يبدو مواطنو 25 دولة أوروبية ملوكا فى نظر الكثيرين، فهم يتنقلون دون جوازات سفر، وبلا أى قيود على حرية حركتهم، إذا ما قورنوا بغيرهم، المحرومين من تلك الميزة داخل حدود وطنهم الواحد. غير أنه وبالرغم من أن فتح الحدود الأوروبية عزز التعاون التجارى والسياحى، لكنه أثار مع الوقت نفسه مخاوف أخرى، مثل تفاقم مشكلة الهجرة غير الشرعية من شمال أفريقيا، وانتقال عدواها من بلاد مثل ألمانيا وإيطاليا إلى دول الشمال. فمع توسيع فضاء «شنجن» عام 2007، ليشمل دول أوروبا الشرقية، طفت على السطح مخاوف زيادة معدلات الجريمة والهجرة غير الشرعية، خاصة أن تلك الموجة من تلاشى الحدود صاحبت رفع آخر الأستار الحديدية القديمة لدول شرق أوروبا، والتى كانت تفصل الكتلتين السوفيتية والأمريكية، أثناء حقبة الحرب الباردة، بكل ما حملته تلك الفترة التاريخية من إجراءات إغلاق وتضييق على أسرى المعسكر الشرقى. وبينما كان أبناء تلك الدول يحتسون نخب الانضمام لمنطقة «شنجن» فى مختلف مدن أوروبا، لاسيما الحدودية منها، ويتبادلون الأختام التذكارية من جوازات سفرهم، على أنقاض نقاط التفتيش التى تم تفكيكها، كان الكثيرون فى القسم الغربى من القارة يعربون عن مخاوفهم من أن يصبح الاتحاد الأوروبى أقل أمناً وقدرة على مواجهة خطر الهجرة غير الشرعية. استطلاعات رأى أجريت فى النمسا مثلا آنذاك كشفت عن عدم ترحيب أكثر الذين جرى عليهم المسح بإلغاء الحدود مع جيرانهم فى النرويج وسلوفاكيا والتشيك، خوفا من تسهيل حركة المجرمين. وإذا كان سكان غرب أوروبا قد ساورهم القلق من الانفتاح على شرق القارة، فإن مواطنين آخرين أعربوا عن اعتقادهم بأن فتح الحدود نقل عدوى الهجرة غير الشرعية من دول جنوب أوروبا إلى شمالها. وقالت «بونوك كرافيتز» من مدينة لايبسج الألمانية إن دولا مثل إيطاليا واليونان تعتبران خط الدفاع الأول ضد الهجرة غير الشرعية القادمة من شمال أفريقيا عبر البحر المتوسط. واستدركت «الآن، بوسع الأشخاص الذين يتسنى لهم دخول هذه الدول، والحصول على إقاماتها، الانتقال بيسر ودون مساءلة إلى سائر الدول الأخرى العضو فى اتفاقية شنجن». ويزيد من حجم تلك المخاوف كون منطقة «شنجن» تشمل 25 دولة وقعت الاتفاق على مراحل منذ عام 1985. وفى حين انضمت 22 من هذه الدول إلى الاتحاد الأوروبى، بقيت 3 - سويسرا وأيسلندا والنرويج - خارج إطاره. اكتسب النظام اسمه من قرية «شنجن» فى لوكسمبورج، التى وقع فيها اتفاق لخفض عمليات التحقق من الهوية عام 1985 بين هولندا وبلجيكا ولوكسمبورج وألمانيا وفرنسا. ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ عام 1995 لتنهى عمليات الفحص على الحدود الداخلية للدول الأعضاء.