ارتفاع مستوى سطح البحر بوتيرة أسرع من أي وقت مضى خلال الأربعة آلاف عام الماضية.. ما الأسباب؟

يؤدي ذوبان الأنهار الجليدية والتمدد الحراري إلى «تسارع» ارتفاع مستوى سطح البحر إلى مستويات قياسية.
ترتفع مستويات سطح البحر بشكل أسرع من أي وقت مضى خلال الأربعة آلاف عام الماضية، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراءات «عالمية ومحلية».
وحذرت أبحاث جديدة من أن تغير المناخ والأنشطة البشرية هي التي تدفع هذا الارتفاع، مما يشكل تهديدا خطيرا بالفيضانات للمدن الكبرى في جميع أنحاء العالم.
وقال التقرير إنه في حين أن ارتفاع مستوى سطح البحر يمثل قضية عالمية، فإن الصين تواجه «تهديدا مزدوجا» حيث أن مدنها الأكبر والأكثر أهمية اقتصاديا معرضة بشكل خاص للغرق.
ما مدى سرعة ارتفاع مستوى سطح البحر؟
قام العلماء في جامعة روتجرز بفحص آلاف السجلات الجيولوجية من مصادر متعددة، بما في ذلك الشعاب المرجانية القديمة وأشجار المانجروف، والتي غالبًا ما تستخدم ك «أرشيف طبيعي» لمستويات سطح البحر في الماضي.
لقد أعادوا بناء التغيرات في مستوى سطح البحر التي تعود إلى ما يقرب من 12 ألف عام إلى بداية العصر الهولوسيني، وهو العصر الجيولوجي الحالي الذي بدأ منذ حوالي 11700 عام بعد انتهاء العصر الجليدي الرئيسي الأخير.
وأظهرت النتائج التي نشرت في مجلة «نيتشر» أن مستويات سطح البحر العالمية ارتفعت منذ عام 1900 بمعدل متوسط بلغ 1.5 مليمتر سنويا. وقال يوتشينج لين، الذي أجرى البحث، إن هذه الوتيرة تتجاوز أي فترة زمنية طويلة استمرت قرنًا من الزمان في الماضي لآلاف السنين.
لماذا يرتفع مستوى سطح البحر؟
تسلط الدراسة الضوء على «قوتين رئيسيتين» تعملان على تسريع ارتفاع مستوى سطح البحر: التمدد الحراري وذوبان الأنهار الجليدية .
مع ارتفاع درجة حرارة الكوكب نتيجة تغير المناخ، تمتص المحيطات المزيد من الحرارة وتتمدد. وفي الوقت نفسه، تذوب الصفائح الجليدية في المناطق القطبية بمعدلات غير مسبوقة، مما يضيف المزيد من المياه إلى المحيطات.
قال لين: «إن ارتفاع درجة الحرارة يجعل محيطك يستوعب حجمًا أكبر، وتستجيب الأنهار الجليدية بشكل أسرع لأنها أصغر من الصفائح الجليدية، والتي غالبًا ما تكون بحجم القارات».
فقدت الطبقة الجليدية في جرينلاند 80 مليار طن من الجليد على مدى 12 شهرًا من سبتمبر 2023 إلى أغسطس 2024، مسجلة بذلك العام الثامن والعشرين على التوالي الذي تفقد فيه المزيد من الجليد أكثر مما تنتجه.
تحتوي الطبقة الجليدية في جرينلاند، التي تعد حاليًا واحدة من أكبر موارد المياه العذبة في العالم، على مياه من شأنها أن تتسبب في ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي بما يعادل 7.4 متر.
مع كل سنتيمتر من ارتفاع مستوى سطح البحر، يتعرض حوالي ستة ملايين شخص على هذا الكوكب للفيضانات الساحلية. ويحذر الباحثون من أن الدلتا -وهي المناطق المسطحة الخصبة القريبة من المياه- سوف تتأثر بشدة بارتفاع منسوب مياه البحار.
تستخدم هذه المناطق غالبًا للزراعة والنقل والتطوير الحضري، مما يعني أن زوالها قد يؤدي إلى نقاط ضعف في سلسلة التوريد العالمية. وأضافت لين: «إن ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار سنتيمترات من شأنه أن يزيد بشكل كبير من خطر الفيضانات في الدلتا».
تابعت: «هذه المناطق ليست مهمة على المستوى المحلي فحسب، بل إنها أيضًا مراكز تصنيع دولية».
ورغم أن الدراسة ركزت على الصين، فإن لين يزعم أن الدروس نفسها يمكن تطبيقها على المدن الكبرى، بما في ذلك نيويورك وجاكرتا ومانيلا، التي بنيت على سهول ساحلية منخفضة وتواجه مخاطر مماثلة.