محافظ بورسعيد يصرف مكافأة 10 آلاف جنيه لمدرسة قرية الفتح    تدشين أول وحدة إنتاجية من الصم والبكم داخل مصنع الشركة السويسرية في بني سويف    المرأة العربية تطلق ورشة حول الدليل التدريبي لمنهجية إعداد التقارير للقضاء على التمييز    إزالة 500 حالة إشغال بسوق السيل في أسوان    ب25 جنيه.. ارتفاع أسعار الطماطم في أسواق الدقهلية    إزالة 527 حالة تعد بأسوان ضمن المرحلة الثانية من الموجة ال27    وزيرة التنمية المحلية توجه برفع كفاءة منظومة العمل بالحملة الميكانيكية وتعزيز القدرات التشغيلية والصيانة    سفير بريطانيا في القاهرة: نتوقع اعترافًا مماثلًا بالدولة الفلسطينية من شركائنا وحلفائنا    موعد مباراة ليفربول وساوثهامبتون بث مباشر اليوم في كأس رابطة الأندية الإنجليزية    النحاس يحاضر لاعبي الأهلي قبل مواجهة حرس الحدود    صباح الكورة.. ميدو يهاجم رابطة الاندية وطلب عاجل من ريال مدريد لفينيسيوس جونيور    تحرير 28 محضر مخالفة خلال حملة تفتيشية موسعة بأشمون    لعبة الحوت الأزرق.. تعرف على التفاصيل    العثور على جثة مُسن مجهول الهوية بترعة القاصد بطنطا    التعليم: اعتبار اللغة الأجنبية الثانية مادة نجاح أو رسوب ولا تضاف للمجموع    إسلام مبارك تفوز بجائزتين على التوالي كأفضل ممثلة عن فيلم «ضي»    هيطلعوا من الأوائل.. 5 أبراج متفوقين في الدراسة    حدفوه بطوبة من الخارج.. إصابة تلميذ في الرأس داخل مدرسة ابتدائية بقنا    التأمين الصحى بالغربية: إجراء 988 عملية زراعة قوقعة ناجحة بمستشفى مبرة طنطا    ينتج عنها رذاذ خفيف.. بيان مهم من الأرصاد يكشف حالة الطقس المتوقعة اليوم الثلاثاء    «الزمالك مش عزبة».. أول تعليق من تامر عبدالحميد على أنباء شطبه من القلعة البيضاء    عثمان بالون دور.. ليكيب الفرنسية تحتفل بالذهبى ديمبيلى    دعاء استقبال شهر ربيع الآخر 1447.. ردده الآن    تحية العلم تزين انطلاقة العام الجامعي الجديد بجامعة بني سويف    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    أعضاء «الشيوخ» الجدد يتوافدون على المجلس لاستخراج بطاقات العضوية    اليوم في التاسعة مساءً تبدأ احتفالات اليوم الوطني السعودي 95    نقابة التشكيليين تندد بالعبث بتمثال محمد علي وتعلن مقاضاة الجهة المعتدية    نسرين عكاشة: موافقتي على جزء سادس من مسلسل "ليالي الحلمية" غلطة وندمانة عليها    مطروح : تستعد لمواجهة طوارئ السيول وتداعيات سقوط الامطار    القومي لذوي الإعاقة يشارك بفعاليات مهرجان بورسعيد السينمائي    عادات قد تفسد ليلتك.. لماذا تستيقظ بين ال2 و3 فجرًا؟.. (العلم يفسر)    وزيرة التضامن تتابع سير العمل في مستشفى عبلة الكحلاوي ل«ألزهايمر وكبار السن» استعدادًا لافتتاحه قريبًا    الأحد المقبل.. مؤتمر صحفي للإعلان عن تفاصيل الدورة 33 لمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    وزيرة الخارجية البريطانية تشن هجوما جديدا على نتنياهو بسبب أطفال غزة    الحكومة الإيرانية: اليورانيوم المخصب بنسبة 60 % تحت الأنقاض ولا يمكن الوصول إليه    كندا ودول أوروبية تدعو إسرائيل للسماح بوصول الأدوية إلى غزة    «كفاية حيرة كل يوم».. أفكار «لانش بوكس» صحي للأطفال    هيئة الاستثمار: تقرير "جاهزية الأعمال" يعتمد على ثلاث ركائز رئيسية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 23-9-2025 في محافظة الأقصر    "جاب الطالبات من الشارع".. محافظ بورسعيد يُحيل مديرة مدرسة إلى النيابة العامة    نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل يترأس الاجتماع الحادي والثلاثين للمجموعة الوزارية للتنمية الصناعية    كجوك يستعرض جهود تحفيز الاستثمار بالتسهيلات الضريبية والسياسات المالية الداعمة للإنتاج والتصدير    وزير الصحة يتابع معدلات تنفيذ 29 مشروعًا في 12 محافظة    وكيل صحة سوهاج ل "أهل مصر": تشغيل مسائي للعيادات بالمستشفيات العامة والمركزية    كونتي: نابولي ليس معتادًا على ضغوط ومجهود المنافسات الأوروبية    مصادر طبية: 5 شهداء بينهم 3 أطفال بغارة إسرائيلية على منزل بمخيم الشاطئ غربي غزة    ما حكم صلاة مريض الزهايمر.. «الإفتاء» توضح    وزير الخارجية: قلقون لما يتعرض له التراث الفلسطينى من تدمير إسرائيلى    حكم لبس الحظاظة في الإسلام.. دار الإفتاء توضح    حكم فسخ الخطوبة بسبب ترك الصلاة.. دار الإفتاء توضح    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 23-9-2025 بالصاغة (آخر تحديث رسمي)    نجم المصري السابق: الكوكي أقل من النادي.. والساعي إضافة قوية للفريق    بعد البيانو.. سميح ساويرس يكشف عن حلمه الجديد: أستعد لإخراج أول أفلامي.. وهذه نصيحي للشباب    الداخلية تكشف ملابسات صورة جرافيتي على مبنى محافظة الدقهلية    لاعب غزل المحلة يغادر المستشفى بعد الاطمئنان على حالته الصحية    رئيس الوزراء: القصف الإسرائيلي للدوحة سابقة خطيرة.. وندعو إلى اعتراف غير مشروط بدولة فلسطين    منتخب الشباب يفوز على نيو كاليدونيا بثلاثية استعدادا للمونديال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المواطن الأليف.. والحكومة النمرة

ما الذى يدفع مواطناً إلى قتل آخر بسبب الخلاف على بطيخة «قرعة»، فى الوقت الذى يرضى فيه بأن تصفعه الحكومة خمسين «قفا» على سهوة من خلال زيادة أسعار السلع التى تصرف على بطاقة التموين، ورفع أسعار السلع داخل الأسواق بسبب التضخم، والسطو على مدخراته فى التأمينات والمعاشات، وإهانته فى أقسام الشرطة، وقهره فى دفع ضريبة عقارية نظير تركه يعيش بين أربعة جدران، وغير ذلك؟
لقد حدث ذلك فعلاً عندما بادر عامل إلى طعن جاره (بائع بطيخ) بسكين حتى لقى حتفه بسبب بطيخة اشتراها الأول من الثانى وذهب إلى بيته وشقها ليجدها «قرعة»، فعاد بها إلى جاره وطلب منه استبدالها أو تخفيض سعرها فرفض، فما كان من «الشارى» إلا أن «شق» صدره بسكين البطيخ مسترخصاً حياته وحياة جاره من أجل بطيخة!
المواطن الذى قتل غاضب، والمواطن الذى نصب «ببيع البطيخة القرعة» غاضب أيضاً، وسر غضب الاثنين هو الضغوط التى أهلكتهما بسبب صعوبة الحياة وتعقدها فى هذا البلد، لكن أياً منهما لم يوجه غضبه إلى الجهة المتسببة فى تصعيب أو تعقيد حياته، بل استسهل سحق الآخر «الأضعف» ورضى بالصفعات المتتالية التى تكيلها له الحكومة.
فعلى مدار سنين دأب النظام فى مصر على تعليم المواطن درساً أساسياً ملخصه «مهما أعمل فيك.. حل مشاكلك بعيد عنى»، فالحكومة- بعد أن باعت ثروات ومقدرات البلد لحسابها الخاص- تبحث عن حلول لأزماتها على حساب المواطن، فالعجز فى الميزانية العامة يتم تعويضه برفع أسعار السجائر والبنزين والسولار، ومضاعفة أسعار المياه والكهرباء، وفرض ضرائب على الأسمنت والحديد، وزيادة الرواتب بنسب ضئيلة، فهى تمارس العمل الاقتصادى من أفسد طريق وبأفسد طريقة، إذ لا تسعى إلى تنمية ولا يحزنون بل تجتهد فى الجباية.
لم يعد يهم الحكومة الآن أن تطور الصناعة أو الزراعة أو التجارة الخارجية، فهذه المفردات اختفت تماماً من قاموسنا الاقتصادى، بل أصبح شاغلها الأساسى رفع الأسعار والضرائب والبورصة والسمسرة والاحتكار وغير ذلك (بحكم أنها حكومة رجال أعمال). وهى تحاول أن تؤكد للمواطن أنه لا مانع من أن يفسد هو الآخر وأن يستغل نفوذه وأن يسترزق من المكان الذى يعمل فيه طالما كان ضحيته مواطناً آخر مثله (أضعف منه)، أما من يسرقه ويسلبه وينهبه «عينى عينك» فالأحوط والأفضل أن يبتعد عنه لأنه يستطيع سحقه بسلاحه وعتاده والجنود الذين يحمون أمنه!
إن برامج «التوك شو» تصرخ ليل نهار بالفساد والظلم الذى يغرق أهل المحروسة والحكومة مبسوطة بذلك أشد الانبساط، فالمواطن يشاهد التقارير التى تفضح فساد هذا المسؤول أو ذاك، ويستمع إلى مسلسل إهدار المال العام فى هذا الموقع أو تلك الوزارة، ولا يجد بعد ذلك أى إجراء يُتخذ ضد المفسد أو اللص أو المرتشى أو عديم الذمة فيفهم بذكائه الفطرى أن الحكومة تريد أن تبعث له برسالة محددة وهى «لا مانع أن تفسد أنت أيضاً». وفى أوقات أخرى تركز هذه البرامج الضوء على امتهان كرامة المصرى الذى يطالب بحقه على رصيف مجلس الشعب وسحق رأسه فى الشوارع وفى أقسام الشرطة، وفى ذلك رسالة أخرى من الحكومة إليه وهى «لا تلق بيديك إلى التهلكة».
لذلك لا يجد المواطن سبيلاً أمامه سوى افتراس مواطن آخر أضعف منه، كما فعل العامل الذى طعن جاره بسبب البطيخة «القرعة». وهو ما يفعله أيضاً سائق التاكسى الذى يأخذ أجراً أكثر من حقه ليلطشه منه الميكانيكى الذى يصلح له «التاكسى»، ليلطشه منه بعد ذلك بائع البطيخ الذى يتاجر بنفس طريقة الحكومة «القرعة»، ليلطشه منه المدرس الخصوصى الذى يدرّس لأبنائه،
ليلطشه منه الطبيب الكبير الذى يعالج «المدرس» من أمراض الضغط والسكر، ليلطشه منه المهندس الذى يصمم للطبيب فيلته، ليلطشه منه بعد ذلك صاحب العقار الذى باع للطبيب الشقة التى شيد فيها عيادته ليراكم الأموال فى البنوك، لتلطشها بعد ذلك الحكومة– كديون غير مدفوعة طبعاً– لتمول بها مشروعاتها الوهمية التى تشكل غطاء لتهريب الأموال إلى الخارج . وهكذا تتداخل الدوائر بعد أن يصفى المواطنون بعضهم بعضاً لتنتهى أخيراً إلى نقطة التقاء وهى «جيب الحكومة» الذى لا يمتلئ أبداً!
وكما أن الحكومة المنهومة لا تشبع من المال، فإن البعض لا يشبع من تكرار التعليقات على مثل هذه الحوادث، مشيراً إلى أنها تعكس حالة التراجع فى أخلاقيات المصريين، وكيف اختفت قيم التسامح والرحمة والحق والإنسانية فى تعاملاتهم لتحل محلها أخلاقيات البلطجة والعنف فى الحصول على الحقوق.
لذلك فإن أياً من مشاكلنا لن تحل ونحن نهمل الفاعل الحقيقى أو السبب الرئيسى الذى أدى إلى حالة التردى العام التى نعيشها، والتى دفعت المصريين– أكثر شعوب الأرض غراماً بالحياة– إلى سحق حياة بعضهم البعض. وهذا السبب ببساطة هو الحكومة التى تقبض على السلطة بوضع اليد وبالوراثة وبالتزوير،
وبالتالى تعلّم المجتمع بأكمله درس إهدار الحقوق، وأن بإمكان أى فرد أن يحتفظ بأى شىء حتى ولو حصل عليه بالغصب أو الظلم أو التدليس. لذلك فلا أمل للخلاص إلا بنظام يأخذ الكرسى بحقه من رضاء الناس واختيارهم له، ولن يتأتى ذلك إلا إذا تعلم المواطن أن يحدد بدقة الجهة التى يجب أن يتجه إليها غضبه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.