اطلعت على تقرير مجلة "إيكونوميست" البريطانية، الصادر في 6/8/2016، والذي أغضب الحكومة المصرية، وحمل وزير خارجيتها على أن يصدر بيانًا للرد على المجلة. واستهلالاً.. فإن التقرير تحدث عن أرقام ومعلومات، وكلها معروفة ومتداولة سواء في مصر أو في خارجها.. ولم يخترع شيئًا جديدًا.. فيما تظل مشاعر السخط المتنامية من تردى الأوضاع الاقتصادية وقسوتها على محدودي الدخل، وعلى الأغنياء كذلك، دليلاً يضاف لصالح "إيكونوميست" وليس لصالح الخارجية المصرية. وفى تقديري أن غضب القاهرة، لم يكن بسبب فحوى التقرير، وإنما بسبب بعض الكلمات "الخشنة" الماسة ب"كفاءة" الرئيس عبد الفتاح السيسى.. أو بتوصيف ما حدث في 3 يوليو 2013.. وكذلك "نصيحة" التقرير للسيسى، بألا يرشح نفسه لفترة رئاسية ثانية في انتخابات 2018. والحال أن ترك حجة التقرير المعلومات والأرقام الواردة فيه والمماحكة في النيل من الشخصيات، سواء المجلة ووصف تقريرها ب"الركيك" والمبتذل، أو أنها نالت من شخص الرئيس السيسى.. يعتبر منحى لاتباع سبيل المغالطات، للشوشرة وصرف الانتباه بعيدًا عن الفحوى الحقيقي وحجيته.. وهى أيضًا ليست في صالح القاهرة ولكن لصالح "إيكونوميست" البريطانية. ملاحظة أخرى لا تخلو من الشعور بالتوتر وعدم الثقة.. إذ لأول مرة نجد دولة كبيرة أو حتى صغيرة، "تهتز" و"ترتبك" بسبب تقرير نشر عنها في صحيفة أجنبية، إلى حد أن تأمر وزير خارجيتها بالرد والتعقيب. ما أعرفه وأتوقعه، أن تشتبك الدولة في تلاسن متبادل مع دولة مثلها، وليس مع مجلة أو صحيفة.. فهذه أمور تترك للكتاب والمحللين من خارج الأطر الرسمية للدولة.. وهو خطأ "دبلوماسي" يشير إلى أنه ربما يكون صادرًا من جهة ما، ليس لديها أي خبرة بالتقاليد السياسية والدبلوماسية، التي تحفظ للدولة نديتها وهيبتها، وتعصمها من الانزلاق إلى ممارسات تتسم بالخفة، لا يتورط فيها إلا السياسيون الهواة. ولا أدرى لم كلفت الخارجية للرد على مجلة بريطانية؟!.. ولم لا تكلف السلطة، أذرعتها الإعلامية للقيام بالواجب؟! فهل استشعرت بأن العالم لم يعد يثق في هذا الإعلام "البهلواني".. فاتجهت إلى الخارجية للرد والتعقيب؟! ملاحظة أخيرة، كشف عنها هذا التوتر والغضب الحكومي من "إيكونوميست".. فما كتبته الأخيرة يظل في حدود "حرية الرأي".. ورد الفعل المصري الغاضب حيالها، يؤكد ضيق النظام الحالي بحرية الرأي والصحافة والإعلام.. وإذا كانت القاهرة تفعل ذلك مع مجلة أجنبية تصدر في لندن.. فماذا نتوقع منها إزاء الصحف والمجلات التي تصدر في القاهرة، لا يروق للحكومة ما تكتبه من نقد لسياساتها؟!
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.