كشف معتقلون ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين وآخرون تابعون لهم، أنهم يمارسون "الدعوة" داخل السجون، ويخطبون سرًا في الجنائيين ومن وصفوهم بالمواطنين الشرفاء حتى يهتدوا، مشيرين إلى أن الأسوار لن تمنعهم من ممارسة دعوتهم ومنهجهم. الدكتور محمود شعبان، الأستاذ المساعد بقسم البلاغة والنقد بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، أكد أنه مارس "الدعوة" داخل المعتقل - وهو ليس إخوانيًا. وقال شعبان في حوار له منشور على "المصريون" إن "الجنائيين يقتربون منا ويسمعون لنا ويصلون ويعرفون الله وبعضهم تاب مما كانوا يفعلون، وكان هناك مواطنون شرفاء كانت الداخلية تستعملهم لإيذائنا، بعضهم أفصح لنا بذلك وطلب منا أن نسامحه". وأورد شعبان مثلاً على ذلك قائلاً: "لما أصبت بالجلطة بعد معاناة وتسع ساعات رحلوا بى لمستشفى اللومان وحجزونى به فى عنبر الجنائي وكان فيه 28 مريضًا بعد أن تكلمت معهم بدأوا يصلون وعن دينهم يسألون وبأسرارهم يبوحون فقالوا كنا نؤجر لضربكم وقتلكم فإذا بإدارة المستشفى تفصلهم عنى وتمنعهم من الاختلاط بى". من جهتهم، أكدت بعض قيادات الإخوان، أن السجون لن تمنعهم من ممارسة منهجهم القائم على "الدعوة" إلى الله وهداية المواطنين، ولو كلفهم ذلك الكثير- على حد تعبيرهم. في هذا الشأن، يقول الدكتور عز الدين الكومي، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، إن "الإخوان جماعة دعوية تربوية تتبنى منهج شمولية الإسلام وترفض رفضًا باتًا منهج الفصل بين الدين والدولة؛ لذلك لا يتخلى الإخوان عن موضوع الدعوة". وذكر الكومي ل"المصريون"، أن أحد معتقلى الإخوان أسلم على يديه ثلاثة معتقلين جنائيين محبوسين معه في الزنزانة. وأضاف الكومي: "كان بعض الإخوان فى زنزانة مع الجنائيين عبارة عن مترين في ثلاثة أمتار وكان عددهم 28 منهم مدرس لغة فرنسية مسيحي الديانة، اعتنق الإسلام بعد الفترة التي قضاها مع المعتقلين السياسيين وأقنعوه باعتناق دين الإسلام وصلى معهم وسرعان ما خرج من السجن فمات فى الطريق إلى المحكمة بعد صراعه مع المرض ومات على الإسلام"- بحسب روايته. وأوضح القيادي بالإخوان أن كثيرًا ما يتأثر السجناء بأنصار جماعة الإخوان المسلمين وتحسن أخلاقهم فيبدأوا فى ترك السجائر والعادات السيئة ويحافظوا على الصلاة". وتابع: "كما أنهم يُعلّمون الجنائيين محو أمية داخل السجن وعندما علم الأمن ومع كثرة الضغوط لم يجدوا حلاً بعدما عرفوا أن من يعامل أنصار مرسي والإخوان المسلمين، ويعلم فكرهم يقتدى بهم بل يغير ديانته فقاموا بعزلهم عن الجنائيين". وأردف أن "هذا ليس بجديد على جماعة الإخوان الذين حولوا سجن المحاريق بالوادى الجديد لما يشبه الجنة فيها الخضراوات والورود". ومضى بقوله: "هذا المنهج كان يسير عليه الشيخ عبدالحميد بن باديس الذى قال للمستعمر الفرنسى إن سجنتمونى أمارس الدعوة فى السجن وإن تركتمونى سأمارس العدوة فى المسجد والبيت والسوق والحافلة ومن قبل ابن باديس يوسف عليه السلام الذى مارس الدعوة وهو فى سجنه كما حكى لنا القرآن ذلك". من جانبه، أكد الدكتور أكرم كساب، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، ل"المصريون" أن "أصحاب الدعوات لا تمنعهم الأسوار من القيام بدورهم في الدعوة إلى الله"، مضيفًا: "ولهم في يوسف أسوة" (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار). عمرو عمارة: الجماعة عادت لمبادئها الأولى ويرى عمرو عمارة, رئيس حزب العدالة الحرة والقيادي المنشق عن الإخوان, أن الجماعة عادت إلى مبادئها الأولى وتمسكت بها، مشيرًا إلى أنها عادت تهتم بالنشاط الدعوي مرة أخرى داخل السجون والمعتقلات. وأضاف "عمارة" ل"المصريون" أن الجماعة تبحث توحيد الصف مرة أخرى من خلال الرؤية الدعوية، موضحًا أن هناك رسائل يكتبها الدعاة، بالإضافة إلى مؤلفات وكتب سيتم طرحها لشبابهم تحمل تأريخًا لهذه الحقبة العصيبة التي مروا بها. وأشار رئيس حزب العدالة الحرة, إلى أن الجماعة تريد من خلال تلك النشاطات أن تبعث برسالة للجميع تفيد أنها مازالت صامدة ومرابطة على هذا المبدأ رغم انشغالها عنه بالسياسة الفترة الماضية قائلاً: "إنها تريد الآن أن تصحح الماضي مع المستقبل". أحمد بان: الجنائيون سيصبحون خادمين للجماعة بعد مغادرتهم السجون من جانبه، قال أحمد بان, الخبير في شؤون الحركات الإسلامية, إن "اختلاط الدعاة المنتمين لجماعة الإخوان والجماعات الإسلامية مع الجنائيين يؤثر بالطبع على فكرهم وتوجهاتهم"، مشيرًا إلى إمكانية يتشبع هؤلاء بأفكار هذه الجماعات. وأضاف "بان" في تصريح ل"المصريون" أن الجنائيين قد يصبحون خادمين لأفكار الجماعة بعد مغادرتهم السجون، مشددًا على ضرورة فصل "السياسيين عن الجنائيين". وأشار الباحث في الشؤون الإسلامية، إلى أن الأجهزة الأمنية أغفلت متابعة مرتكبي الجرائم الجنائية وشغلت نفسها بمتابعة مرتكبي الجرائم السياسية، معلقًا على ذلك: "النزعات الشريرة للجنائيين ومرتكبي الجرائم السياسية قد تتلاقي من حين لآخر". وتابع: "لابد من إحاطة الجنائيين بخطباء من وزارة الأوقاف ممن يوثق بوسطيتهم في مناهجهم الإسلامية لضمان عدم تأثرهم بأفكار غيرهم من السجناء السياسيين". مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون: اختلاط السياسيين بالجنائيين "مستحيل" وفي السياق ذاته، قال اللواء مصطفى باز, مساعد وزير الداخلية لقطاع السجون, إن اختلاط النزلاء السياسيين مع الجنائيين يعد أمرًا مستحيلاً، مشيرًا إلى أن ذلك من قبيل تشكيك الجماعات في مقدرة الأجهزة الأمنية. وأضاف "باز" في تصريح ل"المصريون" أنه توجد خدمات مباحثية بصفة بدائمة وطوال ال24 ساعة لملاحظة المساجين، موضحًا أن إدارة البحث الجنائي لها مصادر من المساجين أنفسهم للاطلاع على ما يدور داخل العنابر. وأشار مساعد وزير الداخلية لمصلحة السجون, إلى أنه تتم إعادة توزيع النزلاء مرة أخرى أو توقيع العقوبات الإدارية عليهم داخل السجون في حالة مخالفتهم للقواعد والضوابط.