مصر والأردن يوقعان عقد تبادل الطاقة الكهربائية لعام 2026    الأمطار توقف مباراة السعودية والإمارات بعد الشوط الأول    الأمن يضبط عدة أشخاص بمحافظات مصر لتوزيع أموال وبطاقات على الناخبين خلال الانتخابات    وزيرة التنمية المحلية تتفقد مصنع المعالجة الميكانيكية والبيولوجية والمدفن الصحي للمخلفات بقوص    رئيس الوزراء: منصة مصر العقارية تيسر تملك العقار للمصريين بالخارج والأجانب    مساع سعودية وفرنسية وأمريكية لدفع خطة نزع سلاح حزب الله    هيئة البث: نتنياهو يترأس فريقا وزاريا لتحديد اختصاصات لجنة التحقيق فى 7 أكتوبر    محافظ الجيزة يعتمد مواعيد امتحانات الفصل الدراسي الأول للصفوف الدراسية    توروب يشرح خطة الأهلي لعبور سيراميكا في كأس عاصمة مصر    خروج جثمان نيفين مندور من مشرحة الإسكندرية لدفنها بمقابر العائلة.. فيديو    الداخلية تضبط شخصين يوزعان أموالا بمحيط لجان أجا بالدقهلية    الحماية المدنية تواصل جهودها في رفع الركام من أسفل العقار المنهار من أجل الباحث عن ضحايا بالمنيا    الخارجية: عام استثنائي من النجاحات الانتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    الرعاية الصحية: مستشفى الكبد والجهاز الهضمي قدّم 27 ألف خدمة منذ بدء تشغيل التأمين الصحي الشامل    ضبط 5 قضايا تهريب و3699 مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    عمرو طلعت يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي التابع لتنظيم الاتصالات    القس أندريه زكي يهنئ بطريرك الأقباط الكاثوليك بعيد الميلاد المجيد    بمنتصف التعاملات.. البورصة تواصل ارتفاعها مدفوعة بمشتريات محلية وأجنبية    توافد الناخبين منذ الساعات الأولى للتصويت بدائرة كفر شكر القليوبية    جلوب سوكر - خروج صلاح من القائمة النهائية لجائزتي أفضل مهاجم ولاعب    ضبط سيارة زيت طعام غير صالح وفول مصاب بالسوس بساقلته قبل توزيعها على المطاعم    أمواج 2.5 متر.. الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة بالبحر الأحمر    مدافع بتروجت يدخل ضمن اهتمامات الزمالك لتعويض رحيل مصدق    أمين مجمع اللغة العربية: العربية قضية أمة وهويتها ولغة الوعي القومي العربي    "الست" خارج الصورة    تكربم 120 طالبا من حفظة القرآن بمدرسة الحاج حداد الثانوية المشتركة بسوهاج    الوطنية للانتخابات للمواطنين: شارك ..صوتك مهم يصنع فرق فى القرار    المستشفيات التعليمية تناقش مستجدات طب وجراحة العيون في مؤتمر المعهد التذكاري للرمد    زوج يعتدي بالضرب علي زوجته بالفيوم    مع تراجع التضخم محليا.. محللون يرجحون خفض الفائدة 1% في آخر اجتماعات العام    سد النهضة وتسوية الأزمة السودانية تتصدران قمة السيسي والبرهان اليوم بالقاهرة    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    استهداف سيارة عبر طائرة مسيّرة في مرجعيون بجنوب لبنان    البرد القارس يودي بحياة رضيع في غزة ويرفع عدد الضحايا إلى 13    إخماد حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم.. وتحرير محضر بالواقعة    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    مصدر بالصحة: الدفع ب10 سيارات إسعاف في حادث مروري بدائري المنيب صباح اليوم    الكوكي يشيد بإمكانيات المصري ويكشف سبب قبوله تدريب الفريق    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: انطلاق اليوم الحاسم لجولة الإعادة وسط تصويت محسوب واستقرار أمني    أستاذ علوم سياسية: التوسع الاستيطاني يفرغ عملية السلام من مضمونها    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    من تخفيض الفائدة إلى مكافأة المحارب.. أبرز وعود ترامب لعام 2026    بوليتيكو: الاتحاد الأوروبي انقسم إلى معسكرين بسبب الخلاف حول مصادرة الأصول الروسية    د. حمدي السطوحي: «المتحف» يؤكد احترام الدولة لتراثها الديني والثقافي    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    راشد الماجد يشعل حفله في مصر ويهدي أغنية ل ملك السعودية: "عاش سلمان" (فيديو)    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    الإعادة تشعل المنافسة.. مجلس النواب 2025 على صفيح ساخن    «صوت هند رجب وفلسطين 36» ضمن القائمة القصيرة للأوسكار ال 98    يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"    بطولة العالم للإسكواش PSA بمشاركة 128 لاعبًا من نخبة نجوم العالم    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرسي وأردغان ، مصر وتركيا ، هل المقارنة صحيحة ؟!
نشر في المصريون يوم 17 - 07 - 2016

في أعقاب الانقلاب الفاشل في تركيا نشطت ، كما هو متوقع ، عمليات مقارنة متعجلة للوضع في تركيا والوضع في مصر ، وتحديدا بين ما وقع في 3 يوليو 2013 وبين ما وقع في 16 يوليو 2016 ، وغلب على تلك المقارنات العواطف السياسية المنحازة ، حسب هوية من يجري المقارنة ، والحقيقة أنها كلها تقريبا مقارنات غير علمية وغير عادلة ، وغير دقيقة في القياس ، نظرا لاختلاف واضح في السياقات الاجتماعية والسياسية والثقافية والمؤسسية بين الحالتين ، والمؤثرات الجوهرية التي دفعت كل طرف إلى السلوك الذي اتخذه ، فأردوغان لم يكن مرسي ، وحزب العدالة والتنمية لم يكن هو جماعة الإخوان وذراعها السياسي الحرية والعدالة ، وتوجهات الاحتشاد الشعبي المتحرك في الشارع كان مختلف في تلك اللحظات من هنا وهناك ، وتراكم الخبرة السياسية في تركيا مع بنية ديمقراطية حقيقية رغم تدخلات الجيش بقطعها دائما عبر الانقلابات تختلف عن الخبرة المصرية التي لا تعرف إلا ديكورات شكلية تشرف عليها الأجهزة الأمنية منذ انقلاب الجيش في يوليو 1952 ، كما أن عنفوان وعافية المجتمع المدني في تركيا واستقلاليته المالية والإدارية تختلف كليا عن خلايا ومنظمات المجتمع المدني الهشة والضعيفة وغير المستقلة ماليا وإداريا التي توجد في مصر ، أيضا البنية الحزبية في تركيا وعمقها التاريخي تختلف عن البناء الحزبي الهش في مصر والذي يعتمد في معظمه على رعاية السلطة وأجهزتها الأمنية لاستكمال ديكور ديمقراطي ، ولا تملك حضورا حقيقيا أو تأثيرا في الحكومة أو البرلمان ، كذلك لا يمكن مقارنة تجربة شخصية مثل رجب طيب أردوغان وحزبه بما حققه من إنجازات ضخمة على المستوى التنموي والاقتصادي والعسكري والتعليمي والصحي طوال قرابة خمسة عشر عاما ، وهو الذي جعل من تركيا واحدة من أهم قوى العالم الاقتصادية والسياسية والعسكرية ، ونقل حياة المواطن التركي نقلة هائلة في الرعاية الصحية والتعليمية والبنية الأساسية وفرص العمل وحقق له متوسط دخل بأكثر من مائة ضعف عما كان عليه سابقا ، مع تجربة صغيرة وعاصفة مع مرسي لم تثمر أو لم يتح لها أن تثمر أي منجز حقيقي ، لا اقتصادي ولا تنموي ولا عسكري ولا تعليمي ولا غيره يمكن أن يشعر به المواطن العادي ويدعوه للقتال دونه .
الخلافات كثيرة بين السياقين ، ويمكن أن نستغرق وقتا طويلا لحصرها ، وربما كان من المهم حصرها بالفعل ودراستها بشكل عقلاني ومنصف وجاد ، للاستفادة من معطيات نتائج المقارنة في ضبط بوصلة أي إصلاح سياسي مصري في المستقبل ، لكن الذي يمكن استخلاصه بشكل عاجل من الليلة العاصفة التي مرت بها تركيا وانتهت إلى فشل الانقلاب العسكري الأخير ، هي فكرة الفصل بين الخلاف السياسي أو الفكري مع أشخاص أو قادة والخلاف حول المبادئ السياسية ، فالذين اختلفوا مع أردوغان من الأحزاب والشخصيات كانوا من أول من اصطف معه في وجه الانقلاب ورفضوا القبول بحكم عسكري ، ليس حبا في أردوغان قطعا ، ولكن حبا في وطنهم والتزاما بمبادئ ترسخت في التمسك بالتدافع الديمقراطي عبر أطر دستورية وصناديق الانتخاب ، واعترافا بأن أي حكم مدني مهما بلغ به السوء هو أفضل من الحكم العسكري ، والتجربة المريرة التي عرفتها تركيا خلال ستين عاما وتركت تركيا خرابا وتخلفا وبؤسا كانت كافية لجلاء هذا المعنى .
الدرس الآخر ، وهو أهمية إدراك أن الديمقراطية هي توافق وطني شامل على مبادئ وقواعد يحترمها الجميع ، وتحترمها السلطة أو الحزب الحاكم قبل الآخرين ، حتى من قبل تدوينها في دستور وأوراق ، فالديمقراطية ليست مجرد أرقام تخرج من صندوق الانتخاب تتيح لك فعل ما يحلو لك ، وإنما تتيح لك سلطة قيادة الخلاف الوطني بما يحقق مصالح البلاد ، واحترام هذا الخلاف وقواه المعبرة عنه ، والبعد عن كل ما يمثل تهديدا للتوافق الوطني ، فهذا ما يحقق سلاما داخليا في المجتمع والدولة يمنع الشقوق ويقطع الطريق على أي مغامرة تستغل تلك الشقوق ، كما يتوجب على قيادة الدولة أن تمارس صلاحياتها باعتبارها قيادة للجميع ومسئولة عن الجميع ، المواطن المعارض قبل المواطن المؤيد ، وهذا ما جعل القوى الشعبية والسياسية المعارضة لأردوغان بما فيه ذلك قطاع واسع من الأكراد يتضامون معه وينزلون للشوارع لمنع نجاح الانقلاب ، وفيما يخص الحركات الإسلامية تحديدا ينبغي إدراك أنه يستحيل أن تشارك ديمقراطيا وأنت تدير تنظيمات سرية أو حتى علنية خارج إطار القانون والبناء الدستوري للدولة ، وهذه المعضلة تشمل الإخوان في مصر كما تشمل حركة الخدمة التي يقودها فتح الله جولان في تركيا ، ففكرة التغلغل في أجهزة الدولة ومؤسساتها ومرافقها الحيوية من خلال تنظيم أو حركة غير قانونية خطير للغاية ويمثل تهديدا حقيقيا للديمقراطية وشفافيتها وحتى جدواها .
أيضا ، تعلمنا التجربة التركية ، أن بناء ديمقراطية راسخة في البلاد ، هو طريق يحتاج إلى صبر وجهد وتضحيات وتنازلات ومران طويل ، يسمح بتحول الديمقراطية إلى ثقافة مواطن وثقافة مؤسسات أيضا ، كما يعطي الإحساس بالثقة عند الجميع بأن هذا الطريق هو الوحيد للوصول إلى السلطة وتقديم خبرتك في قيادة الوطن لمرحلة زمنية ، والمسئولية تلزم الجميع في تأكيد الإحساس العالي تجاه ترسيخ تلك الثقة ، وأن صعودك على رأس السلطة ليس اختطافا أو صعودا أبديا ، وإنما هو اختيار مرحلي قد تضطر لإخلاء موقعك فيه في أي لحظة لمنافسك أو معارضك فردا أو حزبا ، والاحتكام دائما للشعب ، ليس فقط عند انتهاء فترة ولايتك الدستورية ، بل وحتى عندما تستشعر أن البلاد في حال من الخطر أو القلق وأن مخرجات الصندوق لم تحقق سلاما اجتماعيا ، فيتم الدعوة لانتخابات مبكرة كما يحدث في أي ديمقراطية جادة ، فخطير جدا أن ترسخ فكرة أنك امتلكت السلطة ولن تتنازل عنها أبدا .
هزيمة الانقلاب في تركيا كان مهما جدا للعالم الإسلامي والعالم الثالث بشكل عام ، لاستعادة الأمل في صياغة مجتمع حديث حر وديمقراطي تحترم فيه كرامة الإنسان وحقه في الاختيار ، وتنتهي فيه مرحلة تصفية الخلاف السياسي بالدم والزنزانة ، وهذا المعنى هو ما أفزع كل أنصار الديكتاتوريات العسكرية الذين أحبطهم فشل الانقلاب في تركيا .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.