اعتقال عبدالملك ريجى مؤسس جماعة «جندالله» السنية فى إيران مؤخراً، وما سبقه من تفجيرات إقليم بلوشستان ذى الأغلبية السنية فى أكتوبر الماضى، التى قتل فيها 40 شخصا بينهم 15 عضوا بارزا فى الحرس الثورى الإيرانى.. سلط الأضواء على الاضطهاد الذى تعانى منه الأقلية السنية فى إيران والتى تمثل 10% من إجمالى عدد السكان البالغ 70 مليون نسمة، ولكن التقديرات غير الرسمية تشير إلى أنهم يشكلون بجميع عرقياتهم 14 إلى 19 مليون مسلم، وهم مقسمون إلى 4 عرقيات رئيسية: الأكراد والبلوش والتركمان والعرب. بدأت معاناة السنة فى إيران مع وصول الشاه إسماعيل الصفوى إلى الحكم سنة 907 م، حيث أجبر الدولة التى كانت سنية المذهب على اعتناق المذهب الشيعى بالقوة، ولم تقم الثورة الإيرانية بمحاولات جادة لرفع الظلم والاضطهاد عن الأقلية السنية، بل على النقيض من ذلك هناك من يرى أنها لا تولى أهمية سوى بتصدير الثورة الشيعية إلى دول الجوار السنية، وهو ما ينعكس على وضع الأقلية السنية فى الداخل. ولا تخطئ عين أى مراقب وجود تمييز واضح ضد الأقلية السنية على الصعيد الدينى، فرغم وجود معابد للمجوس واليهود وكنائس للمسيحيين، فلا يوجد مسجد لأهل السنة فى طهران، رغم وجود نصف مليون سنى فى العاصمة الإيرانية. وترفض السلطات فى العاصمة المطالب المتكررة للسنة فى هذا الشأن وتبرر ذلك بالتخوف من إثارة حساسية مذهبية. وبجانب منع بناء المساجد فى المدن الإيرانية الكبرى مثل أصفهان، هناك الهدم أيضا لعدد كبير من المساجد فى المدن السنية الكبرى، وأبرز نموذج على ذلك قيام السلطات المحلية فى مدينة مشهد التابعة لمحافظة خرسان بهدم أكبر مساجدها السنية وتحويله إلى حديقة عامة. كما عمدت السلطات الإيرانية إلى تأسيس مراكز دينية شيعية كبرى فى المدن المأهولة ب«السنة»، وعهد بمسؤوليتها إلى فقهاء غير ملمين بظروف هذه المدن مما أثار استياء أهل السنة الممنوعين رسميا من حرية الدعوة لمذهبهم. ولدى سؤال المرجع الشيعى (مصباح اليزدى) صاحب النفوذ فى النظام الإيرانى عن سبب امتناع الحكومة عن السماح بلبناء مسجد لأهل السنة فى طهران، أجاب قائلاً: «متى ما سمح لنا ببناء حسينية فى مكة، عنذئذ سوف يسمح لهم ببناء مسجد فى طهران!». أما على الصعيد السياسى، فيعانى السنة من تمييز على مستوى المؤسسات الرسمية للدولة، فالمادة 12 من الدستور الإيرانى تمنع السنة من الترشح للرئاسة لأنها تنص صراحة على أن «يكون الرئيس من أتباع المذهب الشيعى الاثنى عشرى دون غيره». كما لا يتناسب حضور السنة فى الحياة السياسية مع حضورهم فى مؤسسات الدولة، فلا يوجد محافظ سنى واحد حتى للمحافظات السنية مثل محافظة كردستان. وإذا كانت إيران تتعامل مع مشاكل الأقلية السنية باعتبارها من محددات الأمن القومى، فإن صحيفة «إيران ديبلماسى» (الدبلوماسية الإيرانية) طالبت السلطات باحترام السنة بوصفهم جزءا من الشعب الإيرانى، معتبرة ذلك من أهم أولويات الأمن الداخلى فى البلاد، ورأت أن عدم التمايز القائم على انعدام العدالة وعدم مراعاة حقوق الأقليات ومعتقداتهم سيؤدى إلى تحول أنظار المواطنين إلى الساكنين بجوارهم فى الدول السنية المجاورة مما سيؤدى لتفجر أعمال عنف. وانتقدت الصحيفة الإيرانية بشكل خاص عدم وجود أى مسجد سنى فى طهران فى الوقت الذى تعتبر فيه إيران نفسها «أم القرى» للعالم الإسلامى.