لا الإعلاميون ناشدوا، ولا الفنانون طالبوا، ولا الصحفيون سألوا: من غيّب هالة سرحان، وأغلق فى وجهها أبواب الوطن؟ وكيف تحولت من نجمة تملأ السمع والبصر وتثير الغضب والفرح، وتنكأ الجروح، وتطيب المواجع، وتطرح الأسئلة الشائكة، وتدخل مناطق الصمت؟ باختصار: كيف تحولت من «هالة» إلى «حالة» مطاردة بتهمة غامضة ومحرومة من نوافد الوطن؟ وكيف نختصر شرف الوطن فى حلقة تليفزيونية، وهل الشرف مجرد كلمة قابلة للتأويل، أو هى فخ يصطاد ما يريده الصياد؟ لست هنا مدافعاً عن «هالة سرحان» لأننى لا أعرف هل هى فعلاً متهمة، وإن كانت كذلك فهل النيابة العامة تريدها، ولماذا تظل هذه القضية مجرد سيف مصلت على هذه السيدة؟ وإن كان الأمر غير ذلك فلماذا لا تحال هذه القضية إلى القضاء؟ ولماذا لا تكون هناك تهمة واضحة ومحددة أو أن يعلن حفظ القضية؟ لماذا لم يتم التصرف فى هذه القضية حتى اللحظة؟ تلك أسئلة لا يمكن أن يجيب عنها أحد سوى الرجل العظيم الذى يضع العدل نصب عينيه ولا يفرق فى القانون بين كبير وصغير، أو بين مشهور ومجهول، ولايرضيه أن تكون هناك مواطنة واحدة مطاردة بتهمة غير واضحة، ولا يقبل أن تعيش سيدة مصرية بعيداً عن وطنها لأنها تخشى من عقاب غير مقرون بجريمة معلنة، لا أحد يملك الإجابة غير المستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام، الذى عودنا أن القانون وحده يحفظ للناس وطنيتهم وكرامتهم. لقد آلمنى جداً أن يكون الأمير الوليد بن طلال هو من يناشد السلطات المصرية العفو عن هالة سرحان، وآلمنى أكثر ألا تجد هذه المناشدة إجابة واضحة، لأننا إذا كنا فعلاً دولة قانون فعلينا أن نعلن على الملأ تهمة واضحة ومحددة أو أنه لا توجد تهمة، وأن الغضب الشعبى المصنوع بفعل بعض الصحف والبرامج الليلية، لا يمكن اعتباره تهمة. هذه القضية بالتحديد معيبة فى حق الوطن، لأن سمعة الوطن محكومة بما يحققه أبناؤه من إنجازات فى الفكر والعلم والثقافة، فوجود جرائم فى بلد لا يصف هذا البلد بالإجرام، وظهور فتاة ليل أو من تقبل أن يقال عنها على شاشة تليفزيون إنها فتاة ليل لا يعنى أن بقية الناس مثلها. العار الحقيقى أن يقبل الوطن أن يعيش فيه اللصوص ويموت الشرفاء، وأن تكون السرقة عنواناً، وأن تتفشى الرشاوى ويزداد الفقر، وأن يعشش الفساد فى كل ركن، وأن يجبر الفقر الشرفاء على بيع ذممهم وشرفهم وأبنائهم وأجسادهم، وأن يحب الناس الفتنة ويكرهوا الحق.. هذه هى قمة الإساءة لمصر، وليس حلقة فى برنامج نختلف أو نتفق عليه، وإن كانت هالة «أجرمت» فقد أبعدت عن بلادها وتلك عقوبة قاسية، وإن لم تكن فلا يجوز رجمها أبد الدهر. ختاماً.. لا أعرف هالة سرحان، لكن يحق لى بصفتى مواطناً مصرياً أن أسأل وأن أنتظر إجابة، فتلك سيدة لم تهرب بأموال الوطن ولا تريد أن تعود بزفة، لكن حقها مثل كل الناس أن تدخل متى شاءت إلى وطنها.