قال البعض فى الأمثال الشعبية: «إذا معاك قرش تساوى قرش، وإذا ما معك شىء لا تساوى شئ» وقال آخرون: «الدراهم كالمراهم ضعها على الجرح يندمل».. هل قيمة الإنسان فعلا قدر ما يملك من مال؟.. نعرف كثيراًس من العظماء كانوا فى الصغر يعملون ويدرسون فى نفس الوقت، بتهوفن أشهر عازف فى القرن التاسع عشر.. مثل نابليون، أشهر قائد عسكرى.. وكم من العلماء كان فقيرا ولكنه ترك بصمة فى الإنسانية كلها إلى يومنا هذا. طاهر أبوزيد، طالب بكلية الطب، يرى أن تقييم الناس على أساس ما يملكون أول ما لاحظه فى الجامعة قائلا: من لا يملك شيئاً يعرف بسهولة ويكون مضطهدا لا يصلح للمصاحبة والصداقة، بمفهوم أنه ينظر إليهم نظرة مادية (طامع فيهم).. وما يفعله هو أن يحارب ويكذب من أجل إظهار نفسه بغير حقيقته، لأنهم يعتبرونه (بيئة) أو أقل من مستواهم، فهو لا يستطيع مجاراتهم فيما يفعلونه من شراء ولعب ولهو وحتى الدراسة، وأنا لا اتفق معهم فهناك الكثير من هذه الفئة من هم يدرسون ويعملون بجهد وكد لكى يلبون طلباتهم دون الحاجة لأحد.. بل ويقومون بها بكل تفوق على أكمل وجه. ويقول الدكتور يسرى زكى طبيب: لى صديق كان غنيا وكان الأصدقاء والأقرباء والأحباب يتجمعون حوله، ومر بضائقة مالية خسر فيها ما كان يملك، فقضى بقية حياته منعزلاً بمجرد إفلاسه. الدكتورة وفاء الجندى، رئيس مؤسسة جسور لتنمية المجتمع تقول: هذه للأسف حقيقة فى زمننا، حيث طغت الماديات على مشاعر الإنسانية من حب وإخاء وترابط، وأصبحت مسيطرة على تعامل الكثيرين منهم، حيث قدمت المصالح الشخصية المرتبطة بالمال والسلطة على أى شىء آخر، وأصبح الاحترام والتقدير مقتصرين على أصحاب المال فقط، حتى أصبح الفقير مهملا يُنظر إليه بنظرة الشفقة التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، والموالاة من نصيب من يملك المال.. يتملق.. ينافق.. يعرض خدماته بكل ذل ليحظى برضى ذوى الجاه علَه يستفيد وينهل من بعض ما عنده، ويزيد الأمر سوءا وبشاعة عندما تمتد هذه الظاهرة إلى الأقرباء والأصدقاء والأحباب، فمن يملك المال منهم يتمتع بصحبة ورفقة وخدمة يحرم منها الفقير منهم، وبرغم أن ذا الجاه يعلم بغرض كل من يتقرب إليه بسبب ماله، إلا أن بعضهم يتفنن بإذلاله، يستغل ضعفه وفقره وحاجته لتحقيق مصالحه الشخصية ويشعره بهيمنته وكبريائه.. مع كل هذا لا ننكر أنه مازالت هناك قلة يتمتعون بقدر من الإنسانية يتعاملون مع الناس على قدر أخلاقهم. أما الدكتور عادل صادق، أستاذ جامعى بكلية تربية نوعية، فيقول: «إن التقييم على حساب المادة أصبح حقيقة، فرضت نفسها بكل واقعية ليس على الإنسان فقط ولكن كذلك الدول تقدر على ما تملك.. كما أنها فى جميع أنحاء العالم وليست فى العالم العربى فقط، لأنها للأسف إفراز نظام الرأسمالية العالمى وللأسف لا أرى حلولاً إلا نظريات وشعارات تسكت الأصوات أو تخدرها قليلا.