فى هدوء شديد ودون ضجة.. ودون احتفالية من الدولة.. أتمت فرقة رضا للفنونالشعبية خمسين عاماً.. ياه هل فعلاً مضت هذه الأعوام.. منذ أن أدهشتنا الفرقةبتسجيل تراثنا؟.. هل مضت خمسون عاماً ونحن نعيش الفن الشعبى لكل الدول ما عدا مصر.. فأدهشنا وفاجأنا الأخوان على ومحمود رضا والبديعة فريدة فهمى برقصات تسجل تراثنا.. هل مضت خمسون عاماً منذ شاهدت المبدعة فريدة فهمى تجلس خجولاً فى كواليس مسرحالأزبكية الصيفى تنتظر لحظة دخولها المسرح وقد تحولت إلى فراشة تطير لتسجل تراث بنتالبلد مع بائع العرقسوس؟.. وكتبت عنها فى حينها فى مجلة «الجيل» (عندما ترقص بنتالبلد بالباليه).. خمسون عاماً مرت على أوبريت «فدادين خمسة» ليسجل تحديد الملكيةالزراعية.. وأربعون عاماً مضت على تسجيل أسطورة بناء السد العالى.. وخمسون عاماًمرت ومحمود رضا يشتعل فناً بالتحطيب وتسجيل تراث الوطن، ويخطو على المسرح من أقصىاليمين إلى أقصى اليسار فى خطوات شابة، وعقل يحمل مشروع القومية بتسجيل تراث بلدهبالخطوة والأوبريت. وعلى رضا، رحمه الله، يدير المسرح ويخرج العرض بوجه خواجة وروح ابن البلد وألفاظمشجعة قوية. كانت الفرقة 26 راقصاً وراقصة فى ذلك الحين.. كلهم شباب جامعى من كليات الهندسةوالطب والآداب يضمهم الراحل الدكتور حسن فهمى، أستاذ الهندسة الصناعية بكليةالهندسة، راسماً خطاً جديداً فى كتاب الوطن بأن الفن لا يتعارض مع الدراسة، وأنتسجيل تراث الوطن عمل قومى. وتكبر الفرقة وتنفتح على خريطة مصر كلها من حجالة مرسى مطروح إلى بنات بحرى.. وتسجيلها للسد العالى فى أسوان ملحمة غنائية قوية الخطوات، وصولاً إلى النوبة علىغناء الشجى محمد العزبى.. ويحلم على رضا بتسجيل آثارنا فى الأقصر فيخرج فيلم «غرامفى الكرنك» وتصبح أغنية (الأقصر بلدنا بلد سواح) هى النشيد القومى للأقصر. وتنطلق الفرقة حول الوطن العربى وتسجل فى السودان الشقيق رقصة الحمامة.. ويخرجمن عقل محمود رضا التراث حركة وفهماً عميقاً، ويشارك الفنانون بليغ حمدى وجمالسلامة وحلمى بكر وغيرهم ليتحرك وجدانهم بألحان للفرقة التى تسجل مصر، وفنانناالكبير الراحل صلاح عبدالكريم مع الراحل رؤوف عبدالمجيد ومعهم فريدة فهمى يرسمونالديكور والملابس، ويخرج من عباءة محمود رضا لتصميم الرقصات الجوادى رمضان وبباالسيد.تنامت الفرقة ووصل عددها فى السبعينيات إلى 180 من الراقصين والراقصاتوالفرقة الموسيقية.. مرت الفرقة بمراحل الشباب والفتوة ثم الشيخوخة.. وعظيم الفرقةمحمود رضا.. ينظر إليها بالاستشعار عن بعد. وفريدة فهمى تحتفظ ببعض الصور التى رسمتها للملابس ويجىء الراحل العظيم حسينكمال ويسند إليها تصميم ملابس مسرحية «ريا وسكينة» ويسند لمحمود الرقصات.. وتتركعلى المسرحية بصماتها ويترك محمود بصماته.. ويعيش الاثنان فى هدوء، وفرقة تحملاسميهما فى مصر ولكن لا يكفى الاسم. وبذكائه الشديد وإدارته إدارة ثقافية واعية يشرح الدكتور إسماعيل سراج الدينمدير مكتبة الإسكندرية فى الاحتفال باليوبيل الذهبى للفرقة بتسجيل تراثها ودعوةمحمود رضا وفريدة فهمى ليحصل على كل التفاصيل، وليساهم بجديته المعهودة فى تسجيل كلتراث الفرقة، وجمع الأفلام والتسجيلات والصور وأفرد لها مكاناً فى المكتبة كأحدروافد الفن المصرى الشعبى الذى يمتد منذ الفرعونية حتى الآن. ويطفو سؤال هنا: لماذا لا تستفيد أكاديمية الفنون من الدكتورة فريدة فهمى التىحصلت على أعلى شهادة من جامعة لوس أنجليس عن فن محمود رضا، وكذلك من محمود رضا نفسهالذى طاف مصر كلها وجمع تراثها الحركى والمواكب لأعياد الحصاد والأفراحوالموالد.