كتبت الأستاذة علا السعدنى عامودا فى صفحة السينما بالأهرام يوم الأربعاء 7 أبريل وجهت فيه التحية للأستاذ أحمد عاطف على موقفه من مهرجان المركز الفرنسى واستنكرت اتهام الأطراف الفرنسية له ولنا بمعاداة السامية «وكل هذه المصطلحات الكبيرة التى يراد بها الحق بينما هى لا تنطق إلا بكل ماهو باطل.. باطل.. باطل». من المهم جدا بالطبع أن ننفى عن صراعنا مع الصهيونية شبهة العداء للسامية، تلك التهمة الجاهزة التى تلصق بأى مدافع عن حقوق الشعب الفلسطينى، ولكنى أصبت بدهشة تلاها حزن جاء بعدهما الغضب مما كتبته الأستاذة علا السعدنى عن الممثلة الشابة بسمة وجاء فيه الآتى: « بسمة قالت فى أحد الحوارات معها إنها ستقاطع الصحافة والصحفيين معا لأنهم على أصلها دوروا وطلعولها جد يهودى، وهذا ما تخشاه بسمة من ردود هجومية ضدها. وأنا بدورى أتساءل يا بسمة وقبل أن تقاطعى الصحافة والصحفيين حتة واحدة، وهما الصحفيين عرفوا منين إنه لك جد يهودى أو حتى بوذي؟ وعلى العموم انتى وبعد إللى عملتيه ده خليتى على رأى المثل إللى ما يعرفش يعرف. كان من المفروض أن تتبعى طريقة إذا بليتى بجد يهودى فلتستترى، فهذا أفضل من مقاطعة الصحافة والصحفيين الذين ما زالت آثار مدحهم لفيلمك «رسائل البحر» لم تنمحى بعد ولم تجف.» هما الصحفيين عرفوا إزاى؟ عن طريق قراءة الصحافة مثلا وعن طريق قراءة تاريخ الحركة الوطنية المصرية وعن طريق الإنترنت.. أشياء أتصور أن الصحفى يمارسها بشكل عادى. فالجد اليهودى الذى «بليت بسمة به» والذى تنصحها الأستاذة علا السعدنى بستره هو يوسف درويش، الذى كتبت عنه الأستاذة نفيسة الصباغ فى «المصرى اليوم» بتاريخ17/6/2006: «يوسف درويش المناضل الذى فقدته مصر مؤخرا، عرفه البعض كيسارى ومحام كبير له تاريخه، ولكن الكثيرين لم يعرفوا الإنسان الوطنى، المتسامح يوسف درويش، والد نولة الباحثة بمركز قضايا المرأة الجديدة وجد الممثلة الشابة بسمة، الذى ولد عام1910، ودرس القانون فى فرنسا واشتغل بالمحاماة وله كتابات فى تاريخ الحركة العمالية». يوسف درويش الذى أقترح على بسمة أن تحكى عنه لكل الصحف ولكل الصحفيين وبكل فخر هو أيضا من يهود مصر الذين رفضوا الصهيونية وقاوموا دولة إسرائيل على مدى حياتهم، و هو نفسه الذى ترافع فى قضايا العمال والطلبة واعتز بمصريته وبانتمائه بالرغم من اعتقاله وتعذيبه فى الستينيات وخروجه من المعتقل، ليظل عامين بلا عمل نهائياً أو مصدر دخل، يمكنه من الإنفاق على طفليه. يوسف درويش هو نفسه الرجل الذى خصصت له الأستاذة منى الشاذلى يوم وفاته حلقة من حلقات برنامجها «العاشرة مساء»، والذى ستجد عنه الأستاذة علا السعدنى ما لا يقل عن خمسة ملايين صفحة على الإنترنت.. هذا إذا ما بذلت جهدا صغيرا يتمثل فى كتابة اسمه بالعربية وليس بالإنجليزية أو بالعبرية على متصفح جوجل. ويصعب على تصور أن صحفية بحنكة الأستاذة علا السعدنى، يثنى على كتاباتها أستاذ كبير مثل مفيد فوزى، (راجع بداية عامودها فى عدد الأهرام يوم 7 أبريل)، لم تطلع على كل ما كتب عن «جد بسمة اليهودى»، ولا تعرف من هو. فهى بلا شك صحفية متميزة. ولكنى أتساءل: هل هى من الصحفيين المتميزين الذين يؤمنون حقا بأن «القفشة تحكم»؟ حتى لو كان من الممكن أن تفسر هذه «القفشة» على أنها تنبع من ثقافة إقصاء لكل من ولد مختلفا؟ أو.. عداء للسامية؟