ما حدث فى بورسعيد عقب مباراة المصرى والأهلى ليس كارثة فقط، بل عار على الكرة المصرية, فكفانا تجاوزات أخلاقية صارت بقعة سوداء على ثوب الرياضة الأبيض, لم يكن هناك أى دافع أو مبرر لجماهير بورسعيد لهذا التجاوز السلوكى الذى شاهدناه جميعا من اقتحام الملعب والاعتداء على لاعبى ومسئولى الأهلى الذين لم يصدر منهم أى تجاوز، حتى عندما طرد قائد الفريق (الأحمر) حسام غالى لم يعترض أى مسئول بالأهلى بل تقبلوا الهزيمة القاسية بروح رياضية. وما شاهدناه من هجوم من جماهير المصرى صوب لاعبى ومسئولى وجماهير الأهلى يشبه عمليات الكر والفر فى الحروب, وما أسفر عن أحداث مؤسفة سردها أحمد ناجى، مدرب حراس مرمى الأهلى، عندما قال إن غرفة خلع ملابس الفريق أشبه بمشرحة بها العديد من الجثث. وكان المشهد عبثيًا عندما نزل جمهور المصرى بأعداد غفيرة عقب المباراة إلى داخل الملعب ما أدى إلى تعرض لاعبى الأهلى لإصابات متفرقة فى فوضى عارمة وسط صمت مطبق من أمن بورسعيد، الذى يثار حول موقفه السلبى أكثر من علامة استفهام ولا يقارن بموقف أمن الغربية عندما تصدى بقوة لموقف مماثل من جماهير غزل المحلة وأمام الأهلى أيضًا إلا أن التعامل الصارم لأمن الغربية مع الجماهير أخلى الملعب خلال دقائق، وحمى لاعبى الأهلى حتى خرجوا بسلام إلى القاهرة. لو كانت هذه هى الرياضة فيجب جميعا أن نتوقف عن اللعب أو التشجيع أو الكتابة عنها, لأنه عار على مَن كل ينتسب لمنظومة تتحول من التنافس الشريف إلى الاقتتال والعنف، وتسفر عن بحور دماء لا يمكن أن تتوقف. يجب فورًا إلغاء "روابط الألتراس" الدخيلة على التشجيع بين المصريين وعودة الوقار والاحترام للمدرجات التى كانت تشهد حضورًا أسريًا جميلاً، وكانت المباريات أشبه بنزهة, ولكن حاليًا يجب أن تذهب لمشاهدة المباريات وبحوزتك كفنك فربما تتعرض لطوبة طائشة أو صاروخ من مشجع أحمق أو يصعد إليك مشجع متعصب من جمهور الفريق المنافس، ويسدد لك طعنة بمطواة أو آلة حادة. الانفلات الذى تشهده الملاعب المصرية يتطلب وقفة جادة من الأمن المصرى كفانا دلع وطبطبة من يخطأ يجب أن ينال عقوبة رادعة وفورية لكى نعيد الأمن لملاعبنا بعد أن صار الانفلات والتجاوز هو شعارها مما أضر كثيرًا بسمعة الكرة المصرية. ألا يكفى أننا نعيش خيبة عدم بلوغ أمم إفريقيا وتراجع تصنيف المنتخب الوطنى, بخلاف انتكاسات الأندية وعدم قدرتها على تحقيق بطولة قارية, للأسف أبناء مصر هانت عليهم بلدهم كثيرًا، وصاروا لا ينظرون إلا لمصلحتهم الشخصية لو على جثث أبرياء, دعونا نتوقف لحظات لنتأمل واقعنا المزرى كى ننتفض ونستفيق قبل أن نغرق فى مستنقع ووحل لا نجاة أو مفر منه.