خلال ندوة تكريمه في الشارقة الدولي للكتاب.. «سلماوي»: الكتابة الأدبية لا تخضع للرقابة

قال الكاتب الصحفي محمد سلماوي، إن الوطن العربي يمر بمرحلة من التقلبات الثقافية والتي لم تستقر بعد، وأن هناك جيلا انتهى وتركنا وإن لم تتركنا أعماله العظيمة، بينما هناك جيل آخر من الشباب الصاعد الآن قد لا نعرف كل أسمائهم. مضيفا أن عدد الروايات الجديدة التي أخرجتها المطابع المصرية خلال سنة 2024 حوالي 30 رواية لكتاب بعضهم كتاب جدد أو ربما أصدر أحدهم رواية سابقة، وهذه الروايات قد لا تكون كلها عظيمة، لكن لو كان منها خمس روايات أو ثلاثة فحسب بمستوى جيد، فهذا يعني أن لدينا 3 نجيب محفوظ لا يزالون في مرحلة الشباب.
جاء ذلك خلال ندوة «محمد سلماوي ..سيرة ومسيرة»، التي أجريت عقب تكريم الكاتب الصحفي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة المصري اليوم، واختياره شخصية العام الثقافية في الدورة ال44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، وأدارتها الإعلامية منى الرئيسي.
وأضاف «سلماوي» أنه عندما يسافر في دول الوطن العربي يقابل شبابا من الكتاب والشعراء، صحيح أن المسرح يعاني من مشكلات التأليف، لكن هناك براعم جديدة وأجيال جديدة قد لا نراها على الساحة، غير أن هناك من الدلائل ما يشير إلى أنها في مرحلة التشكيل، مضيفا: «أرجو ألا تكون نظرة متفائلة أكثر من اللازم كما أرجو ألا تكون غير صحيحة؛ لأن الوطن العربي لا يمكن أن يكون بلا أدباء أو شعراء فهو أبوالشعر، وأبوالأدب، والبلاغة، واللغة. قد يمر بمراحل صعبة تتعثر فيها هذه الإبداعات لكن الشعوب التي تتسم بالثقافة لا تكون مثقفة في بعض المراحل ثم تنسي الثقافة في مرحلة أخرى لكنها قد تمر بعثرات، لكن يظل الوجدان لعربي وجدان شعري بالأساس ولفيلسوفنا الكبير زكي نجيب محمود كتاب عظيم وهو»الشرق الفنان«يوضح فيه كيف أننا نتميز في شرقنا العربي بالفن، وحمضنا النووي مصنوع من الشعر واللغة والبلاغة.
وأوضح «سلماوي» أنه لا يؤمن بمقولة الكاتب الكبير يوسف إدريس بأن «كل الحرية المتاحة في الوطن العربي لا تكفي كاتب عربي واحد»؛ ذلك لأن الكتابة الأدبية هي الكتابة الوحيدة التي لا تخضع للرقابة لأنها لغة غير مباشرة وبها تورية وتشبيهات وتلميحات، وحينما يقول الشاعر كلمة «أحمر» فهو لا يعني المعنى القاموسي للون الأحمر، لكن قد يرمز في قصيدته إلى الدم أو الشيوعية، صحيح أن الصحفي يعاني، لكن الكاتب يستطيع أن يقول ما يشاء إذا أحسن استخدام أداته الشعرية أو الروائية، وسنجد أن كل التغيرات السياسية الكبرى من الثورات وغيرها بدأت من كتابات الأدباء الذين استطاعوا أن ينتقدوا الوضع القائم فحرضوا على الثورة ووصلوا بمعانيهم للقارئ متخطين كل أدوات الرقابة والقيود السياسية وغيرها، وهو ما حدث مثلا في رواية «أجنحة الفراشة» التي تنبأت بثورة 2011 وكانت قد صدرت نسختها الأولى في نهاية عام 2010 ومن حسن حظنا أنها مرت من الرقابة وقتها دون مشاكل.
وتحدث عن مكانة الأديب الكبير نجيب محفوظ موضحا أن له مكانة خاصة في الأدب العربي لعدة أسباب منها تفرده عبقريته وما أنجزه للرواية العربية بشكل غير مسبوق؛ فالرواية العربية قبل نجيب محفوظ كانت شيء وبعد نجيب محفوظ صارت شيئا آخر وهو كان متطورا وجرب وأنجز في ثلاث مدارس يعلق منها في ذهننا المدرسة الواقعية لكنه كتب الروايات التاريخية عن مصر القديمة، ثم كتب روايات في مرحلته الفلسفية التي ناقش فيها قضايا كثيرة، ومرحلة مسرحية عبثية قد لا يعرفها البعض وله خمس مسرحيات تعد درر، وربما ما يجعله جماهيريا عالق في ذهن الناس أنه الأديب العربي الوحيد الذي فاز بجائزة نوبل.
واختتم حديثه بأن الأديب يكتب ما يشاء، وهو في بعض الأحيان لا يعرف ماذا سيكتب وإنما تأتيه الرواية التي قد تكون واقعية أو تاريخية أو تخيلية مستقبلية، لكنه في جميع الأحوال يكتب من خلال نظرته التأملية الشاملة التي ترى الإنسانية في أساسها سواء يتحدث عن كليوباترا أو عن سنية في ثلاثية نجيب محفوظ وهذه هي القيمة الباقية التي تجعل الأدب حي في جميع العصور.