أثار خطاب الجنزورى الذى ألقاه أول أمس ردود فعل واسعة، فبينما أيد بعض السياسيين ما قاله بشأن "العصيان المدنى" الذى اعتبره إسقاطا للدولة، عارضه آخرون باعتبار العصيان وسيلة سلمية للمطالبة بالحقوق. كان الجنزورى قد شبه ما يحدث فى مصر الآن بنكسة 67، وقال إن العصيان المدنى سيجعل سجناء "طره" يحتفلون لأنه إسقاط للدولة، وبينما أعلن فى مؤتمر صحفى زيادة المعاشات بنسبة 10 % لكنه قال إن ميزانية الدولة الآن لا تستطيع أن تلبى كل المطالبات الفئوية. ومن جانبه، رفض السعيد كامل رئيس حزب "الجبهة" رؤية الدكتور الجنزورى للعصيان المدنى باعتباره إسقاطًا للدولة، قائلا "إنما هو وسيلة سلمية من وسائل التعبير عن مطالب الثورة وهو وسيلة للثورة بعد أن رأينا حكومة عاجزة عن تحقيق مطالبها". وعلق على قول الجنزورى: "إن نزلاء طره سيحتفلون بسقوط النظام"، بالقول: "إنه من الأفضل للجنزورى أن يشغل نفسه بتحقيق مطالب الثورة وبتحقيقات جادة فى قضايا الفساد والمحاكمات واستشهاد 74 شابًا مصريًا بعضهم طلبة بالجامعات وقضايا الغاز وخلافه بدلا من الانشغال برموز النظام السابق" . واعتبر كامل وصف الجنزورى ما يحدث فى مصر الآن بأنه مثل نكسة 67 هو إهانة لثورة شعب مصر العظيمة. أما محمد محسوب، عضو الهيئة العليا ل"حزب الوسط"، فاستنكر وصف الدكتور الجنزورى للعصيان المدنى بأنه وسيلة لإسقاط الدولة واعتبره وسيلة سلمية للمطالبة بالحقوق لمن يعتقد أن له حقًا وأنه مظهر من مظاهر الدعوة للثورة فى الدول الديمقراطية وهذا لا يسقط الدولة وإنما يسقط الطرف الحاكم أو يلزمه ببعض التغييرات وتحقيق المطالب. وتابع قائلا: "إذا كان الجنزورى لديه الرغبة فى المحافظة على البلاد فعليه المساعدة فى تقصير الفترة الانتقالية"، معتبرا أن تحديد ميعاد تسليم السلطة لم يكن نابعًا من المجلس العسكرى وإنما فرض عليه نتيجة أحداث محمد محمود. وعقب على قرار زيادة المعاشات باعتبار هذا القرار مجرد مسكنات، وأنه نفس أسلوب النظام السابق الذى كان يطرح بعض المسكنات لتهدئة الناس فى مرحلة المشاكل، على حد قوله. وقال: "إن الشباب المحتج يعانون اقتصاديًا مثل باقى المجتمع لكنهم يضحون بكل ذلك من أجل تحقيق مصلحة أكبر وهى بناء دولة". على خلاف هذا، قال الشيخ عاصم عبد الماجد، المتحدث باسم الجماعة الإسلامية، "إن الجنزورى محق فيما قاله فالعصيان المدنى مرفوض والهدف منه إدخال مصر فى فوضى ". واعتبر عبد الماجد أن الساعين لذلك هم مجموعة من الأطراف الموالين للأمريكان والغاضبين جدا من محاكمة المتورطين فى قضية التمويل الأجنبى من المنظمات الأهلية وجماعة 6 إبريل التى وصفها بأنها فوضوية وتهدف لإسقاط الدولة. وأشار إلى أن كل القوى الوطنية والإسلامية، بالإضافة إلى الأزهر الشريف يرفضون العصيان المدنى انطلاقًا من حبهم لمصر. وأثنى المتحدث باسم الجماعة الإسلامية على موقف كمال الجنزورى من قضية المنظمات الأهلية، وقال إنه موقف وطنى يحسب له وللمجلس العسكرى حيث إنها المرة الأولى التى نعامل فيها الأمريكان الند بالند. وأضاف: "ما قام به الجنزورى من زيادة للمعاشات هو رد للحكومة على الشيوعيين الذين يزعمون أن الحكومة والمجلس العسكرى يراعون حق الأغنياء وهذا غير صحيح لأنه حسب المعلومات التى وردتنا فإن الزيادة سوف تحسب من مجموع الراتب وليس من أصل الراتب وهذه خطوة جيدة تعنى أن الزيادة الفعلية ستكون حوالى 30%". كما رأى الدكتور محمود غزلان، المتحدث الإعلامى باسم جماعة الإخوان المسلمين، "أن الجنزورى محق فى جزء العصيان المدنى لأنه هدم للدولة ويزيد الأمور سوءًا فى مصر أكثر مما هى عليه حيث إن الاقتصاد متدهور والأمن منفلت ولكنه حمل حكومة الجنزورى جزءًا من هذا التدهور الأمنى والاقتصادى، بالإضافة إلى تهريب الأموال ونقص الاحتياطى الأجنبى, واعتبر زيادة المعاشات أمرًا جيدًا فأى زيادة فى هذا الوقت حتى وإن كانت ضئيلة أمر رائع وأفضل من لا شىء حيث إن ميزانية الدولة فى حالة لا يرثى لها". وفى سياق متصل، قال النائب بمجلس الشعب عن حزب الكرامة الدكتور محمد إدريس: "إن ما قاله الجنزورى صحيح فالعصيان المدنى هو أعلى مراحل التمرد المدنى وما يعقبه مباشرة هو العنف". واعتبر أن العصيان كان سيكون أمرًا مرحبًا به لو أن مبارك لم يتنح، وقال: "الدولة تبنى مؤسساتها الآن ويمكن حل المشكلات دون عصيان لأنه هدم للبناء الذى تحاول الدولة القيام به وسيدخل البلاد فى طريق مسدود". وأشار إلى أن "الثورى هو الذى يعبر عن موقف شعبه ولكن ما يراد لمصر الآن أن تحدث مواجهات دموية بين أبناء الشعب الواحد لاسيما أن فتح ملف المنظمات الممولة من الخارج من الأمور التى أججت الوضع فى مصر لأن مصر يراد لها أن تظل تابعة للولايات المتحدةالأمريكية وأن تكون ضعيفة أمام إسرائيل وميزانية مصر أصبحت عاجزة وكل هذه الأمور ستزيد الأمور سوءًا وستجعل مصر ترضخ أمام أمريكا ونحن لم نقم بثورة حتى نصبح تابعين لأمريكا".