي سيعتبر ذلك التعاون دلالة على تكوينها لطبقة نخبة عميلة جديدة .
فالحذر من اللعب أو السعادة بهذه الانشقاقات ، فقد تتحول الى طلقات نارية مرتدة في صدورنا تهدم خططنا المتقدمة ..
2) "حولوا لقاءات (الدمج) بين الاخوان و الامريكان ، و خاصة لقاءات أعضاء الكونجرس و البرلمانيين الاخوان ، الى أمر منظم و روتيني ، لتقليل تسييس هذه اللقاءات " .
" فكلما زاد تطبيع هذه اللقاءات و الاتصالات ، كلما قل تهديد الهجوم على الولايات المتحدة الأمريكية و سياساتها و سينظر لها على أنها لقاءات دبلوماسية عادية " .
" ادارة أوباما وصلت الى أعلى درجات الاتصال ، فمن المفيد الفترة القادمة أن يزيد لقاء أعضاء الكونجرس مباشرة بأعضاء جماعة الاخوان ، خاصة ان قمنا بعمل برنامج تبادل برلماني بيننا و بينهم يزيد من اثبات الصدق و البراءة "
!
3) " وسعوا درجات الاتصال الى المستويات الشعبية ، استهدفوا قادة الشباب و نشطاء اتحادات الطلبة ممن هم خارج المدن الكبرى . "
" برغم أن اللقاءات مع الشخصيات الرئيسية لقيادات الاخوان كانت متعددة منذ 2011 ، الا ان النزول لدرجة قادة الشباب الواسعة و العريضة لازال أقل من المطلوب "
" السفارة الأمريكية في القاهرة قامت ببعث موظفين لكافة أرجاء مصر (خارج القاهرة والأسكندرية) و قامت فعلاً بتوسعة الربط مع مؤسسات دينية ، لكن كما لاحظ أحد المحللين : اننا بحاجة الى الربط مع الشباب الناشطين و الصاعدين من الاخوان الذين هم غير ظاهرين حالياً في برنامج الربط الجاري مع الولايات المتحدة "
" المستهدفون من المجموعات (الاخوان) هم قادة الطلبة و التلاميذ و النشطاء الشبان الذين يساعدون في تنظيم الانتخابات المحلية "
" الطريق الأسهل للاتصال دون معارضة (اخوانية) يكون عن طريق لجنة الشئون الخارجية في جماعة الاخوان المسلمين ، و هي الجسد الرئيسي لمجموعة من الشباب خريجي جامعات تتحدث الانجليزية ، يتم اختيارهم على أساس كفائتهم في استخدام الانجليزية ، و تآلفهم مع الثقافة الغربية ، و ارتياحهم للجمهور الغربي .. وهذه بداية جيدة لكنها غير كافية "
" شباب الاخوان و الحرية و العدالة منخرطين في عمل الشارع و الجامعات ، لذا فلابد من التأثير على قادتهم المشهورين بحسن الخطابة و النقاش ، للتأثير في كافة الشباب لقبول سياسات عملية الدمج (الاخواني - الأمريكي) .. "
و .. يكفي هذا من هذه النقطة !
4) " صناع القرار السياسي في أمريكا عليهم عدم صنع برامج جديدة تستهدف شباب الاخوان فقط بوضوح كيلا يظهر تفضيل أمريكا للاعب واحد في المشهد السياسي المصري . بدلاً من ذلك عليهم استخدام برامج التوعية الحالية القادرة على الوصول لشباب الاخوان "
" مثلاً : البرامج الحالية لاعداد القادة يمكنها المساعدة في التعرف على قادة الاخوان المستقبليين من الشباب الحالي و اعطائهم برامج خارجية في الولايات المتحدة خاصة عن طريق مؤسسات مثل MEPI التي تملك برنامج لقادة الطلبة كمثال "
" قادة الاخوان كان لديهم اهتمام بتعلم كيفية مخاطبة الجمهور الغربي بصورة أفضل ، و هذا سبب للاعتقاد بأنهم سيكونون متجاوبين لفرص دراسة شباب الاخوان في الولايات المتحدة "
" مرسي و قنديل نفسيهما أخذا شهاداتهما من جامعات أمريكية "
و يمضي التقرير في شرح برامج أخرى قائمة بالفعل يمكن ادخال شباب الاخوان منها للذهاب الى أمريكا (للتنميط) .
5) " لابد من بناء الثقة مع قادة الاخوان و زرعها في نفوسهم لقبول (حصولنا على شبابهم) فالتنظيم الهرمي للجماعة لا يسمح للشباب و القيادات الصغرى بالتحرك الا باذن من القيادات الكبرى .. "
هكذا تنتهي النصائح و ينتهي التقرير ، و هذا هو المُعلن ، فما بالك بالتقارير الاستخباراتية السرية التي تقدم توصيات أكبر للتعامل مع الجماعة ؟
ان هذا التقرير المعلن في الغالب هو قمة جبل جليد ظاهرة فوق الماء قد يحسبها قادة الاخوان و شبابها أنها مجرد بقعة ثلجية يمكن لسفينتهم التغلب عليها أو تجاهلها ، لكن الأمر يتعدى مرحلة الخطر بالنسبة للاخوان .. انهم على رأس دولة (محورية) لا غنى للعالم الغربي عن خضوعها .. فاما أن يكفوا عن الاندماج مع أمريكا بهذه القوة ليتحملوا تبعات هذا التي مهما كانت مؤلمة لن تزيد عما قاساه (جيل المحنة) فيوقفون تفكيك اطروحات الجماعة و تراثها ، واما يقبلون الذوبان في النظام العالمي الذي بدأ فعلاً في وضع خطط خطف شبابهم منهم ..
الجيل السادس الاخواني الآن في مفترق طرق ، بين نعيم الدنيا مجازفين بالتفكيك أو التمكين كأسرة عربية ملكية حاكمة بالوراثة و دائرة في مصالح أمريكا ، واما الصبر و التحمل على المجهول المقدر بين يدي الله ..
و مصيرهم في أيدي القادة الحاليين ..
و الله فوق الجميع ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.