توجه نافع على نافع، مساعد الرئيس السودانى، بالشكر للحركة الشعبية على سحب مرشحها لرئاسة الجمهورية ياسر عرمان، وأوضح نافع أن المبرر الحقيقى لسحب ترشيح عرمان هو إدراك الحركة الشعبية أن معركتها الانتخابية «خاسرة». وأضاف نافع: «الذى أعلمه تماما أن الحركة أجرت تقييماً كاملاً لوضعها وطرحت ذلك للمكتب السياسى بجوبا واعترفت بأن حملتها الانتخابية لم تكن قدر الطموح»، وتوقع نافع وجود مبرر آخر للانسحاب وذلك بأن يكون تعبيرا عن تضامنها مع القوى السياسية الصديقة لها والتى لا ترغب فى قيام الانتخابات. وكانت أحزاب المعارضة السودانية أعلنت أنها ستقاطع الانتخابات الرئاسية - باستثناء 3 أحزاب فقط - احتجاجاً على تصاعد مؤشرات حدوث تزوير فى الانتخابات السودانية المقبلة مما يثير تساؤلات عدة حول مستقبل النظام السودانى واستفتاء الجنوب والمعارضة السودانية، إذ ارتبطوا – جميعاً - بشكل أو بآخر بالانتخابات المقبلة. وفيما يتعلق بالمعارضة السودانية فقد وجدت نفسها فى موقف صعب، فالرئيس السودانى عمر البشير يتقدم نحو فوز تؤكده استطلاعات الرأى وخطوة تقسيم الدوائر، فضلا عن السيطرة الحكومية على كل مراحل الاستفتاء، مما أجبرها على اتخاذ أحد موقفين إما المشاركة الصورية أو الانسحاب. وبدا موقف الانسحاب أكثر ملاءمة، فمعظم أحزاب المعارضة السودانية أحزاب صغيرة وليس لديها رصيد يذكر فى الشارع السودانى، بما جعل انسحابها يشكل نقطة قوة محتملة قد تكسبها تأييد الشارع بدلا من الدخول فى انتخابات لن تضيف لرصيدها مراكز حكومية أو برلمانية ولن تضيف شعبية. ولذا بدا واضحا أن المعارضة السودانية لم تكن موحدة فى موقفها من خلال قرار المقاطعة، فعلى الرغم من أنها اتخذت قرار مقاطعة الانتخابات الرئاسية مجتمعة، فإنها لم تتخذ قراراً مماثلاً فيما يتعلق بالانتخابات التشريعية، التى قرر عدد من الأحزاب –فى مقدمتهم الحركة الشعبية وحزب الترابى - المشاركة فيها لأنهم – وخلافا لبقية أحزاب المعارضة - يملكون حظوظا جيدة فى الفوز ببعض مقاعد الولايات أو البرلمان. أما استفتاء الجنوب الذى هدد البشير بإلغائه إذا لم تشارك الحركة الشعبية فى الانتخابات، فالأغلب أن يبقى البشير على الاستفتاء ولا يلغيه، إذ إن هذا الاستفتاء تم التوصل إليه ضمن بنود اتفاق 2005 لإنهاء الحرب الأهلية السودانية كما أنه يحظى بدعم القوى الدولية المختلفة وفى مقدمتها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى، بما يجعل تراجع البشير عنه مستبعدا حرصا على الوحدة الأهلية فى البلاد وتجنبا لإثارة الغرب. يبقى تأثير المقاطعة على النظام السودانى، ويبدو أن النظام لن يتأثر كثيراً على المدى القصير بفعل المقاطعة، فهو سيتمكن –بالتأكيد- من الاستحواذ على أغلبية برلمانية مريحة، فضلا عن مقعد الرئاسة بالطبع، غير أن تأثيرات المقاطعة ستكون على المدى الطويل، فالنظام السودانى سيضطر إلى الركون إلى الحركة الشعبية بصورة أكبر ليعطى العملية السياسية مظهراً ديمقراطياً، من خلال منحها مساحة أكبر للعمل، فضلاً عن السماح لها بالاستحواذ على عدد أكبر من المقاعد، خاصة أن المنافس الرئيسى الآخر (حزب الترابى) يتركز فى الشمال فقط وذو اتجاه إسلامى مما سيجعل النظام يفضل منح المقاعد للجنوبيين على منحها لمنافس محتمل فى الشمال. إلا أن انسحاب المعارضة يقضى أيضا على «الشكل» الديمقراطى للانتخابات السودانية، إذ إن طبيعة التركيبة السودانية تفرض قدرا من الديمقراطية – ولو الشكلية - على النظام السياسى، بما يؤشر لأن النظام السودانى سيعانى مستقبلا كثيرا فى ظل تراجع شرعيته، مما يفاقم من التهديدات التى توجهها الوحدة السودانية فى الفترة المقبلة.