بدون مجاملة

قصة تشبه أفلام السينما والمسلسلات التليفزيونية المصرية بطلها الطفل الأسمر ماريو بارواه الذى ولد فى مدينة باليرمو بجزيرة صقلية بجنوب إيطاليا سنة 1990 من أبوين مهاجرين من غانا وبعد إصابة الطفل الصغير بمرض فى معدته كاد أن يودى بحياته اضطر الأبوان إلى الانتقال للإقامة بمدينة بريشا بالشمال ليجد والده عملاً متواضعاً يعينه على إعالة زوجته وأبنائه الأربعة بينما خضع الصغير ماريو لإجراء عدة عمليات جراحية للشفاء من مرضه مما اضطر والديه توفيراً للنفقات إلى السماح لأسرة إيطالية «ماريو بالوتيللى وزوجته سيلفيا» برعاية ماريو الصغير الذى لم يتم ثلاث سنوات من عمره وتقدمت العائلة الجديدة بطلب إلى محكمة الأسرة بتبنيه رسمياً وهو ما حدث بعد مرور سنتين وموافقة والديه الأصليين ليحمل الطفل الصغير نفس اسم رب العائلة التى تبنته.
وعندما بلغ ماريو الرابعة عشرة من عمره حاول الالتحاق بأكاديمية برشلونة «لاماسيا» التى قضى بها أسبوعاً للاختبار شارك خلاله فى ثلاث مباريات ونجح فى تسجيل 8 أهداف مما استرعى اهتمام مسؤولى الأكاديمية لضمه، ولكن مبالغة وكيل أعماله آنذاك فى السعر أدت إلى فشل الصفقة، ليعود ماريو إلى إيطاليا مرة أخرى لينجح فى الانضمام إلى أشبال نادى ليميزانى وشارك معه فى دورى الدرجة الثالثة، وبعد عامين فقط من ظهوره على الساحة الكروية انتقل إلى فريق أشبال نادى إنترميلان الشهير مقابل 150 ألف يورو وبعد فترة قصيرة تم اختياره لأول مرة كاحتياطى للفريق الأول وبعد ثلاثة أيام لعب أساسياً وأحرز هدفين من أهداف إنتر الأربعة فى مرمى ريجينا، وتم الاتفاق على توقيعه عقداً لمدة ثلاث سنوات مع النادى العريق وشارك معه فى مباريات المسابقات المحلية والأوروبية محرزاً 20 هدفاً خلال 59 مباراة، ونظراً لمشاكله العديدة داخل وخارج الملعب والتى وصلت إلى قمتها عندما ظهر فى أحد البرامج التليفزيونية وهو يرتدى قميص إيه سى ميلان العدو اللدود لإنتر ورغم اعتذاره المتكرر إلا أن الجماهير لم تغفر له هذه السقطة ولم يتعظ ماريو ووقع فى خطأ أكبر عندما قذف بقميص إنتر بعد مباراته الأوروبية مع برشلونة، وتم عقابه من قبل المدرب جوزيه مورينيو بالعودة إلى فريق الناشئين، إلا أن ماريو استمر فى اختلاق المشاكل، وانتهى الأمر بعرضه للبيع ليتنافس على شرائه مان يونايتد ومان سيتى ليفوز الأخير بالصفقة ويحرز معه فى الموسم قبل الماضى كأس الاتحاد وفى الموسم الماضى الدورى الإنجليزى.
وكان من نتاج الشهرة والموهبة تلقى ماريو فى عام 2007 أول استدعاء للانضمام إلى منتخب غانا فى اللقاء الودى مع السنغال على استاد ويمبلى بلندن إلا أنه رفض مع تأكيده على احترام المنتخب الغانى وبأنه لن يلعب إلا لمنتخب إيطاليا وقد حدث عندما تم منح الجنسية الإيطالية حال بلوغه الثامنة عشرة من عمره وتم ضمه فى البداية لمنتخب تحت 21 سنة، وفى الموسم التالى قام المدير الفنى للمنتخب الأول تشيزارى برانديللى باستدعائه للمشاركة فى اللقاء الودى مع كوت ديفوار، أما أول أهدافه فكان فى مرمى بولندا، ثم توالى تألقه فى منافسات يورو الحالية التى أحرز خلالها ثلاثة أهداف: واحد فى مرمى أيرلندا واثنان فى مرمى ألمانيا لتصل إيطاليا إلى المباراة النهائية ضد كل التوقعات والمراهنات، وليغفر له كل مشجعى المنتخب سقطاته السابقة ولتطلق عليه وسائل الإعلام الإيطالية والأجنبية لقب سوبر ماريو أول لاعب أسمر يشارك ويسجل فى تاريخ المنتخب الآزورى.
ورغم أننى أرسل مقالى صباح الأحد فإنه من المصادفات الغريبة والعجيبة أن منتخب إيطاليا قد تعود على فضائح الرشوة والفساد والتلاعب فى نتائج مباريات الدورى لتحقيق البطولات الكبرى، فبعد الفضحية الأولى التى تفجرت عام 1980 نجح المنتخب الآزورى فى إحراز بطولة مونديال إسبانيا 82 وكرر نفس الإنجاز فى ألمانيا بعد الفضيحة الثانية التى تفجرت قبل مونديال ألمانيا 2006 فهل سيحقق إنجاز الفوز ببطولة أوروبا لتكتمل ثلاثية الفضائح التى تعقبها إنجازات بعد الفضيحة الثالثة التى تفجرت منذ شهرين.