قال خبراء اقتصاديون، إن الدولة تسعى للسيطرة على الأموال المصريين بالخارج عن طريق إنشاء "بنك المغتربين"، وبالتالي هذا سوف يزيد ودائعهم بالدولار والعملات الأخرى داخل البلاد، سيرفع من زيادة النقد الأجنبي الاحتياطي، لأنه النظام في أشد الحاجة لدخول العملات الصعبة بالبلاد عن طريق هذا البنك. وأضافوا أن تنفيذ هذا المقترح سوف يواجه معوقات وصعوبة في بعض الدول التي تضع شروطا معينة قد لا تتوافر مع المقترح، مؤكدين أن مشكلة تراجع تحويلات المصريين بالخارج لن يحلها تأسيس بنك للمغتربين، وبالتالي يجب على النظام وضع حلول ومقترحات يمكن تنفيذها للمغتربين بالخارج. ووافقت لجنة الاقتراحات والشكاوي، برئاسة همام العادلي، في اجتماعها الاثنين الماضي، على القانون المقدم من النائب محمد بدراوي، بشأن إنشاء بنك للمغتربين، وتم إحالته إلى لجنتي الشئون الاقتصادية والشئون الدستورية والتشريعية، لمزيد من البحث والدراسة. وينص مشروع القانون علي عمل فروع للبنك فى العواصم الخارجية والأماكن التى يكثر فيها المصريون فى الخارج، بجانب وجود شركات صرافة وشركات تداول أوراق مالية، ما سيجعل نسبة التحويلات للمصريين فى الخارج تزيد. ويعتمد على جزء من أموال البنوك المصرية، وجزء يطرح من المصريين، من خلال اكتتاب عام، ويمكن للدولة من خلاله طرح شقق الإسكان الاجتماعي للمصريين في الخارج، بنسبة 10%، بقيمة مليار دولار، إلى جانب تخصيص 20 ألف شقة لمتوسطي الدخل للمصريين فى الخارج، ثم يعقبها بعد 45 يومًا تخصيص أراضٍ بأسعار مناسبة يتراوح سعر المتر فيها من 400 إلى 450 دولارًا، بجانب طرح أسهم فى البنوك وحصص للمصريين فى الخارج. ويهدف مشروع القانون لضمان زيادة تحويلات المصريين في الخارج، وزيادة الاحتياطي الأجنبي، بعد نقص التحويلات من 19 مليار دولار إلى 8مليارات دولار، رغم وجود ما يقرب من 10 ملايين مصري في الخارج، لاسيما وأن تحويلات المصريين في الخارج أحد المصادر الأساسية لتمويل النقد الأجنبي في مصر. وأيد الخبير الاقتصادي أبوبكر الديب، المقترح الذي تقدم به البرلماني محمد البدراوي، بشأن إنشاء بنك للمغتربين، قائلاً إنه سوف يسهل على المصريين بالخارج عملية تحويل الأموال داخل البلاد، بالإضافة إلى أن الاحتياطي النقدي الأجنبي سوف يرتفع، ويقلل البطالة والتضخم. وأضاف الديب ل "المصريون": "الدولة في أشد الحاجة لدخول العملات الصعبة بالبلاد عن طريق هذا البنك، بدلاً من إيداع هذا الأموال في بنوك أجنبية"، مستدركًا: "إيداع الأموال بالبنوك لا يعني الاستيلاء عليها". متفقًا معه في الرأي، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور عبدالخالق فاروق، إن "بنك المغتربين سوف يفيد الدولة والمصريين بالخارج وسيقدم خدمات مصرفية لهم، إذ سوف يزيد من تحويلاتهم إلى مصر ويرفع من الاحتياطي النقد الأجنبي". وأضاف فاروق ل "المصريون": "الهدف أساسي من إنشاء البنك وهو سيطرة الدولة على الأموال المصريين بالخارج، حتى لا تذهب إلى تجار العملة في دول الخليج وفى المهاجر". من جانبه، قال الدكتور أحمد الضبع، الخبير الاقتصادي، إن فكرة إنشاء بنك للمغتربين قد تواجهها عوائق عديدة، منها صعوبة إنشاء فروع لهذا البنك في بعض الدول التي تضع شروطا معينة قد لا تتوافر في هذا البنك، لاسيما وأن بنوك مصرية عريقة لازالت تواجهه عقبات في التوسع الخارجي وفي الدول المهمة بالنسبة للتحويلات. وطالب الخبير الاقتصادي، الدولة ببحث جدوى إنشاء البنك ومدى قدرته الفعلية على تحقيق الأهداف التي يسعى إليها مع دراسة البدائل المتاحة ومنها تعزيز خطط التوسع للبنوك المصرية في الخارج ولاسيما في الكويت عبر فروع أو مكاتب تمثيل وآخرها محاولات بنك مصر، فضلاً عن بحث إنشاء شركات صرافة مصرية وفروع لشركات الاستثمار في الخارج. وأضاف "مشكلة تراجع تحويلات المصريين بالخارج لن يحلها تأسيس بنك للمغتربين، لأن أسبابها عديدة وأهمها الفارق الكبير بين تكلفة التحويل الرسمي وتكلفة التحويل عبر القنوات غير الشرعية وخصوصا في بعض دول الخليج والذي يصل إلى نحو 30% ، بالإضافة إلى عدم طرح فرص استثمارية متنوعة على المغتربين في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات على سبيل المثال واقتصار الفرص على أوعية ادخارية أو أراضي وشقق". وأشار إلى أن الاهتمام بالمصريين بالخارج وتعزيز دورهم الاقتصادي والاجتماعي يجب أن يتم في إطار منظومة متكاملة تراعي لغة المصالح المتبادلة، إضافة إلى تحفيز الحس الوطني المرتفع لديهم وتأخذ في الاعتبار أفكارهم وخبراتهم وليس فقط تحويلاتهم، لاسيما أن التحويلات كانت قد قفزت من نحو 12 مليار دولار سنويا قبل يناير 2011 إلى مستوى 19مليار دولار عام 2015 قبل تراجعها الأخير.