عاتبت ولدنا الكاتب الكبير عادل حمودة لأنه لم يضع اسمى ضمن مجرمى الرأى- وهو شرف لا أدعيه وتهمة لا أنكرها- وكانت حجته أننى لم أواكب الاجتماع بسبب سفرى خارج مصر فى ذات الوقت.. ولكن عتابى مازال مستمراً لأنه يعرف موقفى تماماً والذى أعلنته لولدنا وائل الإبراشى ولكل من يتعرض للقهر الحكومى والزج به فى النيابة كأى لص ولكنه عصر يترك فيه اللصوص أحراراً ويزج بالشرفاء فى السجون. والغريب أن كل القضايا التى تقصف فيها الأقلام وتكمم الأفواه وتصبح سراى النيابة مضيافة كل يوم لكاتب كبير أو صحفى صغير.. كل هذه القضايا ليس لها سبب سوى الالتزام بهموم الناس لأن الصحفى يكتب تحت شروط غير مكتوبة بينه وبين القارئ والقارئ يعتبر الكاتب ممسكاً بزمام أموره واقفاً سداً منيعاً بين القراء ومن يسلبونهم حقوقهم المشروعة، وبالرغم من أنه قد مضى وقت طويل على وعد الرئيس مبارك بالوقوف مع حرية الصحافة بعدم حبس الصحفيين فى قضايا النشر فإنه لم ينفذ وعد الرئيس حتى الآن ونحن فى الانتظار. وحينما تبنى وائل الإبراشى، رئيس تحرير صوت الأمة قضية الظلم البيّن بفرض الضريبة العقارية.. كان مفوضاً من الجماهير.. تلك الجماهير التى تعتبر الصحافة هى المتبنى لقضاياها والمدافع عن حقوقها. وكل ما فعله وائل الإبراشى أنه وقف بجانب آلاف المظلومين بالضريبة التى فرضت فى غيبة من الحق والتى أكملت سلسلة «الجبايات» التى تبتدعها الدولة من حين لآخر لضبط ميزان المدفوعات الذى أصبح يتوارى رغم استيلاء الدولة على أموال المعاشات التى تصل إلى أكثر من خمسين ملياراً، وأصبح أصحاب المعاشات مكشوفى المستقبل فى عراء اقتصادى لم يحدث فى تاريخ المعاشات فى مصر. أصبحت الكتابة عن حقوق الناس والوقوف فى صف الشعب جريمة توصل للجنايات! أما عن عادل حمودة فحدث ولا حرج فأصبح يتناول القضايا كمن يتناول قهوة الصباح. وأغرب قضية لمجرمى الرأى تلك القضية التى واجهها مجدى الجلاد، رئيس تحرير «المصرى اليوم»، وخالد صلاح رئيس تحرير «اليوم السابع»، فقد أعلن رئيس مجلس الدولة أن أحد أعضاء المجلس ارتشى وثبتت الرشوة ولم يحاكم ولم يسجن ولكن أقيل، خبر نُشر وقرأه الرأى العام وتعجب من تعجب وأثير من أثير، خبر نشر علناً فما الذنب الذى ارتكبه مجدى وخالد؟ أصبح مجرمو الرأى يساقون حتى لو علَّقوا على خبر صحيح.. أصبح لحم الصحفيين لذيذ المذاق للسلطة.. فتحت شهيتها لقضايا الكتاب وصحَّ رأى عادل حمودة حينما أطلق عليهم مجرمى الرأى واللقب بالمناسبة ينسحب علينا جميعاً وبلا استثناء. لقد قال لى الزميل عادل حمودة بعد عتابى الشديد لعدم نشر اسمى ضمن قائمة مجرمى الرأى، إن الدولة تدخلت وإن الأستاذ الدكتور مفيد شهاب قد تبنى القضية برمتها.. وأنا أثق فى عدالة الدكتور مفيد شهاب كقانونى محنك لا تشق له عدالة. ولكنى أتساءل لو لم يتدخل الدكتور مفيد شهاب بأسلوبه الآخذ فى رأب الصدع وإنهاء التوتر.. ماذا كنا سنفعل نحن الكتاب فى مواجهة جناية وائل الإبراشى لوقوفه بجانب الشعب؟ إذن أصبح الوقوف بجانب الشعب جريمة توصل لحبل المشنقة! أعلم جيداً أن الموضوع الآن فى أيدٍ أمينة مع الدكتور مفيد شهاب لكن هذه القضية لن تكون الأخيرة فماذا سنفعل؟ هل نعقد اتفاقاً مكتوباً مع الدكتور مفيد شهاب ليقف بجانب الحق مع مجرمى الرأى؟ وماذا تفعل الأجيال الجديدة فى مواجهة مثل هذه المواقف التى تزداد ضراوة وتزداد استفزازاً لحرية الرأى يوماً بعد يوم؟.. بعد طولة عمر الدكتور مفيد! تخيلوا الموقف لو لم يتقدم هذا الرجل الذى أعتبره مكسباً ضخماً للحزب الوطنى وحتى فى هذا الموقف ووقوفه النبيل بجانب الحق فى هذه القضية فهو وردة فى عروة النظام لعلها تبقى ولا يزهق الدكتور مفيد من الأحداث التى تسقط بيننا يوماً بعد يوم. [email protected]