من الواضح أن الكويت التى كانت منارة الخليج تحولت إلى أكبر ساحة فيه للصراع بين الفكر الدينى الإسلامى المتطرف والفكر الدينى الإسلامى الوسطى الذى يمثل صحيح الإسلام. ولعل من المنطقى أن تكون الكويت هى أكبر ساحة فى الخليج لهذا الصراع الذى أصبح عالمياً بعد 11 سبتمبر، أى يهم كل الناس فى كل العالم من طوكيو إلى جوهانسبرج، فالمدن المنارات هى هدف المتطرفين من الدارالبيضاء إلى الإسكندرية وبيروت والكويت، والقاهرة قبل كل هذه المدن. تيار التطرف الكويتى الذى منع نصر حامد أبوزيد من دخول الكويت بعد أن وصل إلى المطار بدعوة من التيار الآخر المستنير، يحاول الآن منع تنفيذ تصميم مسجد للمعمارية العراقية العالمية زها حديد التى تعيش فى لندن وتحمل الجنسية البريطانية، والتى تعتبر من أعظم عشرة معماريين فى العالم اليوم، وأول امرأة فازت بجائزة برتيزكر للعمارة، والتى تعادل جائزة نوبل فى الآداب والعلوم. من بين تصاميم زها حديد المسجد الكبير فى ستراسبورج والمتحف الإسلامى فى الدوحة وجسر أبوظبى وتحظى القاهرة فى المستقبل بإبداعها بعد أن فازت فى المسابقة الدولية لتصميم أرض المعارض الجديدة، وهو من الأحداث المنتظرة فى العاصمة المصرية. الصورة المنشورة مع هذا المقال عن «نيوز ويك» الأمريكية الدولية عدد 16 فبراير هى صورة تصميم زها حديد للمسجد الجديد المقرر إنشاؤه فى الكويت، والتى تسربت عبر الإنترنت، وأثارت حفيظة تيار الفكر الدينى المتطرف لأن المسجد يأخذ شكل قبضة يد والمئذنة أصبع الإبهام مرفوعاً يوحد الله، وهو تصميم عبقرى غير مسبوق، ولكنه كما يقول حسن عبدالله فى مقاله الذى نشر مع صورة التصميم فى «نيوزويك» «يتناقض مع هيبة المساجد ووظيفتها» من وجهة نظر المتطرفين!! تنتمى زها حديد إلى المدرسة المعمارية التفكيكية التى تقوم على التبعثر والتكسر وتعتمد على خامات الحديد والألومنيوم والزجاج المضغوط وتقلل من استخدام الخرسانة وتروض الفراغات والارتفاعات مما يؤدى إلى تباينات بصرية مختلفة، وهى مدرسة تمثل عند بعض المعماريين عمارة ما بعد الحداثة، وعند البعض الآخر «هرطقة معمارية»، ولكن أحداً لم يتصور أن تصبح عند ذلك التيار فى الكويت «هرطقة دينية» أيضاً!! ننشر صورة التصميم ونترك الحكم للقراء. [email protected]