فى حواره لبرنامج " الحياة اليوم " – أول أمس - أعلن أسامة هيكل رئيس لجنة الإعلام والثقافة والأثار بمجلس النواب والقيادى البارز بإئتلاف ( دعم مصر ) أن الحكومة لم تقم حتى الآن بإرسال إتفاقية ترسيم الحدود الموقعة بين مصر والسعودية والخاصة بجزيرتى تيران وصنافير الى البرلمان حتى الآن .. والسؤل الآن هو : ومتى ستتم إحالة هذه الإتفاقية للبرلمان حتى يقوم بدوره الدستورى فى هذه القضية ؟ وهنا نطرح سؤالاً جوهريا ً وشائكاً هو : ماذا سيحدث لو وافق مجلس النواب على الإتفاقية بينما أيدت المحكمة الإدارية العليا حكم محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار يحيى دكرورى، نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشار عبد المجيد المقنن، بببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية، الموقعة فى أبريل سنة 2016 المتضمنة التنازل عن الجزيرتين للمملكة ، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم المصرى، وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة المصرية عليهما. والسؤال الأهم : لمن ستكون الكلمة النهائية فى هذه القضية : هل للبرلمان وفقا للدستور أم لحكم القضاء ؟ وفى تصورى الخاص أنه يجب أن يتم منذ الإعلان وضع سيناريو كامل للتعامل مع تلك القضية فى حال حدوث هذا السيناريو وهو أمر غير مستبعد ؟!! . وهنا نكشف عن مفاجأة تؤكد أن حدوث هذا السيناريو الخاص برفض التنازل فى النهاية عن الجزيرتين قائم وموجود بالفعل , والدليل على ذلك أن السلطات السعودية نفسها تعلم ذلك جيداً ووضعته ضمن حساباتها , بضمان حرية الملاحة في خليج العقبة أمام السفن الإسرائيلية المتجهة من وإلى إيلات.
من ناحية آخرى .. كشفت الدراسة التى صدرت مؤخراً بعنوان ( المسئولية الدستورية: كيف يتعامل البرلمان المصري مع اتفاقية "تيران وصنافير"؟ أنه من المحتمل أن تنتقل حالة المبارزة بالوثائق والخرائط التي حدثت على صفحات التواصل الاجتماعي بين الموافقين والمعارضين على الاتفاق إلى ساحة مجلس النواب، خاصة في الجلسات التمهيدية التي قد يعقدها المجلس قبل جلسة التصويت العامة على الاتفاق، وفي إطار التجربة العملية للمجلس حتى الآن، هناك العديد من المسارات التي من الممكن أن يأخذها التصويت على اتفاقية ترسيم الحدود، ومنها: - اتفاق جميع أعضاء "ائتلاف دعم مصر" وعدد من النواب الحزبيين على تمرير الاتفاقية، باستثناء نواب ائتلاف 25-30 وبعض المستقلين وبعض النواب الحزبيين. وهذا قد يمثل السيناريو الأرجح ، لكن لكي يكون مقبولا بشكل واسع لدى الرأي العام فيجب أن يقوم البرلمان قبل التصويت بعقد لجان من خبراء ومتخصصين تُعلن ما تتوصل إليه لحسم الصورة أمام المواطنين، مع الاستعانة بكل من لديه مستندات ووثائق من الرافضين للاتفاقية من خارج البرلمان، وضمهم للجان وفقًا لما تؤكده اللائحة الداخلية للمجلس التي تقر باستعانة المجلس بخبراء من خارجه. و من الناحية الدستورية، فبموافقة البرلمان تصبح اتفاقية ترسيم الحدود نافذة؛ لأن موافقة مجلس النواب تُعتبر تصديقًا عليها، وبالتالي لا تتطلب استفتاء من قبل الشعب، لأنه في هذه الحالة يعتبر البرلمان توصل يقينًا إلى ملكية الجزر للسعودية والإدارة كانت فقط مصرية. وفي هذه الحالة، تطبق الفقرة الأولى من المادة (151) من الدستور التي تفسرها المادة (157) والمادة (1) من الدستور، حيث يقران بأن "رئيس الجمهورية يدعو الناخبين للاستفتاء في المسائل التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وذلك بما لا يخالف أحكام الدستور التي تعني -وفقًا للمادة الأولى- جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة، لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شيء عنها. - حدوث انقسامات داخل ائتلاف "دعم مصر"، وعدم قدرة الأحزاب الكبيرة من السيطرة على نوابها، تنتهي برفض الاتفاقية. وهذا السيناريو يتحقق إذا تزايد معدل انعكاس الخلاف الموجود في الشارع على البرلمان، ولم يحسم حتى الجلسة العامة المقرر فيها التصويت النهائي على الاتفاقية. وفي حالة رفض الاتفاقية -وفقًا لهذا السيناريو- لا يُجرى استفتاء شعبي أيضًا، لأن الاتفاقية في هذه الحالة تصبح غير نافذة . في النهاية.. يمكن القول إن قدرة مجلس النواب على الإدارة الناجحة لهذه القضية يتطلب توصيل البرلمان رسالة واضحة بأن قراره سواء بالرفض أو بالقبول كان قائما على دراسة علمية دقيقة لكل بنود الاتفاقية والوثائق التي قامت عليها ، ويتطلب ذلك الاستعانة بكافة النتائج التي تصل إليها لجانه التي يعقدها، و المناقشات التي تجري خارجه، مع السماح بمشاركة كل من لديه وثائق تتصل بقراره النهائي.