الذين تابعوا زيارة الرئيس إلى تركيا، الأربعاء الماضى، كان عليهم أن يسألوا أنفسهم سؤالاً واحداً هو: أين نحن الآن.. وأين تركيا؟! ولابد أن هناك أشياء مشتركة، بيننا وبينهم، تجعل المقارنة بين القاهرة، وأنقرة، قائمة، وواردة، بل مطلوبة بقوة! ولن نقول إن بيننا وبينهم ساعة ونصف الساعة بالطائرة، وأنك يمكن أن تصل إلى هناك أحياناً قبل أن تصل إلى أسوان، فالمسافة ليست هى الفيصل، وإلا.. فإن تل أبيب التى تبعد عنا مقدار رمية حجر، هى الأجدر بالمقارنة فى هذه الحالة، ووقتها سوف نكتشف أن إسرائيل تُنفق على التعليم فيها 7٪ من إجمالى ناتجها القومى، وأنها حسب التقرير الأخير لمنظمة الملكية الفكرية العالمية، تخصص 6 مليارات دولار سنوياً للبحث العلمى، فى مقابل 1.5 مليار دولار للدول العربية مجتمعة!.. فكم ننفق نحن، وكم نخصص؟! تركيا دولة مسلمة.. ونحن مسلمون.. وسكانها 80 مليوناً، ونحن 80 مليوناً، وإذا كان عندنا الإخوان المسلمون، فعندهم الأكراد الذين يسببون صداعاً دائماً ونزيفاً مستمراً فى الجهد والطاقة كالإخوان تماماً، وشواطئها أقل فى طولها من شواطئناً، وليس عندها نهر النيل، ولا عندها 11 بحيرة على امتداد البلد، ولا عندها ألف كيلو متر على البحر المتوسط، ولا مثلها على البحر الأحمر! وقد كان الذين رافقوا الرئيس فى رحلته إلى هناك، حريصين طول الوقت، على أن يقولوا إن تركيا ليست دولة منافسة لنا، وإنما هى داعمة لدورنا فى المنطقة، وحين نعرف فى المقابل، أن حجم استثمارات الاتحاد الأوروبى، فى آخر عام 2008، فى تركيا، كان 24 مليار يورو، فسوف ندرك، وقتها، أن هناك منافسة قوية بيننا وبينها، فى جلب مثل هذه الاستثمارات، وأنها هى الرابحة، وأنها متفوقة علينا بمراحل، وأن القول بأنها ليست منافسة لنا، كلام بلا مضمون، ويفتقر إلى الدقة، بمثل ما يفتقر إلى الأمانة مع الناس! هل يدرك الذين رددوا كلاماً فارغاً من نوعية أن تركيا لا تنافسنا، أن تقرير منظمة الملكية الفكرية العالمية إياه، عن عام 2008، يرصد 367 اختراعاً مسجلاً لتركيا، فى مقابل 173 اختراعاً ل22 دولة عربية؟! وهل يدرك الذين رددوا كلاماً من هذا النوع، أن متوسط دخل المواطن التركى فى عام 2001 كان 1500 دولار سنوياً، وأنه ارتفع، هذا العام، إلى مشارف العشرة آلاف دولار فى العام!.. فى حين أننا لانزال ندور حول الألف دولار، لكل مواطن، فى السنة؟! هل يدرك الذين رددوا كلاماً كهذا، أن تركيا هى أكبر دول المنطقة إرسالاً لأبنائها مبعوثين فى الخارج، وأن الطلبة الأتراك فى الولاياتالمتحدة، هم الأكبر عدداً مقارنة بأى دولة فى المنطقة؟! قال الرئيس مبارك، فى لقائه مع الرئيس التركى، إن القضية الفلسطينية، فى حاجة إلى تسوية عادلة، وهذا صحيح.. ولكن الأصح منه، أن «القضية المصرية» هى الأحق بالبحث عن تسوية من النوع نفسه! القضية المصرية أولاً.. يا سيادة الرئيس، فلا عدل فى التعامل معها من أى نوع!