من سنوات بعيدة كان تأثير الربيع على ابتسام بسيطا، ولكن «الحرب بدأت من أربع سنوات». تتذكر ابتسام، إحدى ضحايا حساسية الأنف، ذلك اليوم من شهر مارس جيدا: عطس شديد، التهابات بالعين والأنف، حكة فى الأنف. بعض هذه الأعراض اعتادتها ابتسام من قبل، ولكنها كانت ذلك اليوم أكثر حدة، مصحوبة بالتهاب فى الحلق والشعب الهوائية. «دا معناه إن الحساسية انتقلت من الأنف للصدر»، كما يشرح د.أحمد شوقى أستاذ جراحة الأنف والأذن والحنجرة بقصر العينى. خطورة حساسية الربيع تكمن فى المضاعفات التى تسبب حساسية الجلد والعين، وتهدد الجهاز التنفسى بالربو والالتهاب الشعبى. «المضاعفات دى بتزيد فى حالة الإهمال والتعرض الكثيف للعوامل المثيرة للحساسية». يوضح د.شوقى أن ما تعانيه ابتسام يطلق عليه الحساسية الموسمية التى ترتبط بفصول معينة خلال السنة. فى مصر يحدد الطبيب ثلاثة مواسم للحساسية، الأكثر تأثيرا وانتشارا هو فصل الربيع، شهور حبوب اللقاح المنتشرة فى الهواء، ورياح الخماسين والأتربة، بالإضافة إلى درجات الحرارة المتقلبة. الموسم الثانى فى شهر يونيو حيث موسم تزهير البلح، والموسم الأخير يهجم فى فصل الخريف، عندما تسقط أوراق الأشجار، «واللى عارف إن عنده حساسية موسمية يستعد خلال كل المواسم دى، مش فى الربيع بس»، فالطبيب يرى أن الحساسية مرض بسيط «إذا تم ترويضه». ابتسام ترى ما يقوله شوقى أقرب للحلم، «أنا زهقت أدوية وبخاخات وفى الآخر الحالة بتزيد»، أخيرا ترك ابتسام وظيفتها. توقفت عن تعاطى الأدوية وقررت الجلوس بالمنزل حتى تنتهى شهور الربيع، «أعطس واستخدم المناديل، أو أخد الأدوية وأبقى مسطولة طول النهار»، مشيرة إلى تأثير أدوية الحساسية المسببة للنعاس. ولكن د.شوقى أكثر تفاؤلا، «أولا اللى عنده حساسية ربيع، يعرف إن مناعته عالية جدا، وأجهزة الدفاع فى جسمه صاحية»، شوقى يصحح المفهوم الذى يربط بين الحساسية وقلة المناعة فالحساسية هى دفاع الجسم ضد عدد من المؤثرات الطبيعية، موضحا أن الحساسية ليست مرضا وراثيا ينتقل بالضرورة من الأم إلى الطفل. عندما يتحدث الطبيب عن «ترويض الحساسية»، فهو يجعل الوقاية البوابة السحرية لكى يعيش الكبار والأطفال حياة طبيعية خلال الربيع، وروشتة شوقى تبدأ قبل بداية الإصابة «بالحفاظ على النظافة الدائمة للأنف». أغشية الأنف هى خط الدفاع الأول ضد مؤثرات الحساسية، ومحلول الملح الطبيعى مع استنشاق الماء، وسيلتان لإزالة أى أسباب للحساسية والحماية من أى إصابة أو مضاعفات، مثل التهاب الجيوب الأنفية أو الحلق التى تزيد من مضاعفات الحساسية، كما فى حالة ابتسام التى أصبحت تعانى من التهاب مزمن فى الجيوب الأنفية يستعدى التدخل الجراحى. الطريقة الثانية استخدام المضادات الكورتيزون الموضوعية لأنها تمنع سلسلة التفاعل بين المؤثر سواء الأتربة وحبوب اللقاح، «هى آمنة للغاية حتى للحوامل والأطفال»، لأنها لا تدخل الجسم ولا تتفاعل مع الدم. ولكن عندما تبدأ أعراض الإصابة، يضع الطبيب روشتة أخرى، تكون فيها مضادات الهستامين أساس العلاج للتخلص من العطاس والرشح. يعترف شوقى أنها تسبب النعاس ولكن التأثير يختلف من نوع لآخر «وكلما زاد النعاس كان تأثير الدواء أكبر»، أما النقاط القابضة وسيلة أخرى لمنع احتقان الأنف، ولكن التأثير الجانى يظهر بعد عشر أيام، «هى نفسها تعمل احتقان وترفع الضغط». ينصح د.شوقى: بدأت عنده الأعراض، بالابتعاد عن المؤثرات، خاصة فى الفترة من التاسعة وحتى الحادية عشرة صباحا أو مساء، حيث تزيد حبوب اللقاح فى الهواء، أما الحالات الحساسية الشديدة فتكون المناطق الساحلية حيث الهواء الجاف ووالقليل من حبوب اللقاح هى الأماكن الأكثر أمنا. استخدام «الأقنعة» كوسيلة للحماية يراها الطبيب غير مجدية فى فصل الربيع، لأن حبوب اللقاح الزهور صغيرة للغاية فتخترقها بسهولة، على عكس لقاح البلح الكبيرة نسبيا. ابتكرت ابتسام بعض الخطط الإضافية: الامتناع عن الخروج والتنزه فى الأماكن المفتوحة، كوفية فى الجو الحار فى محاولة لمنع حبوب اللقاح، ولهذا كان الاحتفال بيوم شم النسيم فى حجرة مغلقة مع الأصدقاء بعيدا عن الخضرة والهواء والورود «أنا باعيش الشهر ده محبوسة فى مكان مقفول».