عندما سافرنا إلى لندن للعيش هناك اكتشف زوجى أنه يعانى حساسية أثناء فصل الربيع.. عندما تتفتح الزهور وتغنى سعاد حسنى «الدنيا ربيع» يبدأ زوجى بالعطس.. وحساسية زوجى للربيع يشاركه فيها الكثير من الإنجليز، وتسمى «هاى فيفر» أو حمى القش.. ومنذ ولادة أطفالى وهم يعانون أنواعا مختلفة من الحساسية: أنفية وربو، وكنت أنا الوحيدة السليمة، وإن كنت أصبحت طبيبة حساسية ماهرة، أستطيع أن أفرق حين يعطس ابنى إن كانت عطسة برد أو عطسة حساسية.. وعشت سنوات إنجلترا وفى كل مرة نخرج فيها إلى أماكن مفتوحة آخذ معى أدوية الحساسية لعائلتى وعلبة مناديل.. وأستغرب.. وعدنا إلى مصر.. وبدأت أشعر بأعراض غريبة.. رشح ليس برشح.. عطس من غير مناسبة وذهبت للطبيب فقال لى.. عندك حساسية من التراب.. التراب.. نعم يعنى لو البيت لم ينظف جيداً أرشح.. لو مررت قرب أى سيارة متربة أو جلست على كرسى مترب أو مسكت بكتاب مترب أصاب بحساسية، فاستغربت، كيف أصاب بالحساسية الآن؟ فأجابنى الطبيب: الإنسان يصاب بالحساسية فى أى وقت.. ولماذا؟ فعائلتى ليس بها فرد واحد مصاب بالحساسية.. هل هى عدوى؟ ضحك.. ثم قال تورث نعم.. عدوى لا.. ولكن يبدو أن أجهزتك قد أصيبت بصدمة بعد سنوات إنجلترا وعدتِ إلى مصر فتكونت لديكِ حساسية أنفية.. حسنا.. كيف أعالج حساسيتى من ذرات الغبار أو من التراب؟.. أجابنى ببساطة: الابتعاد عن الغبار وطبعا ضحكت.. وضحك هو أيضا.. فالمقطم يحيط بنا ويرسل إلينا بنفحاته من كل مكان.. وفى كل مكان أدخله التراب وذرات الغبار تحيط بى.. تعودت اليوم وأصبحت مناديل الكلينيكس دائما فى يدى.. واكتشفت أن ستين بالمائة من الأطفال فى مصر يولدون هذه الأيام بالحساسية بأنواعها المختلفة.. وأن نصف سكان الكرة الأرضية يعانون الحساسية مثلى.. أنا إذن من النصف الحساس للتراب والغبار.. وأنا متأكدة أن كثيراً ممن يقرأون مقالى يعانون مثلى إما حساسية من الحيوانات خاصة القطط والكلاب أو الغبار أو تغير الفصول.. أو من طعام أو من أدوية.. يعنى القائمة طويلة.. كتبت هذا المقال بمناسبة قدوم فصل الربيع، وبالتالى سوف تصحبه الخماسين والأتربة.. وتغنى سعاد حسنى وأعطس أنا.. وأمثالى الكثير. [email protected]