رغم كل ما تعانيه من مشاكل وضيق فى الرزق، فإن الابتسامة لا تفارق وجهها، فالصبر والصلابة والرضا بما هو مقسوم، هى الملامح الحقيقة التى تشكل حالة امرأة، وضعتها الحياة فى ظروف صعبة لكنها استطاعت أن تتحملها دون أن تسبب أى مشكلة لمن حولها. «أم أسماء»، التى تعمل عاملة نظافة فى كلية الطب البيطرى جامعة القاهرة، لم يتعد عمرها العقد الخامس، ومع ذلك تصر على استكمال تعليمها، فهى الآن تدرس فى الصف الثانى الثانوى. «أم أسماء» لديها خمسة أبناء، وتعيش فى شقة بسيطة فى فيصل، حوائطها مازالت على المسلح، ومساحتها لا تتجاوز 50 مترا، ورغم صغر الشقة فإنها زوجت ابنتها الكبرى معها، لتحل مشكلة السكن لزوج ابنتها: «عندما ينظر الناس لحالى، أرى فى عيونهم نظرات الشفقة والعطف على، وقد يقولون دا إحنا لو مكانك كان زمنا انتحرنا وولعنا فى نفسنا من زمان، مع إنى الحمد لله راضية، ولكنى حزينة من بلدى وعلى بلدى، من بلدى لأنها أذت اتنين من عيالى، الأولى أسماء اللى أصيبت بحمه شوكية وهى عمرها ثلاث سنوات، ولما عرضتها على الدكتور، كتب لها دوا، وبعد شهر من تناوله أصيبت بضمور فى عظامها وفى بعض خلايا المخ، ومن وقتها وهى طريحة الفراش، ماحدش بيخدمها غيرى، أما الأذية التانية فكانت فى ابنى عبدالرحمن 18 سنة، اللى كان محتاج يدخل «الحضانة» والأطباء رفضوا فأصيب بضمور فى نمو العقل، ومفيش مدرسة رضيت تقبله». حال «أم أسماء» لم يقتصر على ابنيها المريضين ولا شقتها الصغيرة التى لا تكفى أسرتين، ولكن المشكلة فى أنها لا تجد الأموال التى تنفق بها على أسرتها: «مرتبى على معاش زوجى المريض بالسرطان، حوالى 800 جنيه، ولأن مرتبنا مش هيكفى العلاج، حاولت أعالج أولادى تبع التأمين الصحى، ولكن الدكتور كتب لبنتى دوا، وأول ما خدته أصيبت بغيبوبة لمدة يومين، ومن يومها حلفت إنى مش هروح عند أى دكتور». «أم أسماء» تصر على تحميل الدولة مسؤولية ما يحدث لأسرتها: «زعلانة على بلدى لأن فيها مسؤولين كرهوا الفقرا فى البلد، لأننا محكوم علينا بالإعدام، (كده كده ميتين)، وأنا طول عمرى ليا أمنيتين الأولى إنى ألاقى حد يعالج أولادى بذمة والتانية إنى أشوف أى مسؤول فاسد، أطلع فيه غلب السنين». أم أسماء أنهت حكايتها وهى ترفع يدها إلى السماء لتدعو الله قائلة: (منهم لله المسؤولين وكتر خير معتز الدمرداش عشان بيقول الحقيقة ومش بيخاف).