أثار استقبال الملك سلمان بن عبد العزيز، عاهل المملكة العربية السعودية، للشيخ يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، فى مكة، جدلاً كبيرًا خلال الأيام الماضية على الرغم من العلاقات المتناقضة بين الطرفين، فيما لم يتوقف عند هذا الحد بعد أن استقبل عقببها بيومين الشيخ راشد الغنوشى، زعيم حركة النهضة التونسية، المحسوبة على الجماعة. وبدوره، قال الدكتور عبد الخبير عطا، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط، إن المملكة العربية السعودية تشعر بالخطر الإيرانى فى المنطقة ومحاولة إيران نشر ومد المذهب الشيعى فى المنطقة بأكملها ولذلك تحاول تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف وخاصة الحركات الإسلامية والأنظمة الحاكمة فى الدول المجاورة.
وأضاف عطا ل"المصريون"، أن هناك تصورًا يتم وضعه الآن من قبل اللوبى الصهيونى المتطرف فى الولاياتالمتحدةالأمريكية لدعم المرشح الأمريكى دونالد ترامب، المرشح المحتمل عن الحزب الجمهورى فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يهدف هذا التصور إلى تأجيج الخلاف بين أفراد الأسرة المالكة وتقسيم السعودية إلى ثلاث مناطق، ونشر مخطط بدعم من إيران لنشر المذهب الشيعى ومحو المذهب السنى التى تمثله السعودية، على حد قوله.
وتابع عطا، أن السعودية فى هذه الفترة تحاول تمهيد الطريق وتقريب وجهات النظر وعمل مصالحة وطنية بين التيار السنى بما فيه جماعة الإخوان المسلمين سواء فى مصر وتونس أو تركيا لمواجهة التيار الشيعى الذى تحاول إيران أن تنشره فى المنطقة، وخاصة بعد إبعاد الحركات الإسلامية من صنع القرار أو الحكم فى البلاد العربية.
وكشف عطا أن ما قامت به بعض الدول مثل تركيا وتونس والمغرب هو عملية هندسية للحركات الإسلامية، والدليل على ذلك تركيا، وما قامت به مؤخرا بإعادة العلاقات مع إسرائيل والتطبيع معها وبمباركة من جماعة الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية التى أيدت هذا التطبيع.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن السعودية تسعى أيضا إلى إقامة تحالف عسكرى سنى تقوده السعودية، وعلينا أن نفكر جيدا فى العلاقات الخارجية لمصر، ونعرف جيدًا من هو الصديق ومن هو العدو فى ظل الظروف التى تحيط بمنطقة الشرق الأوسط، على حد قوله.
كان الشيخ راشد الغنوشى أعلن فى تدوينة له على حسابه الشخصى عن تفاصيل هذا اللقاء، الذى تم بينه وبين الملك سلمان بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين، بعد استضافته فى قصر الصفا الملكى بمكة، بدعوة حفل إفطار رمضانى بمكةالمكرمة إلى جانب عدد من شخصيات وقادة بعض البلدان الإسلامية.
وأشاد الغنوشى بالعلاقات السعودية التونسية، وشكر خادم الحرمين الشريفين على ما تقدمه المملكة لتونس ولبقية العالم الإسلامى من دعم، بما يخدم المصالح العربية والإسلامية، وقد حضر هذا الإفطار إلى جانب الشيخ راشد كل من الأخوين رفيق عبد السلام وسمير الحناشي.
وتأتى مقابلة الملك سلمان مع الغنوشى بعد ساعات قليلة من استقباله الدكتور يوسف القرضاوي، بقصر الصفا فى مكة والذى يعتبره البعض الأب الروحى للإخوان.
وكان اللقاء الذى أجراه الملك سلمان مع القرضاوى قد أثار جدلاً واسعًا فى صفوف مؤيدى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأبناء زايد بالإمارات، معترضين على اللقاء الذى قام به الملك سلمان.
وفى سياق متصل ، قال الدكتور سعيد اللاوندى، خبير العلاقات الدولية، إن الإفطار الذى نظمه العاهل السعودى الملك سلمان فى بلاده, ودعا فيه كل من راشد الغنوشى رئيس حركة النهضة التونسية المحسوبة على جماعة الإخوان, والشيخ يوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين, له أغراض سياسية بحتة تخص المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين.
وأكد "اللاوندى" فى تصريحات ل"المصريون"، أن جماعة الإخوان المسلمين تسعى بكل الطرق لعمل مصالحة مع النظام وتستخدم كل العناصر التابعة لها لتحقيق أهدافها, موضحًا أن الغنوشى من قيادات الإخوان الدولية ولها ثقل على الساحة الدولية.
وتابع، أن الملك سلمان بتلك الدعوة, أثار جدلاً كبيرًا خاصة مع العلاقات المتناقضة بين البلدين, مشيرًا إلى أنه يضغط على مصر من خلال الإخوان فى حالة حكم القضاء الإدارى بمصرية جزيرتى تيران وصنافير.
ويأتى استقبال الملك "سلمان" لكل من الغنوشى والقرضاوي, رغم إعلان وزارة الداخلية السعودية فى 2014، عبر بيان، أن جماعة الإخوان المسلمين تنظيم إرهابي، هى وتنظيمات أخرى، وجرمت من ينضم إليها أو يمولها أو يؤيدها أو يبدى التعاطف معها أو يستخدم شعاراتها أو يتواصل معها. فى ذات السياق, رأى حسنى السيد, المحلل السياسي, أن الإفطار الذى نظمه العاهل السعودى الملك سلمان, ودعا فيه راشد الغنوشى رئيس حركة النهضة, ويوسف القرضاوى رئيس الاتحاد العالمى للعلماء المسلمين, أمر طبيعى وليس له أى أبعاد سياسية، لأن الملك سلمان اعتاد تنظيم إفطار جماعى يدعو فيه كل الشخصيات الإسلامية الدينية، وكان من الطبيعى أن يدعو القرضاوى، لأنه متواجد فى السعودية حينها.
وأضاف، فى تصريحاته الخاصة ل"المصريون"، أن أمر استضافة الشيخين الغنوشى والقرضاوى أمر يخص السعودية وليس جماعة الإخوان المسلمين, فالسعودية لديها مصالح وأهداف خاصة، مشيرا إلى أن استقبال السعودية للغنوشى وهو من الأشخاص المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، يشكل استفزازًا لمصر لأنها اعتبرت جماعة الإخوان تنظيمًا إرهابيًا والسعودية نفسها اعتبرتها كذلك.