علمنى الزمن.. علمتنى تجربتى.. أن الاستفادة يمكن أن تتحقق عبر الأذكياء.. والمفارقة أنها يمكن أن تتحقق بالتركيز فى الأغبياء!! قلت يوما لأستاذى «جلال سرحان»: كيف أتعلم من هذا وهو حمار؟!.. أجابنى: «تستطيع أن تتعلم منه.. ألا تفعل مثله».. أعترف بأنى سخرت فى داخلى من هذا الدرس الساذج، حتى اكتشفت أنه كلام عظيم القيمة.. هنا تكمن معانى كلمة التفكير التى أركز عليها منذ بضعة أشهر.. فالتفكير هو أصل المنطق والعلم والفلسفة.. بل هو الطريق الصحيح للإيمان بأى قيمة وبكل عقيدة.. هو الطريق إلى الله. لا يزعجنى أولئك المنفعلون.. المنفلتون.. الذين يعبرون عما يجيش فى قلوبهم بكلمات فارغة بلا معنى.. الذين يفكرون يدركون معنى ما يقولون.. أما المنفعلون فهم يقولون حالة عاطفية – حبا وكراهية – دون إدراك لما قبل قولهم أو بعده.. لذا تعلمت طى صفحتهم وعدم الالتفات إليهم.. ويسعدنى أنهم يشغلون أنفسهم بما أقول، بكل ما يمتلكون من عواطف – تقديرا ورفضا – حبا وكراهية. كلما طرحت قضية أطلب التفكير حولها.. وصلتنى تعليقات القراء، عبر البريد التفاعلى بالصراخ والسباب والشتائم والاتهامات بالنفاق.. أما الرسائل التى أتلقاها على بريدى الإلكترونى فمعظمها – إن لم تكن كلها – يحمل عكس المعنى تماما!!.. ولكليهما كل التقدير والاحترام، لكننى أزداد إيمانا ويقينا بما أطرح من رؤى وأفكار. طرحت اسم الدكتور «محمد سليم العوا» كمرشح لرئاسة الجمهورية.. وصلنى سباب دراويش الدكتور «محمد البرادعى».. وللأمانة لم يصلنى صدى صوت من أنصار ودراويش «جمال مبارك».. نحن نعيش حالة مدير وكالة الطاقة الذرية السابق، وهو يعيش زهو الانتصار بسذاجة نخبة فى أمة توقع له على بياض.. فهذا أستاذ فى العلوم السياسية يحدثنا عن قدرة الرجل على صنع التغيير، دون تقديم أى دليل أو برهان من تاريخه النظرى والعملى على تحقيق ذلك.. وذاك مناضل كبير جدا يعرف نبض الشارع، يتحدث عن عبقرية رجل لم يلتق به سوى مرة واحدة.. ويمكننى أن أضيف هذا العبقرى الصادق واللامع.. صاحب المصداقية لدى مشاهديه وقرائه.. إذ يمشى فى موكبه فى حالة نشوة تفقده قدرته على تقديم الرجل بمفردات العقل والمنطق!! فضلا عن الروائى المتميز الذى خرج ليرشق كل من اشتبك معه بالتفكير، باتهامات هدفها الترويع والتخويف.. حاملا توكيلا من الأمة بتلطيخ سمعة من يرفض صاحب «الطريقة البرادعية الجديدة»!! ولن ألتفت إلى ذاك الشاب الذى يتحدث بكل غرور ويظهر فى «حالة طاووسية» على شاشات الفضائيات، باعتباره «شيخ مشايخ الطريقة البرادعية»!! الدكتور «محمد البرادعى» رجل محترم.. صاحب قيمة علمية وقامة طويلة أجلها وأحترمها عند حدود وظيفته التى ارتقى فيها حتى أصبح مديرا لوكالة الطاقة الذرية.. أما الدكتور «محمد البرادعى» المرشح كرمز للإصلاح.. أو المرشح لرئاسة الجمهورية فهو عندى شىء مختلف.. أبحث عنه فى الحوارى والأزقة.. أفتش عن موقفه من سكان العشوائيات.. أحاول أن أعرفه فى سوق البطالة.. أتفحص وجهه وسط ركام المستشفيات والوحدات الصحية.. أحاول أن أرى حقيقته فى سرطان الفتنة الطائفية.. أتمنى أن أعرف كيف سيعالج ما يقولون عنه دور مصر الإقليمى.. لا أتبين ملامحه وسط زحام أبناء القرى فى الوجهين البحرى والقبلى.. نعم كلنا نسمع عنه كشخصية دولية مرموقة.. نبحث عنه كمواطن مصرى يعيش بيننا. نعم أنا – بكل غرور – شديد الشراسة فى مواجهة «الطريقة البرادعية الجديدة».. لأننى رافض «الطريقة الناصرية».. ورافض أيضا «الطريقة الساداتية».. ورافض جدا «الطريقة المباركية».. إذن أنا مصرى يؤلمنى أن نهدر السنوات بعد السنوات فى التوقيع على بياض لمجرد جنى الثمار!! فهذا الوطن لا يمكن أن يكون اختصارا لأشخاص.. لأنه يستحق استعادة هيبته ومكانته بين الأمم.. لن يتحقق ذلك دون التدقيق والتفكير وطرح أشخاص قادرين على صنع وقيادة مؤسسات.. من هنا طرحت اسم الدكتور «محمد سليم العوا» فكان الذهول عند الكثيرين من الذين تلقيت ردود أفعالهم.. مئات شكرونى على أننى ألقيت الضوء على تلك القيمة العظيمة.. بضعة أفراد سبونى لأننى ألجمتهم حجرا، وهم من «دراويش البرادعية».. لن أذكر عدد من غمرونى بالرفض لأنهم يمثلون «الحالة المباركية الصوفية».. كلهم اتفقوا على أننى أحاول تشتيت أفكارهم وتركيزهم عند لحظة جنى الثمار!!.. وللحديث بقية. [email protected]