ساعات قليلة قضاها الرئيس الإيرانى محمود أحمدى نجاد فى كابول المجاورة قبل يومين، لكنها حملت العديد من التساؤلات حول توقيت الزيارة وهدفها غير المعلن، حيث جاء وصول الرئيس الإيرانى إلى العاصمة الأفغانية قبل مغادرة وزير الدفاع الأمريكى مباشرة فى ختام زيارة استمرت ثلاثة أيام، أعرب جيتس خلالها عن قلقه من تنامى نفوذ طهران فى ذلك البلد، بينما شدد الرئيس الأفغانى حامد كرزاى على أن بلاده لن تقبل استغلال أراضيها للهجوم على إيران. واتهم نجاد، فى أول زيارة لكابول منذ إعادة انتخابه رئيسا لإيران، الولاياتالمتحدة بأنها تلعب «لعبة مزدوجة» فى أفغانستان، وأنها «تحارب الإرهابيين الذين أسهمت فى دعمهم». وقال خلال لقائه نظيره الأفغانى حامد كرزاى، إن سياسة الغرب تجاه المنطقة تتسم بأنها «تكيل بمكيالين»، مؤكدا أن وجود القوات الدولية فى أفغانستان لن يسهم فى إحلال السلام وإنما زادها فقرا وتخلفا فى السنوات العشر الماضية. اللافت أن تصريحات نجاد جاءت بعد يومين من تصريحات مشابهة لجيتس اتهم فيها طهران بالقيام «بدور مزدوج» فى أفغانستان من خلال إعلان تأييدها حكومة كرزاى، فى الوقت الذى تحاول فيه تقويض الجهود العسكرية التى تقودها أمريكا والتى تحمى هذه الحكومة. ورغم أن الاتهامات المتبادلة بين طهرانوواشنطن ليست بالأمر الجديد، فإن التصريحات الأخيرة تثير تساؤلات عدة حول مدى تأثير العلاقات الإيرانية - الأمريكية على العلاقات الإيرانية - الأفغانية وإمكانية أن تحول التوترات المتنامية بين واشنطن والجمهورية الإسلامية دون ترسيخ السلام والأمن فى أفغانستان، لاسيما أن كلا من إيرانوالولاياتالمتحدة له دور كبير فى تحقيق الاستقرار فى ذلك البلد أو العكس. وبالنظر للعلاقات الإيرانية - الأفغانية، نجد أنها تعود إلى فترات طويلة بحكم الجوار والمصالح المشتركة، وتباينت طبيعة العلاقة على مدى الفترات الزمنية المتباعدة، فمع بدء الاحتلال السوفيتى لأفغانستان، كانت إيران طرفاً أساسياً فى دعم الجهاد الأفغانى ضد القوات السوفيتية إلا أنه عقب الانسحاب عام 1989، توترت علاقات البلدين نتيجة استبعاد حلفاء إيران من ترتيبات الحكم فى أفغانستان، ومع بروز حركة طالبان عام 1994، اتخذت العلاقات طابعا عدائيا بين إيران وطالبان، حتى إن الأمر كاد يصل إلى حد نشوب حرب بينهما عام 1998، إذ حشدت إيران 70 ألفًا من قوات الحرس الثورى على الحدود مع أفغانستان وقابلتها حركة طالبان بحشد 25 ألفًا من مقاتليها، إلا أن إيران تراجعت واعتمدت سياسة عقلانية تقوم على المفاوضات، مما أدى إلى هدوء الحوار بين الطرفين. وبعد أحداث 11 سبتمبر أخذت العلاقات الإيرانية - الأفغانية صورة جديدة، بسبب عدم اتخاذ طهران موقفاً تجاه الحملة الأمريكية على الإرهاب فى أفغانستان بل تجاوبها مع الإجماع الدولى بشأن إعادة إعمارها، وذلك لأنه كان لطهرانوواشنطن وقتها الهدف نفسه، وهو منع عودة حركة طالبان المعادية للغرب ولإيران إلى الحكم. ولكن حالة التقارب بين واشنطنوطهران بشأن الملف الأفغانى لم تدم كثيرا، وهو ما أرجعه المراقبون لوجود نوع من التناقض الأساسى بين الولاياتالمتحدةوإيران حول المستقبل السياسى لأفغانستان، وهو التناقض الذى لم يظهر فى بدايات الحملة الأمريكية ضد الإرهاب فى الأراضى الأفغانية بسبب التلاقى بينهما حول هدف مشترك.