دماء تسيل.. أرواح تزهق.. حصون تدك في مثل هذا اليوم منذ 44 عامًا، وبطولات تكتب بدمائها تاريخ تحرير وطن وكرامة شعب ضحى بروحه؛ فداءً لتراب هذا الوطن، وواجه ويلات حرب قوية أفقدت العديد من الأسر إما أب أو أخ أو ابن. بدأت وقائع العاشر من رمضان، ومصر وسوريا ترفعان شعار معًا لتحطيم خط بارليف، في ذلك اليوم شن قوات الجيش المصري والسوري هجومًا مفاجئًا على القوات الإسرائيلية المرابطة في سيناء وهضبة الجولان، وساهمت العديد من الدول العربية في هذه الحرب، إن لم تكن بالإمداد بالسلاح عسكريًا فساهمت اقتصاديًا، وفي الثانية من ظهر يوم الغفران، كما عرف في إسرائيل هاجمت القوات السورية تحصينات وقواعد القوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان، بينما هاجمت القوات المصرية تحصينات إسرائيل بطول قناة السويس وفي عمق شبه جزيرة سيناء. وكانت وجهة مصر في ذلك اليوم هي استهداف خط بارليف الذي أنفق عليه الإسرائيليون ما يقرب من 300 مليون دولار ، وكان عبارة عن سلسلة من الحصون والطرق والمنشآت الخلفية امتدت هذه الدفاعات أكثر من 160 كم على طول الشاطئ الشرقي للقناة من بور فؤاد شمالًا إلى رأس مسلة على خليج السويس، وبعمق 30-35 كم شرقًا، وغطت هذه الدفاعات مسطحًا قدره حوالي 5,000 كم² واحتوت على نظام من الملاجئ المحصنة والموانع القوية وحقول الألغام المضادة للأفراد والدبابات. توغلت القوات المصرية 20 كم شرق قناة السويس، وتمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان وصولًا إلى سهل الحولة وبحيرة طبريا، ولكنها خرجت خارج مظلة الصواريخ المضادة للطائرات، ولأسباب غير معروفة حتى الآن جاءت الأوامر للقوات المتقدمة بالانسحاب والتراجع وهي مكشوفة وبدون غطاء جوي؛ مما مكن الطيران الإسرائيلي من إلحاق خسائر جسيمة بالقوات المنسحبة. وفي نهاية الحرب، انتعش الجيش الإسرائيلي فعلى الجبهة المصرية تمكن من فتح ثغرة الدفرسوار، وعبر للضفة الغربية للقناة وضرب الحصار على الجيش الثالث الميداني، ولكنه فشل في تحقيق أي مكاسب استراتيجية سواء بالسيطرة على مدينة السويس أو تدمير الجيش الثالث. وعلى الجبهة السورية تمكن من رد القوات السورية عن هضبة الجولان، وحقق الجيش السوري تقدمًا كبيرًا في الأيام الأولى للقتال واحتل قمة جبل الشيخ مما أربك الجيش الإسرائيلي، كما قامت القوات المصرية بمنع القوات الإسرائيلية من استخدام أنابيب النابالم بخطة مدهشة، كما حطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، في سيناء المصرية والجولان السوري، كما تم استرداد قناة السويس وجزء من سيناء في مصر، وجزء من مناطق مرتفعات الجولان ومدينة القنيطرة في سورية. عقب ذلك عمل وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر وسيطًا بين الجانبين، ووصل إلى اتفاقية هدنة لا تزال سارية المفعول بين سوريا وإسرائيل. بدلت مصر وإسرائيل اتفاقية الهدنة باتفاقية سلام شاملة في "كامب ديفيد1979". وانتهت الحرب رسميًا بالتوقيع على اتفاقية فك الاشتباك في 31 مايو 1974، حيث وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرةلسوريا وضفة قناة السويسالشرقية لمصر؛ مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة، وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية، وعقب ذلك استرداد مصر السيادة الكاملة على قناة السويس وجميع أراضي شبه جزيرة سيناء، واسترداد سوريا جزءًا من مرتفعات الجولان السورية بما فيها مدينة القنيطرة وعودتها للسيادة السورية. سجلت مصر وسوريا بالتعاون مع العديد من الدول العربية بمساندتهما إنجازًا هائلًا ونجاحًا منقطع النظير لتحطيم أسطورة أن الجيش الإسرائيلي لا يقهر.