قال الكاتب الصحفى حمدى رزق: "عجبا لم تنتفض السطور وتبكى الحروف على الرائد شريف أحمد محمد صالح، الذى لقى ربه شهيداً إثر انفجار عبوة ناسفة زرعها مجهولون على جانب طريق مرور قول أمنى بطريق «بئر لحفن»، بدائرة قسم أول العريش. وأضاف رزق فى مقاله جريدة "المصرى اليوم" أن الحزن ما بقالهوش جلال يا جدع، ولّفنا على الشهادة، طوابير الشهداء صارت طقساً، مصر تودع شهداءها فى صمت وجلال وخشوع، ولا تتاجر بهم فى المحافل الدولية، ولا تطلب ثمناً لحرب الإرهاب التى تخوضها ببسالة منقطعة النظير، وسط تجاهل دولى قاتل، وتآمر محلى مجرم، بلغ الإجرام بنفر من هؤلاء أن يطلب من الخارج وقف إمداد مصر بالمعدات المطلوبة لمواجهة الإرهاب. وتابع: الحزن زى البرد وزى الصداع، محزن أن يتحول خبر تشييع الشهداء إلى خبر عادى لا يتصدر نشرات الأخبار، فى فترة تالية لن يحفل هؤلاء بدماء الشهداء، صور الشهداء لا تحقق نسب مشاهدة، نجوم الشباك ليسوا الشهداء، وهم من يستحقون، هناك نوع آخر من البشر يسود الشاشات، يشغلها عن شهداء الواجب، عن حرب الإرهاب نفسها، لم يعد حديث الإرهاب يستهوى فضائيات الليل وآخره. يصعب على النفس أن يذهب الأبطال إلى حتفهم وظهورهم عارية من الدعم المعنوي، خلواً من الظهير الإعلامي، خروج الإعلام من هذه الحرب خطير، ويتلهى عنها بخناقات مفتعلة مريبة، واهتبال الشاشة بسفاسف الأمور، وعبثيات، وانفعالات، وخناقات، يصرف جمهرة المشاهدين عن حرب «التحرير الثانية»، التى تجرى على أشدها فى سيناء. وأشار الكاتب إلى أن فيديوهات وبيانات المتحدث العسكري، العميد محمد سمير، لم يعد لها مكان فى ذروة المشاهدة، تذاع على خجل، أو قل تأدية واجب، وهى من تستحق أن تفتح لها الشاشات ساعات وساعات، وتتوقف أمامها التحليلات، حرب ضروس تجرى فى سيناء ونحن بتنا عنها غافلين،موضحا ان الحرب فى سيناء لم تضع أوزارها بعد، الحرب فى سيناء فى مرحلتها الأكثر عنفاً وخطورة، الإرهابيون فى النزع الأخير فى قمة شراستهم، وقواتنا الظافرة تطبق على أنفاسهم، مشهد النهاية هو الأخطر عادة فى كل الحروب، أخشى أن هناك إعلامياً مصرياً فى مصر يصدق عليه المثل العربى الشهير «التخلى عند الزحف». لم تعد ملحمة سيناء وما يجرى فى سيناء من أعمال بطولية ترى على الشاشة، لم يرسم الشهداء أبطالاً على الشاشة، أخشى الشاشة خرجت من المعركة بفعل فاعل، أبداً ليس هناك حجة أو مشكلة فى التواصل مع قيادة العمليات، المتحدث العسكرى لا يتأخر فى الرد، هاتفه مفتوح على مدار الساعة، وبياناته وفيديوهاته تواكب الأحداث دقيقة بدقيقة، والعلاقات العامة فى الداخلية لا تتأخر عن الوصف التفصيلى للعمليات البطولية التى تجرى فى سيناء. أخشى أن حماسنا قد فتر، أخبار الشهداء لم تعد تستثير فينا ما جُبِلنا عليه من تبجيل الشهداء والاحتفاء، ملهيين فى خناقات حجز شقق «الماونتن فيو»، ومعارك الأهلى والزمالك، ونهائى أوروبا، وتاليا كأس الأمم الأوروبية، وكوبا أمريكا، ناس تدفع فلوس فى الكورة، وناس تدفع من دمها فى معركة التحرير. اسم الرائد شريف سيُنْسى بعد نشر هذه السطور، خلينا فى قبلة «كراسكو» لاعب الأتليتكو التى سيخلدها التاريخ الكروى وتنتزع الآهات من الصدور، أسمع من بعيد آهات الرائد شريف وهو يسلم الروح حباً فى الوطن، تاركاً أسرة يعلم بها الله. واختتم مقاله ،محزن أن يسبق خبر خناقة «شوبير» و«الطيب» خبر استشهاد الرائد شريف فى الأكثر قراءة، وأن يكون التريند المصرى على «السوشيال ميديا» عن كل ما هو شائه ومشوه وعبيط ورخيص، أما الغالى دم الشهيد فلا يستثير شهية «بتوع التريند»، خلى الحزن لأهله، يا حزين يا قمقم تحت بحر الضياع.. حزين أنا زيك وإيه مستطاع، رحمة الله على الشهداء، شهداء الوطن لا بواكى لهم!.