اعتبر خبراء سياسيون أن توقيع الدول الأربع على اتفاقية لتنظيم مياه النيل دون مصر والسودان، وموقف دول المنبع من مصر، يعكسان «الفشل» الذى تعانى منه القاهرة نتيجة سياساتها الخارجية، مشددين على ضرورة عودة الدور المصرى والاهتمام بالقارة الأفريقية. قال الدكتور وحيد عبدالمجيد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن أزمة المياه مع دول المنبع تعكس الانكماش فى السياسة المصرية الخارجية فى معظم الاتجاهات سواء العربية أو الأفريقية منذ أواخر السبعينيات، وتعامل مصر مع الخريطة الجغرافية السياسية العالمية ب«عمى» وكأنها لا ترى سوى جزء صغير من العالم وهو أمريكا وأوروبا. وأضاف عبدالمجيد: «الدبلوماسية المصرية أصابها مرض «الجلوكوما» فلم تر إلا جزءا صغيرا من العالم وعندما بدأت تنتبه للمشكلة، كان القطار مضى فى طريقه، فحاولت الاتصال بالسائق، الذى لا يوجد معه هاتف محمول، والآن يحاولون الاتصال بالمحطة الأخرى أو بعمال الإشارات، ولكنهم ينسون أن القطار لا يمكن أن يعود ثانية». ويشير عبدالمجيد إلى أن الاتصالات الثنائية يمكن أن تحدث أثرا ما، ولكن يجب قبل ذلك أن تتم تلك الاتصالات، ويجب تواجد قدر من الفهم الدقيق وفهم طبيعة الطرف الآخر الذى نقوم بالاتصال به، والعوامل المؤثرة فيه، وما الذى يمكن أن نقدمه له، لافتا إلى أن انتظار نتائج تلك الاتصالات خطر إضافى يجب معالجته بوضع سياسة معالجة للفشل الذى يجب الاعتراف به، ووضع خطة بديلة وتصور للبدائل فى حالة عدم التوصل لحل، خاصة أن المهلة التى أعطتها دول المنبع قصيرة. وشدد الباحث هانئ رسلان على أهمية الموقف المصرى والجهود الممكنة للحفاظ على العلاقات المصرية مع دول حوض النيل، وقال: «مصر حملت العبء الرئيسى فى مبادرة حوض النيل على مدار 10 سنوات بما لديها من خبرات فى إدارة المشروعات التنموية، كما أحدثت نوعا من الالتفاف حول موقفها السياسى فى تعميق وتطوير العلاقات فى المجالات الاستثمارية الأخرى غير المياه، مثل تطهير الآبار الجوفية والمجارى فى أوغندا». وأضاف: إن ما حدث مؤخرا أوضح أن هناك توجهاً سياسياً لاتخاذ موقف ضد مصر من بعض دول حوض النيل بما يؤكد أنهم بحاجة ماسة للدور التنموى المصرى فى تلك الدول»، مدللا على ذلك برفض 3 دول التوقيع ضد مصر. وحول الدور الإقليمى المصرى فى دول حوض النيل، قال رسلان: «إن ما حدث هو ضربة قوية ومؤلمة لمصر نتيجة انسحابها من الإقليم وانشغالها بالشرق الأوسط والشمال»، وشدد رسلان على ضرورة إعادة النظر وترتيب الأولويات السياسية المصرية الخارجية وإعطاء أهمية أكبر للامتداد الطبيعى لمصر باتجاه حوض النيل، خاصة القرن الأفريقى.