سيدى الرئيس.. منذ ربع قرن تقريباً كانت آخر خطواتكم لزيارة شمال سيناء.. كنت لا أزال شاباً ثلاثينياً ومازلت أذكر المشهد تماماً فى العام 1989.. خزان ملىء بالمياه الحلوة فوق أسطح أحد المنازل تنتهى توصيلاته بصنبور مثبت على الجدار الخارجى للمنزل.. وعلى امتداده سجادة حمراء طويلة.. كنتم تعبرون عليها بخطوات واثقة.. تحيطكم الكاميرات والحراسة والصحفيون وعلية القوم.. تقدمتم فشربتم من مياه الصنبور وسط هتافنا وتصفيقنا.. وفى المساء أزيلت مظاهر الاحتفال.. السجادة والخزان والصنبور وربما (البيت)!! وامتلأت صحف اليوم التالى بمانشيتات ضخمة تعلن وصول المياه الحلوة إلى سيناء.. ومن يومها لم تتشرف سيناء الشمالية بزيارتكم!! ثم تجدد الأمل والشوق لرؤيتكم على أرض الفيروز، بعيداً عن الصور والشاشات إبان أحداث السيول الأخيرة.. وفرحت المحافظة وتأهب الأهالى لاستقبالكم، وتأهبت معهم لكن بحماس أقل من حماس الشباب قبل 21 عاماً.. بعدما وهن العظم منى واشتعل الرأس شيباً.. ورغم ذلك فقد حرمنا القدر من تلك الزيارة المرتقبة!! وها نحن ندعو لكم بالشفاء الكامل وموفور الصحة والعافية.. ولا يخفى على سيادتكم أنه إذا كانت شمال سيناء منطقة غاية فى الحساسية والأهمية فإنها أحوج ما تكون إلى أياد صادقة تنتشلها من الهاوية التى وصلت إليها فى مناحى الحياة المختلفة، خاصة السلم الاجتماعى والتدهور الأمنى.. البطالة تحولت إلى ظاهرة وحولت معها آلاف الشباب العاطلين إلى قنابل موقوتة تهدد بالانجراف إلى دهاليز الفساد والأعمال الموبوءة.. المشروع القومى لسيناء (مكانك سر) ولا يحتاج لأكثر من سؤال للحكومات المتعاقبة يعيد له الحيوية ويعلن إطلاق صافرة العمل قبل انتهاء مدته (2017).. وكوبرى السلام مبارك الذى يعتبر من أهم إنجازاتكم الكثيرة.. تحول إلى جسر الجحيم عند طرفيه.. ففى رحلة الذهاب يتكدس البشر، الذين بينهم المريض والمرتبط بموعد محاضرة أو اجتماع أو طائرة، وقتاً طويلاً انتظاراً للتفتيش من فرد واحد فى أغلب الأحيان.. وفى رحلة العودة تفريغ البضائع ودفع الإتاوات -بذريعة الأنفاق- ما ترتب عليه من تقاعس وإحباط للتجار وأصحاب المصالح وندرة البضائع وارتفاع أسعارها.. سيادة الرئيس.. أنتم فى الجنوب ونحن فى الشمال.. والمسافة بين الشمال والجنوب لا تحتاج لأكثر من تلك الأيادى الصادقة التى تمتد من أب لأبنائه.. ومن زعيم لشعبه.. وألف سلامة. زين العابدين الشريف العريش - شمال سيناء [email protected]