القس أندريه زكي يشهد انطلاق فعاليات الحوار المصري الألماني    «البحوث الإسلامية» يطلق حملة توعويَّة لمواجهة الخصومات الثأريَّة    رابط التقديم لبرنامج التدريب الصيفي بمجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات    نقيب الأشراف: سيادة الدولة المصرية وحدودها خط أحمر لا يمكن المساس به    "أكسيوس": نتنياهو طلب من الولايات المتحدة التوسط في المفاوضات الإسرائيلية - السورية    الإسماعيلي يهزم إنبي ويحسم المركز الثالث بكأس عاصمة مصر    عطية الله: أولويتي هي الاستمرار مع الأهلي    بعد وصوله مانشستر يونايتد.. كونيا: كنت أحلم بارتداء قميصه    محافظ الغربية: تشديدات صارمة لمنع الغش في امتحانات الثانوية العامة    القصة الكاملة لسرقة الدكتورة نوال الدجوي.. من البلاغ لحفظ التحقيقات    نحو عالم أكثر تناغمًا |فعاليات فنية بمتحف الحضارة احتفالًا بيوم حوار الحضارات    وزير الثقافة يلتقي محمد هنيدي لبحث تقديم عروض مسرحية بالمحافظات    رامي جمال يدعم نجل تامر حسني.. "الغالي ابن الغالي"    إنقاذ مريضَين بانشطار في الشريان الأورطي ب الزهراء الجامعي    القطار الخفيف يقلل زمن التقاطر يوم الجمعة من كل أسبوع للتسهيل على الركاب    الحزن يخيم على البحيرة بعد مصرع تاجر ذهب متأثرا بجراحه إثر التعدى عليه بسكين    ضبط 1325 كرتونة وعبوة أدوية بيطرية مغشوشة بالمنوفية    «مراسم بني حسن» معرض في «الهناجر» الخميس المقبل    من 1.8 ل 1.67 مليون.. لماذا انخفضت أعداد الحجاج في 2025؟    لترطيب الكبد- 4 فواكه تناولها يوميًا    عرض مالي ضخم يقرب سباليتي من تدريب النصر    "الزرقاني" يتفقد سير العمل بوحدة كفر عشما ويتابع معدات الحملة الميكانيكية    حماس تنفي تفاصيل مفاوضات وقف إطلاق النار التي يتداولها الإعلام الإسرائيلي    إنارة رافد جمصة على طاولة التنفيذ بتنسيق مكثف بين الجهات المعنية    وزير الاستثمار: الدولة تولي اهتمامًا كبيرا بتطوير قطاع التأمين    كوريا الجنوبية: بيونج يانج تعلق البث المناهض عبر مكبرات الصوت    أشرف صبحي: نادي سيتي كلوب إضافة نوعية لخريطة المنشآت الرياضية بدمياط    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    قافلة جامعة المنوفية توقع الكشف الطبي على 440 من أهالي «ميت أم صالح»    حقوق الإنسان بمجلس النواب تستضيف رئيس الطائفة الإنجيلية وأعضاء الحوار المصري الألماني    وزير الري: مصر تعتمد بشكل شبه كلي على نهر النيل لتلبية احتياجاتها المائية    مصر تعرب عن خالص تعازيها لجمهورية الهند في ضحايا تحطم طائرة غرب البلاد    انقطاع شامل للاتصالات والإنترنت في قطاع غزة    انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر لأدنى مستوى في 3 سنوات    بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" بالعبور الجديدة الأحد 22 يونيو    وزير البترول: مشروع إنتاج حامض الفوسفوريك تحرك هام لتعزيز الصناعات التحويلية    عبد العاطي يؤكد ضرورة الحفاظ على السودان وصون مقدّراته    رسميًا.. رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية    حجز والدي عروس الشرقية على ذمة التحريات في واقعة زفاف عريس متلازمة دوان    عبد الخالق فريد مديرًا لمهرجان بورسعيد السينمائي الدولي    كريم عبدالعزيز يصل ب"المشروع x" ل100 مليون جنيه وينتظره رقما قياسيا في شباك التذاكر    "دخل حسابي 1700 يورو؟".. أحمد حمدي يثير الجدل بمنشور جديد    ريال مدريد يحسم صفقة الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو حتى 2031    أهلي جدة ينتظر موقف ميسي    وزير الصحة يبحث مع مدير "جنرال إليكتريك" التوطين المحلي لأجهزة السونار    الصحة العالمية: رصد متحور كورونا الجديد في ألمانيا    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    تامر حسنى وديانا حداد نجوم أحدث الديوهات الغنائية    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    إسرائيل.. المعارضة غاضبة لفشل حل الكنيست وتهاجم حكومة نتنياهو    برئاسة السيسي وولي العهد.. تعرف على أهداف مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 في مصر    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وداع جُند البحرية المصرية للمدمرة إيلات

بما أن مهمتى التى كلفتنى بها مصر، وهى رصد وتحليل التفاعلات الإسرائيلية العميقة مع قضايا الصراع والتسوية، لا تكتمل إلا بعرضها على الرأى العام والتجاوب مع موقفه، فإننى أتوقف اليوم عند روايات جنود البحرية المصرية عن تجربتهم فى إغراق المدمرة إيلات يوم 21/10/1967 بعد أربعة أشهر فقط من هزيمة يونيو.
لقد بدأت سلسلة مقالات حول تفاعلات الأدب الإسرائيلى مع المعارك منذ أسبوعين بمقال عرضت فيه قصة «مكنسة على الصارى» للأديب الإسرائيلى يوسى جمزو، قدم فيها رثاء إيجابياً لطاقم المدمرة، وذلك بحكاية تفاصيل المعركة قبل الأخيرة التى شاركت فيها المدمرة إيلات، وأسفرت عن إغراق زورقى طوربيد قرب بورسعيد يوم 11 يوليو سنة 1967.
كانت قصة جمزو إذن محاولة لرفع المعنويات الإسرائيلية بعد إغراق إيلات بالتذكير بنصر سابق حققته. فى مقال الثلاثاء الماضى عرضت شهادة قائد تشكيل زوارق الصواريخ النقيب أحمد شاكر عبدالواحد، نقلاً عن نشرة للتوجيه المعنوى أصدرتها قواتنا المسلحة فور إغراق المدمرة.
إن التفاعل الإيجابى المحترم من جانب القراء، سواء على شبكة الإنترنت أو عبر الاتصال الشخصى، مع هذا التقاطع بين الذكريات المصرية وسجلات الأدب الإسرائيلى يدفعنى اليوم إلى استدعاء روايات الجنود بأسمائهم.
وقبل هذا أسجل اهتمام وزير الصناعة الأسبق د.إبراهيم فوزى عبدالواحد، شقيق قائد تشكيل الزوارق، بمسألة إحياء ذكرى النقيب عونى والنقيب ممدوح زميلى شقيقه، اللذين استشهدا فى المعركة الأولى مع إيلات فى 11 يوليو. لقد ألحَّ الوزير على هذه القيمة التى أشاركه فيها، كما ألح على إعطاء الجنود حقهم بإبراز أدوارهم وأنا هنا أيضاً معه.
فى الصفحات الأولى من نشرة التوجيه المعنوى المذكورة سنجد شهادة المقاتل حسن حسنى، مساعد القائد أحمد شاكر، تحت عنوان مؤثر يقول: «وشاء القدر أن ندمر الهدف الذى كان سبباً فى استشهاد البطلين عونى وممدوح»، وبالمناسبة فإن أولهما مسلم والثانى قبطى، وهى إشارة أريد بها تجسيد اللحمة الراسخة فى تاريخ مصر والذود عنها فى مواجهة الغزاة والطغاة والمعتدين.. على مدى تاريخ الكفاح المصرى.
سنبدأ بالمقاتل متطوع محمد على، من قنا، يقول: «فى صباح يوم السبت عند أول اكتشاف الهدف بالقرب من ميناء بورسعيد صدرت الأوامر باختبار الأجهزة، وتم صدور الأوامر بإطفاء الأجهزة حتى وصلت الأوامر لخروج اللنش للعملية. وكان مكانى أمام أجهزة الصواريخ للاستعداد لتنفيذ أوامر التشغيل.
فلما صدر أمر القائد (هجوم بالصواريخ) ووُصّل التيار بأجهزة الصواريخ أمرنى ضابط التسليح بابتداء تشغيل الأجهزة وبعد 6 دقائق كانت الأجهزة (تمام)، فأبلغت القائد بأن صاروخ الجانب الأيمن (تمام) وصاروخ الجانب الأيسر (تمام)، فأصدر لى الأمر: استعد لإطلاق صاروخ الجانب الأيمن، وبعد لحظات خرج الصاروخ واستعددت لإطلاق صاروخ الجانب الأيسر.. كل ذلك وأنا أراقب الأجهزة أثناء التشغيل، ولقد تم إطلاق الصاروخ الثانى بنجاح وكانت أعصابى فى هدوء وثبات.
وبعد أن عرفت أن العملية تمت بنجاح فرحت فرحاً شديداً وصافحت القائد وضابط التسليح وباركت لهما بالنصر، وأملى دائماً أن أكون جاهزاً للانتقام من الأعداء وتخليص ثأر اللنشات فى السويس وبورسعيد، وأملنا دائماً فى النصر، وهذه أول مرة أطلق فيها الصاروخ بمفردى، وقبل ذلك كنت أطلقه تحت إشراف الباشمهندس».
أما المقاتل فصيح صابر فمهمته مختلفة، ونترك له الرواية يقول: «أنا ماسك قلب اللنش وهى الماكينات التى تشغّل اللنش والكهرباء والصواريخ. وماكينات اللنش (تمام) بفضل حبنا لها واهتمامنا بها لكى تؤدى دورها فى الوقت المطلوب. ساعة ما قالوا لنا إننا متحركين للضرب الساعة 6 صباحاً ونحن فى غاية الفرح وجميع الماكينات على أهبة الاستعداد لخوض المعركة.
أنا كنت جنب قائد اللنش أتتبع الأخبار بصفتى مساعد اللنش وكان شعورى عند العودة وبعد الإطلاق أن نحمل صواريخ أخرى وننطلق إلى أهداف أخرى، وطاقم الميكانيكا الذين كانوا يعملون معى كانوا يعملون بقوة وروح عالية وكلنا كنا نشعر أن قائدنا يريد أن يثأر من العدو ويحقق النصر، مما كان يجعلنا نلتف حوله ونريد ما يريد».
أما المقاتل حسين عمارة فيقول: «لقد كان شعورنا غريباً عندما صدر الأمر بالخروج إلى لقاء العدو، ثم أُلغى ثم صدر الأمر مرة ثانية ثم أُلغى، وجاءت المرة الثالثة جادة فاستعدنا فيها روحنا حيث اتخذ كل فرد موقعه.
وكنا فى غاية السعادة قبل أن نشتبك وعند إطلاق أول صاروخ رأيت الهدف ينفجر على شاشة الرادار فخرجت مسرعاً إلى القائد وأبلغته وهنأته وقبّلته، وعند ثانى صاروخ رأيت الهدف يغطس تماماً فصعدت إلى القائد وقبّلته مرة ثانية، وفى ساعة الإطلاق افتكرت أننا نأخذ بثأر إخواننا الذين استشهدوا فى حرب 1956 و1967 - ومنهم الشهيد ماجد قطب ومحمود بدوى - الذين شعرت بأننى أخذت لهم بالثأر».
أما المقاتل بحرى خيرى بركات فيقول: «حينما أتت إلينا الإشارة بالتحرك للقتال صعدت إلى الصارى وكشفت غطاء الهوائى ثم أخذت مكانى فى مؤخرة اللنش وكنت فى أشد السعادة والسرور حيث كانت هذه أول مرة أشترك فيها فى إطلاق الصواريخ وبفضل زميلى فى الرادار سمير محيى تم إطلاق الصواريخ بنجاح».
أما المقاتل بحرى حمدى فرغلى فيقول: «كان شعورى بالسرور عند التحرك إلى أهداف العدو، وعندما أبلغنى المساعد الميكانيكى بتشغيل جميع الماكينات أحسست بالسرور البالغ وقمت بتشغيل الماكينات ومعى حكمدار الغرفة، وبعد التشغيل دقت الأجراس بالتحرك إلى الأهداف، وعندما أطلق القائد الصاروخ الأول حصلت عندى فرحة لا تُقدّر، فقد كنت فى السويس وشاهدت غدر الأعداء، ولذلك فقد حان أن نأخذ ثأرنا منهم».
إن هذه المشاعر الدافئة بالوطنية الصادقة والتلقائية فى التعبير ستبقى دائماً كنز مصر الأغلى والأثمن، ولذا فهى جديرة بأن نحييها وأن نبث فيها الروح لتسرى فى عروق أجيالنا الجديدة دائماً. إن الروايات التى يقدمها الضباط الذين شاركوا فى معركة المدمرة إيلات الأخيرة تشير إلى أن هدفاً بحرياً كبيراً آخر قد تم تدميره، وترجح نشرة التوجيه المعنوى المذكورة أنه المدمرة «حيفا»،
بينما يرجح بعض القراء فى تعليقاتهم أنه المدمرة «يافا»، وأعتقد أن خبراء البحرية المصرية هم الأقدر على حسم هذه المسألة. أرجو فى النهاية أن نكون قد أعطينا القراء المحترمين ما طالبونا به من التوقف مع الجنود البسطاء شركاء النصر، فإن مهمة دراسة المجتمع المعادى من خلال الأدب ومن خلال المصادر الأخرى تكتمل فقط بتفاعل الرأى العام مع المعرفة التى نحصلها ونقدمها له.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.