الوطنية للانتخابات: انتهاء اليوم الأول للإعادة ب19 دائرة في الخارج    خبراء: الاقتصاديون يتوقعون استمرار ارتفاع أسعار الذهب والفضة لهذا السبب    عمدة موسكو: الدفاعات الجوية تسقط مُسيرتين أخريين كانتا متجهتين نحو المدينة    أوربان يحذر: أوروبا "تترنح نحو الحرب" بحلول 2026 بسبب سياسات الاتحاد الأوروبي    قائمة الزمالك لمباراة سموحة في كأس عاصمة مصر    اتحاد الألعاب المائية يجمد أعماله احتراما للرأى العام بعد وفاة يوسف محمد    صفاء الشريف ل«الفجر»: 2025 عام الإنجازات الكبرى لمديرية الشباب والرياضة بالإسكندرية    إحالة أوراق 8 متهمين للمفتى في مقتل مزارع والتعدي على أسرته    بعد بلاغات من أكثر من 30 قبيلة عربية بالإسكندرية.. ضبط تيك توكرز بتهمة الإساءة لأبناء القبائل    فريق إسعاف الحمام ببني سويف ينقذ طفلا من الموت في اللحظة الأخيرة (فيديو)    نهال طايل عن أزمة ريهام عبد الغفور: اللي عمل كده لا عنده دين ولا أخلاق    محافظ القليوبية: انتهاء توريد الأجهزة الطبية لمستشفى طوخ المركزي    رئيس الأساقفة مصليًا لمصر: نصل أن يمنح الله بلادنا سلامًا وبركات    أسرة طارق الأمير تتلقى العزاء الجمعة فى مسجد آل رشدان بمدينة نصر    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    بعد إخلاء سبيله.. دفاع شاكر محظور تسديد نص مليون جنيه وإنهاء خروجه غدا    البطريرك إبراهيم إسحق: العائلة مغارة حيّة يولد فيها السلام    شعبة المصورين: وضع ضوابط لتغطية عزاءات الفنانين ومنع التصوير بالمقابر    اشتياق.. تحذير.. شكر وتقدير    "التضامن": 54 مليار جنيه دعم تكافل وكرامة.. و4.7 مليون أسرة مستفيدة    وسرحوهن سراحا جميلا.. صور مضيئة للتعامل مع النساء في ضوء الإسلام    شاهد، قداس الأقباط الكاثوليك احتفالًا بعيد الميلاد في المنيا    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. تنظيم اليوم السنوي الأول لقسم الباطنة العامة بطب عين شمس    رئيس جامعة الأزهر: لدينا 107 كليات بجميع المحافظات و30 ألف طالب وافد من 120 دولة    كوت ديفوار ضد موزمبيق.. شوط سلبي في كأس أمم إفريقيا    أمين مساعد حماة الوطن بالجيزة: استمرار قوافل زاد العزة يؤكد ثبات الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية    رئيس جامعة المنصورة ونائب وزير الصحة يوقِّعان بروتوكولًا لتعزيز التطوير والابتكار    القبض على المتهم بإنهاء حياة والدته بسبب مشغولات ذهبية بالمنيا    الكنيست الإسرائيلي يصدق بقراءة تمهيدية على تشكيل لجنة تحقيق سياسية في أحداث 7 أكتوبر    السكة الحديد: تسيير الرحلة ال41 لنقل الأشقاء السودانيين ضمن مشروع العودة الطوعية    اليمن يدعو مجلس الأمن للضغط على الحوثيين للإفراج عن موظفين أمميين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن :شكرا توتو وتوتى ..!؟    ليفربول يجتمع مع وكيل محمد صلاح لحسم مستقبله    بعد الاعتداءات.. ماذا فعل وزير التعليم لحماية الطلاب داخل المدارس؟    محافظ قنا يعقد اجتماعًا موسعًا للاستعداد لانطلاق الموجة ال28 لإزالة التعديات    أمم أفريقيا 2025| شوط أول سلبي بين بوركينا فاسو وغينيا الاستوائية    جامعة قناة السويس تعلن أسماء الفائزين بجائزة الأبحاث العلمية الموجهة لخدمة المجتمع    غدا.. استكمال محاكمة والد المتهم بقتل زميله وتقطيع جثته فى الإسماعيلية    ڤاليو تعتمد الذكاء الاصطناعي لتعزيز تجربة العملاء    النائب محمد رزق: "حياة كريمة" نموذج للتنمية الشاملة والتحول الرقمي في مصر    كوت ديفوار تواجه موزمبيق في الجولة الأولى من كأس أمم إفريقيا 2025.. التوقيت والتشكيل والقنوات الناقلة    هل يجوز استخدام شبكات الواى فاى بدون إذن أصحابها؟.. الإفتاء تجيب    ميناء دمياط يستقبل 76 ألف طن واردات متنوعة    محافظ أسيوط: تنظيم زيارة لمكتبة مصر العامة المتنقلة بجامعة بدر لتعزيز الوعي البيئي    عفت محمد عبد الوهاب: جنازة شقيقى شيعت ولا يوجد عزاء عملا بوصيته    تأجيل محاكمة عامل بتهمة قتل صديقه طعنًا في شبرا الخيمة للفحص النفسي    190 عامًا من التشريع لرعاية الأطفال.. كيف تصدرت مصر حماية الطفولة عالميا؟    الاتصالات: إضافة 1000 منفذ بريد جديد ونشر أكثر من 3 آلاف ماكينة صراف آلى    قرار جمهوري بتجديد ندب قضاة للجنة التحفظ على أموال الجماعات الإرهابية    «الصحة» تعلن تقديم أكثر من 1.4 مليون خدمة طبية بمحافظة البحر الأحمر خلال 11 شهرًا    محافظ الجيزة يتابع الاستعدادات النهائية لإطلاق القافلة الطبية المجانية إلى الواحات البحرية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 24-12-2025 في محافظة الأقصر    "البحوث الزراعية" يحصد المركز الثاني في تصنيف «سيماجو» لعام 2025    وزيرا التعليم العالى والشباب يكرمان الطلاب الفائزين فى بطولة برشلونة    لتشجيع الاستثمار في الذهب.. وزير البترول يشهد التوقيع بالأحرف الأولى على اتفاق مع آتون مايننج الكندية    ضياء السيد: إمام عاشور غير جاهز فنيا ومهند لاشين الأفضل أمام جنوب إفريقيا    ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال على غزة إلى 70،942 شهيدًا و171،195 مصابًا    الركلات الترجيحية تبتسم للجانرز.. آرسنال لنصف نهائي كأس الرابطة على حساب كريستال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المواطنون الشرفاء .. والفساد الذي يضرب في القمة والقاع
نشر في المصريون يوم 31 - 05 - 2016

في ضربة جديدة لهيئة الرقابة الإدارية ، نجح رجالها في الإيقاع بمستشار وزير الصحة والرجل الأكثر قربا من الوزير ، متلبسا بتقاضي رشوة مليون جنيه ، ضمن صفقة رشا إجماليها أربعة ملايين ونصف المليون جنيه ، الرائع في عمل الرقابة الإدارية أن "ملف الجريمة" بالصوت والصورة ، وهذه ثالث ضربة كبيرة للرقابة خلال الأشهر القليلة الماضية ، بعد ضربة خلية وزارة الزراعة ، وضربة قاضي "أحمد موسى" الذي تم ضبطه وهو يساوم سيدة سورية على عرضها مقابل منحها حكما قضائيا "هدية" ، ثم قضية مستشار وزير الصحة ، وبطبيعة الحال ، فإن وجود جهاز رقابي قوي وقادر على الوصول إلى أوكار الفساد ورؤوسه الكبيرة هو أمر يسعد أي مصري ، ويعيد لك الأمل ، رغم الإحباطات ، ورغم شكوك الكثيرين في أن الأمور في مصر انتقائية .
الملاحظة الثابتة في الحالات الثلاث التي تم الكشف عن وقائع الفساد فيها ، أنها من شخصيات موالية للنظام بصورة كاملة ، ومن "الهتيفة" الذين لا يتركون مناسبة إلا ويهتفون "تحيا مصر" في محاولة لاسترضاء القيادة السياسية التي ترفع هذا الشعار ، ولا يتركون مؤتمرا ولا احتفالا إلا تغزلوا في حكمة القائد ونددوا بالمؤامرة التي تحاك ضد الوطن وحروب الجيل الرابع والسابع ، والملاحظة الأخرى الغريبة أيضا ، أن كل هذه الشخصيات التي تم القبض عليها متلبسة بالفساد كانت تقارير الأجهزة الأمنية "الرفيعة" تأتي لصالحها دائما ، وتصفهم التحريات بأنهم "مواطنون شرفاء" وأنهم جديرون بالمنصب القيادي الرفيع ، وأذكر أنه في واقعة عصابة وزارة الزراعة التي انتهت في المحكمة بسجن الوزير صلاح هلال ومدير مكتبه محيي قدح ، أن مدير مكتب الوزير ، هذا الشاب الذي صعد بسرعة الصاروخ ، كان مرشحا لمنصب أرفع ، ليكون الرجل الثاني في الوزارة ، وأن الوزارة أرسلت طلب التحريات والاستطلاع المعتاد للأجهزة الأمنية والرقابية الخاصة بالمرشحين للمناصب القيادية ، وفي اليوم السابق مباشرة ليوم القبض على "محيي قدح" من قبل الرقابة الإدارية ، كانت الوزارة قد تسلمت في نفس اليوم خطابا من جهة أمنية رفيعة توافق فيه على ترشيحه للمنصب الرفيع وتثني على وطنيته وأنه لا تشوبه شائبة ؟! .
في القضية الجديدة المتهم فيها مستشار وزير الصحة للمجالس الطبية المتخصصة ، والتي تتلخص مهمته الوطنية الشريفة فيها ، بتمرير بيع أجهزة ومعدات طبية غير مطابقة للمواصفات القياسية للمستشفيات التابعة لوزارة الصحة مقابل تقاضي رشاوى من تلك الشركات وصلت لأربعة ملايين جنيه ، هذا المستشار الفاسد قبل انتدابه لوزارة الصحة كان يحتل منصبا قياديا رفيعا في جامعة عين شمس ، حيث تم انتدابه منها فور تولي وزير الصحة الحالي الدكتور أحمد عماد الدين المنصب، وكان يشغل منصب مستشار عميد كلية الطب بجامعة عين شمس للعيادات الخارجية وقت رئاسة عماد الدين للكلية ، ولما ترشح عماد للوزارة اختار نفس الشخص وأسند إليه كافة الملفات الخاصة بأمانة المراكز الطبية، وخصص له مكتب بالوزارة ، والمفارقة أيضا ، أن التقارير الأمنية للترشيحات الخاصة به كانت تأتي من الأجهزة الأمنية تثني على وطنيته وعلى ولائه وعلى أنه لا تشوبه شائبة !! ، والطريف أن وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين ، عندما أراد أن يدافع عن نفسه في تلك القضية بعد ضربة الرقابة الإدارية ، وعندما أراد أن ينأى بنفسه عنها ، وقد رأى رأس وزير الزراعة الطائر قبله ، قال ما نصه : (أن تعيين المناصب القيادية بالوزارات المختلفة يتم بعد الحصول على موافقات من الجهات الأمنية، وهو ما يعني أن ملف هذا الشخص كان جيدًا قبل توليه للمنصب) ، وهو محق في ذلك بالتأكيد ، ولكن الشاهد فيها أنه يريد أن يرمي "الشيلة" على الأجهزة الأمنية .
القاضي الذي ألغى حكم سجن الإعلامي أحمد موسى أيضا في دعوى أسامة الغزالي حرب ، والذي أثنوا عليه وعلى نزاهته وعدالته ، وهتفوا له في المحكمة : تحيا مصر ، يحيا العدل ، تم ضبطه بعد ذلك بتسجيلات حية ، وهو يساوم سيدة على شرفها "لبيع" حكم قضائي لصالحها .
هذه المشاهد ، هي النسخة الرفيعة من نسخة "المواطنين الشرفاء" الذين يتم استدعاؤهم للهتاف للقائد ورفع صوره أمام الكاميرات أو لردع مظاهرات المعارضين أو التحرش بالصحفيين ، وأغلبهم يكونون من المسجلين خطر أو الباعة الجائلين أو أصحاب "الفرشات" المخالفة في مناطق شعبية ، يتم الاستعانة بهم للهتاف للرئيس والسلطة و"تحيا مصر" مقابل التساهل معهم في خروجهم على القانون ومخالفتهم للنظم الإدارية وقرارات الأحياء المختلفة ، والمؤكد أن بعضهم يتطوع بشغف للمشاركة في مسيرات "في حب مصر" باعتبارها تصبح مظلة لإخفاء انحرافه أو فساده وتحميه من ملاحقة أجهزة الدولة ، الفارق الوحيد أن هذه نسخة فقيرة وبائسة للمهمشين ، وما نحن بصدده في الزراعة والصحة والعدل نسخة مترفة وأكثر جشعا وتوحشا في المصالح والنفوذ .
المشكلة الأخطر في تلك الظاهرة ، أنها مثل السوس الذي ينخر في الوطن ، وفي النظام السياسي نفسه ، ليفسد أي خطط له للتنمية إن وجدت ، هؤلاء في القاع أو القمة يفرغون السلطة من صلابتها ومن قدرتها على الإنجاز ، وينشرون روح الإحباط في المجتمع ، لأن كل من يتماس معهم أو يعرفهم سيقول بداهة : ما فيش فايدة فيك يا بلد ، وأن الفساد هو قدر هذا الوطن ، فإن كان هؤلاء "المواطنون الشرفاء" في القمة أو القاع ، يظهرون ولاءا مزيفا للسلطة وللحاكم ، وأنهم أنصاره وظهره ، إلا أنهم في الحقيقة أعدى أعدائه ، وأحد أهم أسباب ارتباك نظامه ، وعندما يسقط سيكون هذا "السوس" هو الذي نخر العصا التي يتوكأ عليها وأدى إلى سقوطه ، لو كانوا يعلمون .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.