انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني بجامعة مطروح    براتب 7 آلاف ريال .. وظيفة مندوب مبيعات بالسعودية    وفدً صيني يبحث فرص الاستثمار السياحي والزراعي والطاقة بالأقصر    محافظ كفر الشيخ يبحث التعاون وفرص الاستثمار بالمحافظة مع هيئة الأوقاف    إزالة 10 تعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية في حملات ب الشرقية    1.6 مليارات جنيه إيرادات إي فاينانس خلال 3 شهور    أول لقاء يجمع الشرع بترامب بحضور ولي العهد السعودي ومشاركة أردوغان    وزير الخارجية الفرنسى: ما يحدث اليوم فى غزة كارثة إنسانية غير مسبوقة    محافظ الشرقية: لم نرصد أية خسائر في الممتلكات أو الأرواح جراء الزلزال    المنتخب الوطني للدراجات يتصدر منافسات البطولة الإفريقية للمضمار بالقاهرة    مبابي يقود الهجوم.. تشكيل ريال مدريد المتوقع ضد مايوركا في الليجا    «مش ابني».. أول تعليق من والد رامي ربيعة على أنباء رحيله عن الأهلي    لجنة التخطيط بالزمالك تحسم مصير محمد عواد مع الفريق    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارة ربع نقل بتروسيكل بالمنيا    بعد تداول مقطع فيديو.. ضبط قائد سيارة لسيره عكس الاتجاه وإطلاق إشارات خادشة بالشروق    انتظام امتحانات الشهادة الابتدائية والإعدادية الأزهرية بالقليوبية    دون خسائر في الأرواح.. الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب بمصنع غزل ونسيج بفوه في كفر الشيخ    «ثقافة العريش» يناقش معوقات العمل الأدبى بشمال سيناء    مادي يحتقر القيم الفنية.. روبرت دي نيرو يهاجم ترامب في حفل تكريمه بمهرجان كان السينمائي    فتحي عبد الوهاب يوجه رسالة ل «عبلة كامل وعادل إمام ومحمد صبحي »    الرئيس الأمريكى يغادر السعودية متوجها إلى قطر ثانى محطات جولته الخليجية    «التأمين الصحي الشامل» يتوسّع في التعاقد مع المستشفيات الجامعية والخاصة    بالصور- محافظ الدقهلية يقود حملة تفتيشية على مخابز أوليلة ويرصد مخالفات جسيمة    للمرة الثالثة.. محافظ الدقهلية يتفقد عيادة التأمين الصحي بجديلة    رئيس هيئة قناة السويس يدعو وفد «ميرسك» لتعديل جداول إبحارها والعودة التدريجية للعبور    "معرفوش ومليش علاقة بيه".. رد رسمي على اتهام رمضان صبحي بانتحال شخصيته    مدرب سلة الزمالك: سعداء بالفوز على الأهلي وسنقاتل للتأهل لنهائي دوري السوبر    فى نواصيها الخير    رئيس الوزراء: الاقتصاد العالمي يدخل حقبة جديدة لا تزال ملامحها غير واضحة حتى الآن    وزير «التعليم» يلتقى وفدا من البنك الدولى لبحث سبل تعزيز أوجه التعاون المشترك    ورش توعوية بجامعة بني سويف لتعزيز وعي الطلاب بطرق التعامل مع ذوي الهمم    الري: تحقيق مفهوم "الترابط بين المياه والغذاء والطاقة والبيئة" أحد أبرز مستهدفات الجيل الثاني لمنظومة الري 2.0    السجن المشدد 10 و15 سنة لشقيقين قتلا جارهما بالشرقية    مصر تدعو المواطنين المتواجدين فى ليبيا بتوخى أقصى درجات الحيطة    سيناريوهات تنتظر الفنان محمد غنيم بعد القبض عليه فى واقعة تهديد طليقته    تحرير 11 محضرا لمخالفات تموينية بكفر الشيخ    الصين: تعديل الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية المستوردة اليوم    «ماسك» يشكر السعودية لدعم ستارلينك في الطيران    إعلام عبري: الجيش الإسرائيلي ألقى 40 قنبلة خارقة للتحصينات في خان يونس أمس    بالصور.. جبران يناقش البرنامج القطري للعمل اللائق مع فريق "العمل الدولية"    وزير الثقافة: يجب الحفاظ على الهوية المصرية وصونها للأجيال القادمة    لاستقبال ضيوف الرحمن.. رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم الحج (صور)    اليوم..مصطفى كامل يستعد لطرح أحدث أعماله الغنائية "قولولي مبروك"    توقعات برج الدلو في النصف الثاني من مايو 2025.. أفكار جديدة ومكافأة مالية    الأدعية المستحبة عند حدوث الزلازل.. دار الإفتاء توضح    وفد جامعة حلوان يشارك في المؤتمر العاشر لمنظمة المرأة العربية بالقاهرة    لدعم التعاون العلمي.. سفيرة رومانيا تزور المركز القومى للبحوث    عبد الغفار يشهد توقيع بروتوكول لتحسين جودة الرعاية الصحية في مصر    «الصحة العالمية» توصي بتدابير للوقاية من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية    «الرعاية الصحية»: توقيع مذكرتي تفاهم مع جامعة الأقصر خطوة استراتيجية لإعداد كوادر طبية متميزة (تفاصيل)    وزير الخارجية: الدفاع عن المصالح المصرية في مقدمة أولويات العمل الدبلوماسي بالخارج    فرار سجناء وفوضى أمنية.. ماذا حدث في اشتباكات طرابلس؟    قبل التوقيع.. الخطيب يرفض طلب ريفيرو (تفاصيل)    دون وقوع أي خسائر.. زلزال خفيف يضرب مدينة أوسيم بمحافظة الجيزة اليوم    دعاء الزلازل.. "الإفتاء" توضح وتدعو للتضرع والاستغفار    بيان عاجل خلال دقائق.. معهد الفلك يكشف تفاصيل زلزال القاهرة    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    هل أضحيتك شرعية؟.. الأزهر يجيب ويوجه 12 نصيحة مهمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحكومة سوف تفعلها

ليس من باب السخرية أو التندر أن نقول إن الحكومة هى الضمانة الوحيدة لتغيير النظام فى مصر ودفع الناس إلى التحرك ضده. ويخطئ من يظن أن الإخوان أو البرادعى أو الأحزاب السياسية أو الحركات الاحتجاجية قادرون على تهييج الشارع بصورة تطاول قدرة الحكومة أو اجتهادها فى ذلك.
 فأمام السياسات التى تنتهجها والتشريعات التى تسنها والقرارات التى تتخذها سوف يجد المواطن المصرى نفسه مضطراً إلى التحرك ضدها، وإحداث تغيير فى النظام الذى ترتكز عليه، فمصر لم تشهد عبر تاريخها حكومة تتعامل بهذا القدر من الإصرار على إثارة الناس ودفعهم إلى الفوضى. ومن المفارق أن حكومة الحزب الوطنى تفعل ذلك فى الوقت الذى تحذر فيه القوى السياسية المعارضة من محاولاتها العاجزة واليائسة الهادفة إلى تحريك الشارع دون أن تفلح!
فما معنى – مثلاً – أن تفكر الحكومة فى إلغاء الدعم على البنزين وغيره من المشتقات البترولية سوى أنها تريد تسخين الشارع حتى الفوران؟ لقد خرج علينا الدكتور على الصعيدى، رئيس لجنة الطاقة فى الحزب الوطنى، وزير الصناعة السابق، يدعو إلى ضرورة أن تتبنى الدولة سياسات مختلفة لدعم الطاقة تقوم على تحميل من وصفهم ب«القادرين» تكلفة استهلاكهم من الطاقة مع مراعاة البعد الاجتماعى للفقراء، مشيراً إلى إمكانية الاعتماد على سياسة الكوبونات لتوجيه الدعم إلى مستحقيه سواء بالنسبة لاستهلاك البنزين أو البوتاجاز. وعندما ترفع الحكومة شعار «فلنأخذ من جيوب الأغنياء لنعطى الفقراء» فاعلم أن النية قد أصبحت مبيتة لاتخاذ قرار برفع الأسعار!
ويبدو أن سحب أنابيب البوتاجاز من الأسواق خلال الأسابيع الماضية كان مجرد بالون اختبار اكتشفت الحكومة من خلاله أن النسبة الأكبر من أفراد هذا الشعب يدّعون الفقر بعد أن اشتروا الأنبوبة بسعر يتراوح بين 30 و50 جنيهاً، مما يعنى أن غالبية المصريين يدفنون الكثير تحت البلاطة، وأنه قد آن الأوان لسحبه منهم، لأن «اللى تعوزه الحكومة يحرم على المواطن»!.
وقد حدثت أزمة مماثلة فى سوق السولار، حيث شهد شهر مارس الماضى نقصاً فى المطروح منه داخل الكثير من المحافظات، وسرت إشاعة بوجود نية لدى الحكومة لرفع أسعاره. وبيع جالون السولار وقتها بثلاثين جنيهاً بدلاً من سعره الحقيقى (22 جنيهاً). ويزعم بعض المسؤولين الحكوميين أن السعر الحقيقى للتر السولار يتجاوز سبعة جنيهات، فماذا يا ترى سوف يكون سعر لتر البنزين دون دعم؟!
الحكومة تريد أن تحل مشكلة العجز فى موازنتها العامة، الناتجة عن تفاقم الدين العام الداخلى، من خلال تقليص الدعم المرصود للبنزين والبوتاجاز والكيروسين والسولار، بمعنى أنها تريد أن تحل مشكلتها على حساب المواطن «الغنى ابن الإيه» لكى تعطى للمواطن الغلبان الذى يجلس على رصيف مجلس الشعب فى انتظار الفرج. وهى تفعل ذلك رغم أن مسؤوليها «العباقرة» يمكنهم حل هذه المشكلة بمنتهى السهولة من خلال بيع المشتقات البترولية لمصانع الحديد والأسمنت والألومنيوم والأسمدة بأسعارها الحقيقية (العالمية) وترحم «جيب المواطن».
 وقد قدر أحد الخبراء الاقتصاديين أن أكثر من ثلثى الدعم المخصص للطاقة فى الميزانية العامة يذهب إلى أصحاب هذه الصناعات الاحتكارية، خصوصاً صناعة الحديد! ومن المعروف أن سعر طن الحديد الآن يتجاوز أربعة آلاف جنيه، فى حين أن السعر الحقيقى لبيعه (شاملاً التكلفة والربح) لا يتجاوز 1200 جنيه مصرى طبقاً لتقديرات عدد من الخبراء! الحكومة بالطبع لن تقترب من جيوب أصحاب هذه المصانع، وفى أقصى تقدير سوف تعاملهم كما تعامل المواطن العادى الذى يعتلى كرسى الميكروباص أو يقود سيارة 128 متهالكة مباهياً غيره بأنها «بتشم البنزين فقط»!
لن تفعل الحكومة ذلك لأنها مصرة على دفع المواطن دفعاً إلى اليأس من حياته بعد أن يتسبب ارتفاع أسعار البنزين والسولار والكيروسين فى زيادة أسعار جميع السلع التى يحتاج إليها فى معيشته، وبذلك لن يكون أمامه سوى مواجهة الحكومة. ومن اللافت للنظر أن الحكومة لا تتردد فى معايرة المواطن بدعمها للبنزين والغاز الطبيعى والبوتاجاز، فى الوقت الذى تبيع فيه برميل البترول لإسرائيل بما يزيد قليلاً على ثمانية دولارات (أى حوالى 44 جنيهاً) بينما تريد بيعه للمواطن بسعره الحقيقى الذى يصل إلى 82 دولاراً (أى ما يزيد على 410 جنيهات)!
وفى الوقت الذى تريد فيه بيع الغاز الطبيعى للمواطن بما يقرب من 7 دولارات (ما يزيد على 35 جنيهاً) نجدها تبيعه لإسرائيل بدولار ونصف (أى حوالى ثمانية جنيهات). وعندما رفض بعض نواب مجلس الشعب هذا الهزل أثناء عرض الميزانية العامة لعامى 2008 – 2009 أسكتهم نواب الأغلبية المنتمية للحزب الوطنى بسيف الموافقة!
فالحكومة لا تريد أن يتحمل رجال الأعمال الذين راكموا الثروات العجز فى الموازنة، وهى لا ترغب أيضاً فى تعديل الأسعار «السياسية» التى تبيع بها الغاز الطبيعى والبترول لإسرائيل كحل للمشكلة، إنها لا تفكر إلا فى أحبائها المواطنين «الكسالى» الذين تحاول تحريكهم بشتى السبل دون أن ينتفضوا فى وجهها، لذلك لم يعد أمامها سوى أن تقهرهم قهراً على التحرك بعد اشتعال الأسعار جراء الارتفاعات الجديدة التى سوف تفرضها على أسعار مصادر الطاقة.
إن كل ظاهرة وكل مؤسسة وكل حكومة وكل دولة فى الدنيا تدخر فى كيانها جرثومة تآكلها و«سوسة» انهيارها. والأداء الحالى للحكومة المصرية خير شاهد على ذلك، فهى ترتكب الحماقة تلو الأخرى بصورة لن تترك لهذا الشعب أى فرصة لكى يتكيف مع الأوضاع المعيشية القاتلة التى تحيطه بها، لتسوقه – وهو المواطن الأليف المتكيف - إلى التناحر السياسى معها.
 وبذلك تكون هذه الحكومة «الاستثنائية» قد أفلحت فى صنع المعجزة التى لم يقدر عليها كل من البرادعى والإخوان والأحزاب، عندما فشلوا فى دفع الكتلة الضخمة الصامتة إلى التحرك من أجل التغيير، وقامت الحكومة بهذا الواجب بالنيابة عنهم. ولن ينسى دعاة التغيير بالطبع أن يرسلوا عندئذ برقية شكر إلى الحكومة يحيون فيها عبقريتها ونجاحها فى تحقيق ما عجز الجميع عنه من «تحريك» للشارع بمجرد «تحريك» الأسعار.. فالبركة لم تعد فى الحركة، بل فى التحريك!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.