إذا كانت القوى السياسية والثورية الموجودة على الساحة السياسية المصرية، قد اتفقت على تحقيق الأهداف التى أعلنتها وقامت من أجلها ثورة 25 يناير، إلا أنها ظلت مختلفة فيما بينها فى كيفية وأسلوب تحقيق تلك الأهداف والوصول إليها تبعا لرؤية وفلسفة كل تيار من تلك التيارات أو القوى السياسية، وإذا كانت كل تلك التيارات قد تم تمثيلها بنسبة أو أخرى فى البرلمان إلا أن البرلمان مجتمعا يجب أن تكون له خارطة طريق كبرلمان الثورة وأول مؤسسات الدولة المصرية الجديدة . ورغم إن المهام الملقاة على عاتق هذا البرلمان جسيمة جدا لأنه يأتى فى مرحلة استثنائية من تاريخ مصر وقد يكون مضطرا للعمل فى ملفات طارئة، مثل مصابى الثورة أو أحداث مجزرة بور سعيد إلا أنه لابد من التوافق بين نواب الشعب على أجندة محددة للأولويات التى يتعين على البرلمان أن يسير فيها قدما جنبا إلى جنب مع الملفات الطارئة التى تعرض عليه . دور البرلمان وانتاج مؤسسات الدولة والهدف من توحيد أجندة العمل للبرلمان يأتى انسجاما مع الدور المطلوب من هذا البرلمان، والذى يتمثل فى تأسيس الدولة الجديدة . وإذا كانت الثورة قد انتجت السلطة التشريعية للدولة والمتمثلة فى البرلمان المنتخب من الشعب، فقد أصبحت مهمة هذا البرلمان أن ينتج – أو يشرف على أنتاج - باقى مؤسسات الدولة الأخرى وهما (القضائية والتنفيذية ) بخلاف إجراءات وضع الدستور . وإذا كانت خارطة الطريق الخاصة بانتخابات الرئاسة قد تم التوافق عليها وأصدر المجلس العسكرى مرسوما بقانون انتخابات رئاسة الجمهورية، والذى يحق للبرلمان أن يعدل فيه بموجب ماله من سلطة التشريع التى لا يجب السماح بالتعدى عليها من قبل أى كان ، إلا أن هناك أمورا يمكن للبرلمان أن يرتب أولوياته وفقا لها مستثمرا الوقت المتاح للإنجاز بعض أهداف الثورة إلى حين الانتهاء من انتخاب رئيس الجمهورية وتعديل الدستور ومن تلك الأولويات :- تأسيس السلطة القضائية ويتم ذلك وفقا لخطوات توافقية على النحو التالى:- - استثمار الأحداث الأخيرة فى تسمية البرلمان لنائب عام جديد ليقوم المجلس العسكرى بتعيينه بالتوافق بين الاثنين، نظرا لما لدور النيابة العامة المهم فى إعداد ملفات القضايا التى تتم إحالتها إلى القضاء ووقفا لمسلسل البراءات التى يحصل عليها قتلة الثوار. - التوافق مع الحكومة على تسمية وزير للعدل يقوم البرلمان بتسميته ليتولى مهمة الإصلاح القضائى وتطهير القضاء من القضاة الذين كانوا سببا أساسيا فى اشتعال الثورة بتزويرهم للانتخابات البرلمانية فى 2010 وانتظارا لصدور قانون استقلال السلطة القضائية الذى سيعده البرلمان الجديد . - إعداد الصياغة النهائية لقانون السلطة القضائية الجديد والذى اعتقد أنه لن يكون هناك خلاف كبير حولة خاصة فى ظل وجود أساطين استقلال القضاء ومشاركتهم فى الثورة . - الانتهاء من دراسة وإدخال التعديلات التى يراها النواب على القوانين التى أصدرها المجلس الأعلى للقوات المسلحة وأهمها قانون انتخابات الرئاسة الأخير تأكيدا لسلطة البرلمان التشريعية . - كشف الغطاء عن المجلس الاستشارى ودعوة أعضاء هذا المجلس إلى الاستقالة الجماعية والاعتراف بعدم وجود أى مجالس فى الدولة غير البرلمان المنتخب ومن ثم سحب أى نوع من الشرعية حتى ولو استشارية من هذا المجلس. - إعداد تشريع جديد لهيكلة جهاز الشرطة يضمن إعادة هيكلتها بالصورة التى أرادها الشعب من ثورته وبحيث يحقق ضمان صيانة الحريات العامة لأبناء الشعب المصرى ويجعلهم أمام القانون سواء، ويضمن محاسبة كل من يتجاوز تلك الحقوق والحريات العامة من منتسبى الجهاز الشرطى الجديد، تلكم هى بعض مقترحات نضعها أمام نوابنا فى البرلمان عسى أن نكون قد ساعدناهم فى رسم خارطة طريق لاستثمار الوقت المتبقى إلى أن يتم انتخاب رئيس جديد للبلاد وتسمية البرلمان لرئيس حكومة نابعا من البرلمان وإرادته الشعبية وبالتوافق بين أعضائه.