سوف يكون صادماً لكثيرين، أن نقول الآن، إن المادة 76 من الدستور، ليست كلها خطايا، كما كان قد جرى تصويرها، منذ تعديلها فى مارس 2005، وإنما لها مزايا لم نكن نراها! فالمادة، سواء من خلال ذلك التعديل أو حتى من خلال تعديل آخر عليها، جرى بعد الأول بنحو عامين، تجعل دخول الجنة، أقرب إلى أى مصرى مؤهل للترشح للرئاسة، من دخول معركة تجعله مرشحاً فى مواجهة مرشح الحزب الوطنى! وسوف يتساءل واحد، وهو يشد شعر رأسه فى غيظ، ويقول: أين بالله عليك هذه المزايا، إذا كان رجل فى حجم عمرو موسى، لا يستطيع أن يرشح نفسه، لو أراد؟!.. وأين المزايا، إذا كان رجل فى قامة الدكتور محمد البرادعى، لا يجد ثغرة واحدة، يمكن أن يكون من خلالها مرشحاً، فى معركة رئاسية مقبلة؟! وسوف نقول، إن هذه بالضبط، هى المزايا التى نقصدها، فلولا وجود المادة إياها، على صورتها الحالية، ما كان هذا المستوى الراقى من النقاش قد دار، حول رغبة عمرو موسى فى أن يرشح نفسه، وكذلك الأمر بالنسبة للبرادعى.. صحيح أن المادة نفسها، قد سمحت فى انتخابات 2005، بترشيح أشخاص أمام الرئيس، بعضهم كان هزيلاً، وبعضهم كان محزناً ومخجلاً، ولكن حين جاء وقت الجد، وحين فكر الناس فى مرشحين حقيقيين، ظهرت أسماء ذات وزن، من نوعية موسى والبرادعى.. وكلاهما، كما نرى ونقرأ من حواراتهما المتتابعة، له وجهة نظر، وعنده توجه، وفى داخله خيال! هذه هى مزايا المادة 76 التى لم نكن نراها، فلولاها أيضاً ما كان من الممكن أن نقرأ ما قرأناه عن الدكتور البرادعى، فى صحف الدولة، بمجرد أن أعلن رغبته فى الترشح، ومطالباته فى الإصلاح، وسوف لا يتكرر الهجوم الهابط الذى تعرض له الرجل مرة أخرى، لأنه، أى الهجوم المتدنى، خلق نوعاً من التناقض، أمام الناس، ووضع صورتين إلى جوار بعضهما البعض.. صورة لكلام على درجة من السمو، يليق بها الرجل، وتليق بها مكانته، وصورة أخرى على درجة من التردى، لم تكن تجوز فى حقه، ولا تليق! مزايا المادة 76، أنها جعلتنا، من خلال حوارات البرادعى وعمرو موسى، يوماً بعد يوم، ندخل فى مجادلات راقية، عن برنامج كل واحد منهما، لو أنه أصبح مرشحاً، وعن رؤيته لمستقبل بلده، وعن أجندته التى سوف ينفذها، لأبناء وطنه، لو أنه صار ذات يوم، فى موقع الرئيس! مزاياها، أنها جعلتنا نقارع حجة بحجة، ورأياً برأى، وخيالاً بخيال، ورؤية برؤية، وحجماً فى وزن عمرو موسى، بحجم آخر فى وزن البرادعى! ثم يبقى بعد ذلك، أن تبحث الدولة عن وسيلة، من هنا إلى انتخابات الرئاسة المقبلة، تسمح لقامات من هذا النوع، بدخول المعركة، لأن حرمان موسى والبرادعى، على وجه التحديد، من الدخول، ليس منعاً لهما كشخصين محترمين، بقدر ما هو حرمان لمصر، من أن تكون لها فرصة فيهما!