أصبح عالم التدريب والتنمية البشرية من المجالات التى تجذب انتباه الكثير من الشباب بمختلف الأعمار، بل يتصور الكثيرون أنه أشبه بالمفتاح السحرى الكفيل بحل أغلب المشكلات بكل سهولة ويسر، فهناك من ينظر إليه بعين «المتدرب»، الذى يستفيد منه فى حياته الدراسية أو المهنية، لتطوير ذاته للأفضل، وهناك من ينظر له بعين «المدرب»، الذى يستطيع أن يصنع من شاب يائس منغلق على ذاته شاباً منفتحاً يحقق الكثير من النجاحات بما يملكه من إمكانيات لم يكتشفها من قبل فى ذاته، لكن هناك فئة من المدربين -ليست بقليلة- يبيعون الوهم للشباب ويتاجرون بالكلام المعسول (للربح فقط) تحت ما يسمى «علم التنمية البشرية».. فهل أصبح هذا العلم سلعة يتاجر بها كل من ظن فى نفسه أنه يملك «كاركتار» المدرب المحترف؟ أم أصبح باب الهروب البديل لصنع «كاريير» مناسب لأى شاب فى مقتبل حياته؟ أم السبب فى ذلك أنه علم مفتوح لا نهاية له؟ وهل للدولة يد فى ذلك؟.. فى هذا التحقيق نضع إجابات لتلك الاستفهامات وأكثر حول هذا العلم.. بداية تقول «نهاد رجب»، مدرب ومعالج بالتنويم الإيحائى: إن التنمية لم تكن منهجاً فى الأساس، فتاريخها ارتبط بنزول الدكتور إبراهيم الفقى إلى الشرق الأوسط كرائد لها، ومنذ ذلك الحين ربط الناس أى شىء يفعله «الفقى» بالتنمية البشرية، فصنعوا منه عالماً ومن كلامه علماً، رغم أن «الفقى» شخصياً قال: إنها ليست علماً وإنما حياة كاملة، لذلك أصبحت «بيزنس» فى المقام الأول. ويوضح المهندس أمجد جواد، مدرب تنمية بشرية، أن هناك فرقاً بين المدرب «البكاش» ونظيره النصاب، موضحاً أن الأول لديه تباين كبير بين عدد سنوات خبراته فى التدريب وعدد الدورات التى أعدها، ويقدمها بمقياس دورتين سنوياً، أما النصاب فتجده يصوغ استمارة تقييم الدورة للمتدربين بناءً على أشياء تافهة نوعاً ما، مثل هل حضر المدرب فى الموعد.. وهل شرائح العرض المرئى مبهرة؟ ويوضح الدكتور فتحى الشرقاوى، أستاذ علم النفس، خبير التدريب والتنمية البشرية، أنه لابد للمدرب أن يكون حاصلاً على دورة (TOT) لتدريب المدربين، من إحدى المؤسسات المعترف بها رسمياً، لأن التدريب أصبح مهنة من لا مهنة له، فأى شخص يجد فى نفسه اللباقة فى الكلام وخفة الدم فى حواره يظن أنه مدرب محترف. وينصح عبدالفتاح محمود، مدرب البرمجة اللغوية العصبية أى متدرب بأن ينظر إلى عدة أشياء مهمة مثل شهادة المدرب، واعتمادها، ودرجته العلمية، وسنه، وهل كل هذا مناسب له أم لا؟ فالمدرب يوجه للناس المعلومة الصحيحة ويكسبهم المهارات اللازمة لتطبيقها، وليس مجرد إلقائها عليهم فقط. ويضيف إيهاب ماجد، المدير العام لمؤسسة «خطوات» للتدريب: توجد دورات مجانية على المتدرب أن يحضرها أولاً، وإذا وجد منها استفادة حقيقية وهادفة يحضر باقى الدورات ويدفع أمواله بعد التأكد منها، لأننا فى كل مجال سنجد الجيد وسنجد الردىء.