الصين.. ثالوث «السياسة والدبلوماسية والسلاح» فى احتفالات النصر

على مدار عدة أيام، جذبت الصين انتباه العالم، من خلال عرض عسكرى مهيب كشفت بكين عن أسلحة جديدة ومتنوعة تدافع عن سلامة أراضيها وتمنحها قوة لا تقهر، كمال قال الرئيس الصينى شى جين بينج، الذى ذكر أيضا أن إحياء نهضة الأمة الصينية لا يمكن إيقافه، وذلك خلال إحياء الذكرى ال80 للانتصار فى حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان اليابانى والحرب العالمية ضد الفاشية.
وخلال الاحتفالية، التى حضرها عدد من رؤساء وقادة وممثلين عن دول العالم، ظهر الرئيس الصينى شى جين بينج، برفقته الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون، والرئيس الروسى فلاديمير بوتين، فى رسالة للولايات المتحدة الأمريكية أن هذا التحالف سيكون ضامنا للتعددية القطبية، التى طالما حلمت بها بكين وموسكو وبيونج يانج، فى ظل التوتر الدائم والمستمر بين تلك الدول مع الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة أن موسكو لا تزال تنتظر إنهاء الحرب مع أوكرانيا.
وتضمن خطاب شى اقتراحا لمبادرة الحوكمة العالمية التى طرحها بهدف العمل مع جميع الدول ذوات التفكير المماثل لحماية أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة بحزم، وبناء نظام حوكمة عالمية أكثر عدالة وإنصافا، فى مواجهة الأحادية القطبية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما دعا شى، للدعوة لتعزيز التنسيق بشكل أكبر فى المنصات متعددة الأطراف، بين روسيا والصين، ما يشمل الأمم المتحدة ومنظمة شنغهاى للتعاون ومجموعة بريكس ومجموعة ال20، والعمل معا لبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية، ومبادرة الحوكمة العالمية، تعتبر المبادرة الرابعة عالميا، بعد مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمى، ومبادرة الحضارة العالمية.
وبخطوات ثابتة ظهر الرئيس الصينى، برفقة قرينته بنج لى يوان، فى استقبال قادة وفود دول العالم، وبدا للوهلة الأولى، أن الرئيس شى جين بينج، يمنح الصين قوة استراتيجية عالمية بعدما عزز مكانته التاريخية فى بلاده على خطى الزعيم الصينى الراحل ماو تسى تونج، فيما أكد شى أن البشرية تواجه خيارا بين السلام أو الحرب، والحوار أو المواجهة.
ومع زيارة الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون، ومشاركته الاحتفالات الصينية، أصبح الأمر بمثابة رسالة واضحة للولايات المتحدة الأمريكية، التى تلوح بين الحين والأخر، أنه ترغب فى التفاوض مع بيونج يانج، أن الأخيرة ليست فى عجلة من أمرها، خاصة أنها أصبحت حليف قوى لكل من بكين، التى زارها الزعيم لأول مرة فى قمة جماعية، وكذلك لموسكو التى شاركت قوت كورية شمالية فى تحرير مقاطعة «كورسك» الروسية، وهو الأمر الذى يعد كتابة تاريخ جديد للعلاقات الكورية الشمالية الروسية، وإثبات قدرة بيونج يانج فى التحالف مع الصين باعتبار أن البلدين قوتين نوويتين.
ومع زيارة الرئيس الإيرانى مسعود بزشكيان، برفقة ابنته فاطمة، كونها كانت لها دور كبير فى حملته الانتخابية، ولكون غالبية الرؤساء ذهبوا بصحبة زوجاتهم، لكن فى حالة الرئيس الإيرانى، فالأمر مختلف نظرا لوفاة زوجته منذ نحو 25 عامًا، ولم يكن اللقاء بين بزشكيان وشى، عابرا، فالأمر متعلق أيضا بموقف الصين الرافض للهجوم الأمريكى ضد طهران فى شهر يونيو الماضى، وإن لم يكن قد ظهر بزشكيان فى صورة أشبه ب «برواز» بين الرئيس الصينى ونظيره الكورى الشمالى والروسى، فإن الأمر قد يكون له دلالات أخرى أن بكين تريد أن تكون بعيدة شيئا ما، ألا تكون سببا فى فرض الولايات المتحدة الأمريكية مزيدا من العقوبات ضد طهران.
ومع كشف الصين عن «الثالوث» النووى من الصاروخ «جينجلى -1» بعيد المدى الذى يطلق من الجو، والصاروخ العابر للقارات من طراز «جيويلانج -3» الذى يطلق من الغواصات، والصاروخ العابر للقارات من طراز «دونجفنج -61» والصاروخ الجديد العابر للقارات من طراز «دونجفنج -31» وكلاهما يطلق من منصات أرضية، من خلال العرض عبر ميدان تيان آن، أن بكين لم تعد قوة سهلة لا يستهان بها فى العالم، بل ومع كونها قوة عسكرية قوية، ترجمت تلك القوة فى المشاركة الدولية كقوة سياسية كبيرة، نجحت فى وقت سابق فى إجراء مفاوضات كبيرة من خلال إجراء المصالحة الإيرانية – السعودية، والعمل على «اتفاق بكين» للمصالحة الفلسطينية- الفلسطينية.