هذه الصور ليست لمظاهرة سياسية كالتي اعتاد عليها المصريون خلال السنوات الخمس الأخيرة وهى ليست تجمعًا للمطالبة بحقوق فئوية وامتيازات مهنية، بل هى صورة لتجمع للاحتفال استمر حتى الساعات الأولى من صباح الثلاثاء فرحًا بفوز فريق كرة القدم التابع لمحافظة بورسعيد، وهو النادي المصري على النادي الأهلي في المباراة التي جمعت بين الفريقين مساء الاثنين، وانتهت بفوز المصري بثلاثة أهداف مقابل هدفين. الفوز وكما يقول الإعلامي وابن بورسعيد أحمد الجمال ل"العربية.نت" على النادي الأهلي العتيد متصدر الدوري حتى الآن ليس مكسباً رياضياً فحسب، بل هو مكسب سياسي، لأن أهل بورسعيد يشعرون بالظلم والاضطهاد دائما فقد عانوا وضحوا كثيراً خلال فترات حروب مصر كلها وتم تهجيرهم وعندما حل الاستقرار شعروا أن الحكومة لم تنصفهم، فقد ألغت المنطقة الحرة التى كانت تدر عليهم عائداً اقتصادياً، وتوفر نوعاً ما من الرخاء للمدينة، ولذلك فإنهم يرون أن فوز فريقهم هو نوع من الانتصار على الظلم الذي يتعرضون له. ويضيف أن جمهور بورسعيد لديه اعتقاد أن النادي الأهلي هو النادى المدلل الذى يحظى برضا الحكام واتحاد كرة القدم والإعلام على حساب الأندية الأخرى، ومنها فريق محافظتهم، لذا تكون فرحتهم طاغية عند الفوز عليه، حيث يرون أن فوز فريقهم هو المتنفس الوحيد الذى يخفف عنهم إحباطاتهم ومشاعرهم السلبية ضد اتحاد الكرة والإعلام والحكومة. ويكشف الجمال عن سبب آخر للفرحة الهستيرية لجمهور بورسعيد عقب الفوز على الأهلى، وهو تعرض هذا الجمهور للظلم واتهامه بارتكاب المجزرة التي راح ضحيتها 72 مشجعًا أهلاويًا فى العام 2012 خلال مباراة جمعت الفريقين وانتهت أيضًا بفوز المصري بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد، مضيفًا أن كل هذه العوامل جعلت الفوز على الأهلي هو انتصار رياضي وسياسي لهذا الجمهور المتعطش للانتصارات والمتطلع للتعبير عن فرحته بتحقيق أي إنجاز لأبناء محافظته الذين يرفعون علمها واسمها. ويضيف أن فوز المصري على الأهلي يحقق للمدينة الباسلة مكاسب اجتماعية أيضًا، ففي هذا اليوم يقوم أبناء المدينة بالتعبير عن فرحتهم بطريقة أخرى قد تكون مجنونة، فالزوج الغاضب من زوجته قد يذهب لبيت أهلها لإعادتها للمنزل احتفالاً بالفوز, والتاجر قد يخفض أسعار منتجاته وسلعه فى هذا اليوم تعبيراً عن فرحته, فضلاً عن أن الغالبية قد تقوم بتوزيع الحلوى والعصائر على المارة, ويقوم سائقو سيارات الأجرة بتخفيض تعريفة الركوب فى هذه الليلة تعبيراً عن الفرحة واحتفالاً بالفوز. يذكر أن النادى المصرى تأسس عام 1920 فى مدينة بورسعيد شمال البلاد، ويشارك الفريق الأول لكرة القدم بالنادى بانتظام فى الدورى المصرى لكرة القدم، وأبرز إنجازات فريق الكرة هو الفوز ببطولة كأس مصر عام 1998. يُعد النادى أحد أبرز الأندية فى الدورى منذ انطلاقه عام 1948، حيث شارك فى جميع مسابقات البطولة باستثناء موسمين فى خمسينيات القرن الماضى بسبب تأثر النادى فى أعقاب العدوان الثلاثى على بورسعيد، ولم يحقق النادى بطولة الدورى من قبل، وأفضل المراكز التى حققها هى المركز الثالث بالدورى والذى حققه فى أكثر من موسم. وبحسب الإحصائيات الرسمية، يحتفظ النادى المصرى برقم قياسى فريد هو تحقيقه أكبر فوز فى تاريخ الدوري، وهو الفوز الذى حققه على فريق بنى سويف بنتيجة 11 مقابل لا شيء، غير أن الفوز الرسمى الأكبر للمصرى فى تاريخه هو فوزه على نادى الإسماعيلى بنتيجة 18 مقابل لا شيء فى إحدى مباريات دورى منطقة القناة، وهى البطولة التى يحمل المصرى الرقم القياسى فى عدد مرات الفوز بها. أطلق على النادى اسم "المصري" لأنه تأسس من المصريين وسط عدد من الأندية فى بورسعيد خصصت جميعها لصالح الجاليات الأجنبية، فكان المصرى هو أول نادٍ ببورسعيد يجمع المصريين فى مواجهة الأندية الأجنبية، وهو ما مثل شكلاً جديداً من أشكال المقاومة للوجود الأجنبي، وتأكيداً للهوية الوطنية فى جميع الميادين، بما فى ذلك الرياضة. استمد النادى المصرى اسمه من أغنية "قوم يا مصري" الوطنية الشهيرة لفنان الشعب سيد درويش، كما استمد ألوان زيه الأخضر المميز من علم مصر ذى اللون الأخضر فى ذلك الوقت.