العفو عن مرسى أول مطالبهم.. والدولة تصدر «العدالة الانتقالية» من أجل المصالحة العجاتى: من يعترض على المصالحة عليه مراجعة الدستور.. بان: على الدولة والجماعة الاعتذار لخطئهم فى حق البلد
"المصالحة المشروطة".. كلمة السر فى كواليس تحت الترابيزة بين الدولة والإخوان، والشروط الأربعة للجماعة لقبول المصالحة تتصدر المشهد، العفو الرئاسى عن مرسى أولى أولويتهم، والتمسك بالعمل السياسى أمر لا بد منه، وهدنة ملحوظة من الجماعة وتوقف ملحوظ عن التظاهرات لحين إشعار آخر، والدولة تظهر لينًا تجاههم، فما بين العدالة الانتقالية والمراجعات وعدد من الإفراجات حلل البعض المشهد من صفقات واتفاقات داخلية سرية والسؤال هنا هل ستنجح الصفقات السرية فى إتمام المصالحة أم سيسود التعنت والعناد إلى المشهد تحت مسمى الشرعية. الشروط الأربعة للجماعة من أجل المصالحة انقسامات غير معلومة وآراء متضاربة بين نية الجماعة فى التصالح من عدمها، فى البداية حينما أعلن تحالف دعم الإخوان فى بيان له، رفضه التام للمصالحة وأنه مُصر على تحقيق أهدافه بشكل كامل، ولن يستجيب للدعوات التى تخرج من شخصيات مقربة من الجماعة تدعو فيها للمصالحة، ليدعم هذا الرأى محمد محسوب، نائب رئيس حزب الوسط، الذى يوضح إمكانية المصالحة مع مؤسسات الدولة، مؤكدًا أن الصراع الحقيقى مع رؤوس السلطة فى الدولة وليس المؤسسات، واستطرد محسوب من خلال تغريدة له على "تويتر"، أنه لا معنى لخلاف سياسى ضد مؤسسة أو فصيل، الكارثة برأس سلطة القمع, وستبدأ انفراجة بإقصائه، ليستعد الجميع بتسامحه لإنقاذ الوطن. يأتى هذا فى الوقت الذى كشف فيه شباب الإخوان التابعون للقيادات الجديدة للتنظيم، تسريبات فيما يخص أسرار الجماعة، والتى تؤكد أن قيادات الخارج تتواصل مع شخصيات دولية للتوسط لطرح ملف المصالحة، كما تلتقى بشخصيات سياسية ممن دعوا لمصالحات خلال الفترة الماضية، وكان آخرهم الدكتور سعد الدين إبراهيم، لمطالبته بطرح ملف المصالحة من جديد. وخرج سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية ومدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، بأهم مطالب أو شروط الإخوان للمصالحة التى عرضوها عليه لطلب الوساطة للتصالح مع الدولة المصرية، مشيرا إلى أن أول شروط جماعة الإخوان المسلمين تمسكهم بالعمل السياسى وعودة المفصولين منهم إلى أعمالهم، لأنه حق مكفول لكل مواطن مع احتمالية تغيير نمط الجماعة اسمًا أو توجهًا حسب ما سيتم الاتفاق عليه. وأشار إبراهيم، فى تصريحات ل"المصريون"، إلى أن الإخوان قد يتنازلون من جانبهم عن فكرة شرعية مرسى وعودته للحكم فى مقابل الإفراج عن الرئيس الأسبق "محمد مرسي" بموجب عفو رئاسي، لأنهم يعلمون جيدًا أن الرئيس يملك هذه الصلاحية بموجب الدستور، مطالبين الرئيس بتخفيف الأحكام الصادرة بحق قيادات الجماعة فيما بعد.
وأضاف إبراهيم، أن قيادات الإخوان فى الفترة القادمة سيلجأون لمراجعات يدينون بها الأحداث التى وقعت فى مصر، ولكن عليهم بشكل لا يقبل الشك ووفقا لما تراه الدولة، الاعتراف بثورة 30 يونيو وبشرعية الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأبدى قيادات الجماعة رغبتهم فى المصالحة من خلال عدة عوامل أبرزها اختفاء المظاهرات رغم استمراريتها لأكثر من عام ونصف، وسط وجود تنبؤات تقول بأن اتفاقًا جرى يتضمن وقف المظاهرات مقابل الإفراج عن شخصيات معينة من القيادات داخل السجون على دفعات تلو الأخرى، خاصة فى ظل انتشار المعلومات التى تفيد بالمراجعات التى قام بها بعض القيادات. العجاتى ومستشار الرئيس رمزا الدولة للمصالحة الطرف الأقوى فى المعركة وهو من بيده الأمر، فى البداية أعلن أنه لا تصالح مع الإرهاب ولكن تغيرت النغمة فى الفترة الأخيرة للحد الذى استشعر من خلاله البعض نية الدولة الجدية فى التصالح، وكانت من أبرز مظاهر هذه النية القانون الذى بادر بإصداره المستشار مجدى العجاتى، وزير الدولة للشئون القانونية ومجلس النواب، فى الفترة الأخيرة ألا وهو قانون العدالة الانتقالية الذى يستهدف عودة المجتمع المصرى إلى «النسيج الواحد»، والذى يهدف لاستمالة جماعة «الإخوان المسلمين» إلى مبادرة مصالحة وطنية تطرحها الحكومة المصرية على الطاولة الآن وفقا لما يراه البعض. وتضمنت المبادرة، وفقا للقانون، أبرز شروط الدولة للموافقة على نية المبادرة ومن أولى الشروط عدم تلوث أيدى المنضمين للمصالحة بالدماء، بالإضافة إلى إدانتهم للعنف، فضلا عن توفر «نيات صادقة» لدى الجماعة بعيدًا عن المناورة، وأن يعترفوا بأخطائهم ويدينوا الهجمات الأخيرة التى وقعت فى مصر. واستنكر العجاتى اعتراض بعض النواب على فكرة المصالحة، قائلا: "ده مش رأيى الشخصى، لم أقل شيئًا جديدًا ومن يعترض على كلامى؛ عليه أن يقرأ الدستور"، مضيفا: "ملتزمون بتطبيق الدستور، الذى أوجب العمل على إقرار المصالحة الوطنية بين فئات الشعب، بشرط ألا تكون أيديهم قد تلوثت بالدماء، أو نسبت إليهم أفعال إجرامية، وإذا كانت هناك فئة تعارض ذلك فهذا شأنهم، ولكننا كحكومة ملتزمون بتطبيق نصوص الدستور".
ولم تقف نوايا الدولة على حد تصريحات العجاتى، وإنما امتد الأمر وفقا لما ترجمه وحلله المحللون السياسيون إلى إدماج مستشار الرئيس فى منظومة المصالحة، واتضح ذلك جليًا من خلال قيام الشيخ أسامة الأزهري، عضو مجلس النواب ومستشار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بزيارة مفاجئة للسجون المصرية ولم يتضح سبب هذه الزيارة فيما بعد، الأمر الذى دفع المحللون إلى تفسير مشاركته فى مراجعات السجناء الإسلاميين. وأوضح الأزهري، أن اللقاء المشار إليه وغيره من اللقاءات السابقة، فى حينه، جاء بمناسبة دخول شهر رمضان المعظم لإعادة تأهيل النفس وجدانيا ومعرفيا وأخلاقيا. ورغم نفى الأزهرى، مشاركته فى أى مراجعات للجماعة الإسلامية مبررًا ذلك بأنه على المعتاد يقوم بإلقاء محاضرات داخل السجون بشكل دورى ومتكرر، إلا أن المحللين وجدوا أن تزامن الزيارات مع تصريح العجاتى ونية الدولة دليل على أن الأزهرى أحد أبرز الشخصيات المشاركة من قبل الدولة فى المصالحة.
ولم تقف نية الدولة فى المصالحة عند شخصيات معينة بل عزمت فى الفترة الأخيرة على إخلاء سبيل عدد من قيادات الجماعة الإسلامية، وأعضاء بالتحالف المزعوم "دعم الشرعية"، حيث صدرت تلك القرارات، طبقا لتصريحات محامى تحالف دعم الإخوان، وفريق الدفاع عن قيادات الجماعة الإسلامية، لأبرز 5 قيادات بالجماعة الإسلامية خلال 3 أسابيع فقط مضت فى قضايا متعلقة بتحالف دعم الإخوان، وهم نصر عبد السلام، القائم بأعمال رئيس حزب البناء والتنمية، وصفوت عبد الغنى، رئيس المكتب السياسى للحزب، وعلاء أبو النصر، الأمين العام للحزب، وحسن الغرباوى، القيادى بالجماعة الإسلامية، ومحمد الصغير القيادى بالجماعة الإسلامية، إلا أن الأخير متهم فى قضايا أخرى.
بان: على الدولة والجماعة الاعتذار لخطئهم فى حق البلد
قال أحمد بان، الخبير فى شئون الجماعات الإسلامية، إنه ينبغى على الدولة أن تحدد ماهية قانون العدالة الانتقالية وحدوده وما إذا كان سيضم الإخوان وغيرهم لحل فكرة المقايضة التى قد تطرحها الجماعة عند المصالحة ما بين الإفراج عن قيادات الجماعة مقابل شيء ما، مشيرا إلى أن قانون العدالة الانتقالية سيكون قادرًا على تمكن الدولة من العفو أو الإفراج عن البعض بشكل لا يمكن وصفه بالتدخل فى الشأن القضائي.
وأوضح بان، فى تصريحات ل"المصريون"، أنه لا بد من تقديم كل الأطراف لاعتذارات سواء من الجماعة أو حتى الدولة لما اقترفوه فى حق هذا البلد، فهناك أخطاء من الجانبين لا يمكن إنكارها، مؤكدًا أنه ليس أمام الجماعة سوى الفصل بين العمل الدعوى والسياسى واختيار واحد منهم على أن يكون الأقرب لهم اختيار العمل الدعوى الوسطى تحت مظلة الأزهر.
وأشار بان، إلى وجوب إتاحة الدولة للعمل الاجتماعى والسياسى أمام أعضاء الجماعة وفتح باب الحوار مع كل الأطراف لمحاولة التفاهم والتوصل لحلول وسط بعيدة عن التشدد. مفارقات تهدد حلم المصالحة وفى الوقت الذى لوحت فيه كل الأطراف عن نيتها فى المصالحة، تكشر الدولة عن أنيابها فى تناقض ملحوظ، حيث قضت محكمة جنايات القاهرة بالإعدام شنقًا على ستة متهمين بينهم الصحفى فى قناة الجزيرة إبراهيم هلال، فيما يعرف بقضية التخابر مع قطر، كما قضت بالسجن المؤبد على الرئيس المعزول محمد مرسي، فضلا عن إبراهيم هلال، الصحفى فى قناة الجزيرة ومدير أخبارها السابق، والذى كان من بين من صدر حكم بإعدامهم شنقًا الصحفى السابق فى قناة الجزيرة علاء سبلان، وقد حكم أيضا على هلال وسبلان بالسجن المشدد 15 عامًا.
كما نال الرئيس المعزول محمد مرسي، حكما إضافيا بالسجن 15 عاما فى هذه القضية، واتُهم مرسى والآخرون بتسريب وثائق ومعلومات تخص الأمن القومى المصري.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث قام رئيس جامعة القاهرة الدكتور جابر نصار، بفصل 6 من أساتذة كلية الهندسة، وإيقاف صرف رواتبهم ومستحقاتهم لعملهم منذ فترة فى شركة "إجيك" المملوكة لجماعة الإخوان المسلمين، برواتب تجاوزت ال 54000 جنيه مصرى طيلة 8 سنوات دون علم الجامعة أو طلب إعارة منها، بالإضافة إلى حصولهم على المرتبات والمكافآت من الجامعة. وأوضح القرار، أسماء الأساتذة المفصولين وهم، الدكتور مصطفى مسعد وزير التعليم العالى الأسبق، أثناء حكم الإخوان، وعادل أحمد القيادى الإخوانى ورئيس نادى أعضاء هيئة التدريس سابقًا، والدكتور محمد رشاد، والدكتور هشام حسن، والدكتور محمد أحمد نعيم، والدكتور إيهاب محمد عطية، على أن تقوم إدارة الجامعة بإجراء تحقيق موسع مع كل المشتبه بهم أن اشتركوا أو تستروا على تلك الواقعة وأهدروا أموال الجامعة.