من مقاييس حضارات الشعوب مدى تفاعلها فى أزمات عارضة، وسرعة التعامل الكاشف عن إدراك المسؤولية، وتقدير الحدث، وتحقيق المأمول شرعاً وقانوناً وعرفاً. كشف رحيل الإمام الأكبر فضيلة الشيخ الدكتور محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر الشريف، رحمه الله تعالى، عن نقيض ما سلف ذكره فى مراسم تشييع جنازته، فوفاته وفق ما أعلن كانت فى الصباح ودفنه عقب صلاة العشاء، والمساحة الزمنية كافية وافية لحضور قيادات المؤسسات الدينية، مشيخة الأزهر ومجمع البحوث، وجامعة الأزهر، والأوقاف، ودار الإفتاء المصرية، ونائب عن فضيلة المفتى لسفره وقتها لليابان، ومجالس نيابية ومؤسسات ثقافية وإعلامية! للأسف غابت هذه المؤسسات بقياداتها، ربما لعدم وصول «التعليمات والتوجيهات»، واقتصرت الجنازة على الفاضل السفير المصرى الذى لم يتعامل جهازه الإعلامى بالسفارة مع الحدث كما ينبغى، ونشرت بعض الصحف بعض صور مأخوذة عبر هواتف! أهكذا تغيب مصر بمسؤوليها عن جنازة الإمام الراحل؟.. لا عذر لأحد، فالأشقاء السعوديون قدموا تسهيلات «التأشيرة»، وشركات الطيران المدنى والعسكرى بها طائرات لمن يرغب، يبقى تساؤل: ما جدوى إدارة المراسم والعلاقات العامة بمؤسساتنا والعجز فى تعاملها مع الأحداث الكبيرة واضح وضوح الشمس؟ أم أن الكيل بمكيالين صار من فقه التعامل؟ هل عالمنا المستنير المجدد المجتهد المفسر الموسوعى أقل فى الاهتمام برحيله تكريماً من الاحتفاء «بكباتن» المنتخب الكروى؟! هل من مجيب؟! د/ أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر