سمعت محمود سعد منذ أيام وهو يتحدث عن عملية تطوير لبرنامج البيت بيتك. وأنا أتابع هذا البرنامج بشكل متقطع من واشنطن ونيويورك، وأرى أنه مثل بقية برامج (التوك شو) والفضائيات المصرية، له أهمية كبيرة فى ربط المهاجرين بمصر وقضاياها. غير أن مايميز «البيت بيتك» هو أنه يذاع على التليفزيون الرسمى للدولة، ويكاد يكون النافذة الوحيدة ذات الشعبية التى يمكن للحكومة أن تطل منها برأسها باعتبارها (صاحبة ملك). ومجرد إعادة النظر فى شكل وأسلوب البرنامج هو فى ذاته علامة إيجابية، فنحن عادة لا نتجه إلى التغيير إلا تحت ضغط الحاجة أو حدوث كارثة. لذا فإننى أود المشاركة –عن بعد- فى تقييم هذه التجربة من خلال الحلقات التى أتيحت لى مشاهدتها. ويمكن تلخيص ملاحظاتى فيما يلى: أولا: يجب التوقف عن (المونولوجات) الطويلة، التى يسترسل فيها مقدم البرنامج للحديث عن قضايا معينة. صحيح أن محمود سعد (مهضوم) كما يقول الإخوة فى لبنان، وصحيح أن تناوب خيرى رمضان وتامر أمين (يخفف على المعدة)، إلا أننى أقول لهم إن عصر أم كلثوم قد انتهى. كما أنهم يبالغون أحيانا فى فرض آرائهم الشخصية، وبعبارات يبدو منها أحيانا أنهم حصلوا على توكيلات شعبية للحديث باسم.. من.. لا أدرى! ثانيا: ألاحظ أيضا الفقر الإنتاجى الشديد فى برنامج يفترض أنه يجلب الكثير من الربح والإعلانات. فلا نجد التنوع والحركة بالكاميرا فى مواقع متعددة. كما أن كثيرا من المقابلات تتم عبر الهاتف دون مبرر مفهوم، خاصة أن الضيف يتحدث من القاهرة ويمكن إحضاره بسهولة. ثالثا: مع القصور فى استخدام الكاميرا نجد شبه انعدام لاستخدام تقنيات الصورة المتنوعة مثل (الجرافيكس)، بما يجعل البرنامج أحيانا أشبه (بالإذاعة المتلفزة) فمثلا عندما تناول البرنامج قضية الخلايا الجذعية فإنه استضاف مجموعة من الخبراء وهذا أمر مطلوب، لكننا لم نجد شرحا مصورا ليفهم المشاهد ما يتحدثون عنه ببساطة، وهذه ليست مشكلة مقدم البرنامج خاصة إذا لم يكن (تليفزيونجيا)، فهناك فريق للإعداد والإخراج يتعين عليه الانتباه إلى هذه الأمور، وأدعوهم لمشاهدة القنوات العالمية وكيف تتناول هذه الموضوعات المعقدة. رابعا: أسوأ مافى هذا البرنامج هو أهم عناصره، وأقصد بذلك التقارير المقدمة، فمستواها لايرقى إلى برامج مدرسية أو تدريبية، ويجب إعادة تأهيل المشاركين فيها. خامسا: البرنامج ينظر إليه حاليا على أنه يعبر عن سياسة الدولة، ويتم ذلك أحيانا (بفظاظة) يمكن أن تهز مصداقيته. واعتقادى أن وجود محمود سعد هو الذى حافظ على قدر من المصداقية حتى الآن بما يبديه من (شعبوية) واستقلالية. إلا أن مافعله البرنامج أثناء أزمة الجزائر لم يكن أقل ضررا من برامج الفضائيات الرياضية التى يسخر البعض من قلة ثقافة مقدميها، لكنهم فى النهاية لهم أسماؤهم كلاعبى كرة غير محسوبين على الحكومة، بعكس الحال مثلا مع تامر أمين الذى كان عنيفا فى لغته قبل أن يعود ويخففها لتناسب التعليمات الجديدة. وأنا لا ألومه كثيرا على ذلك لأنه فى النهاية (عبدالمأمور) خاصة عندما يكون لديه «معد» بدرجة وزير. لكنه بالغ فى الأداء بحيث رأيناه يستل سيف المعتصم الخشبى ليقود الجيوش إلى الجزائر ، لأن امرأة مصرية هناك تعرضت للمعاكسة، فنادت (واتامراه)!.. أما وزير الإعلام أنس الفقى فأقل مايقال عن مداخلاته فى البرنامج هو أنها كانت كارثية. والنتيجة أن مصر خسرت فى أسبوع من مكانتها وسمعتها، مايحتاج سنوات لاستعادته، وسمعت من الكثيرين من أبناء الجاليات العربية فى أمريكا أنهم توقفوا تماما عن مشاهدة الفضائية المصرية لهذا السبب. واتصلت بى أديبة عراقية مغرمة بمصر والمصريين لتقول لى فى انزعاج: مصر أكبر وأعظم من كده، فاعتذرت لها بأننى لا أملك وقف المهزلة. لكننى أستطيع الآن أن أهمس للسيد الوزير معد البرنامج: إن القانون يمنع الجمع بين وظيفتين.. إيه رأيك فى وظيفة ثالثة؟!