من الكماليات إلى الضروريات.. كيف أعاد الغلاء تشكيل حياة المصريين؟

سيطر الغلاء على تفاصيل حياة المصريين، فغير عادات الشراء وأعاد رسم أولويات البيوت، اللحوم تحولت إلى رفاهية، المواصلات الخاصة تراجعت، والكماليات خرجت من الحسابات' أمام هذا المشهد، يصف خبراء الاقتصاد ما يحدث بأنه «استهلاك دفاعي» تتبناه الأسر لمواجهة ضغوط المعيشة المتصاعدة.
يؤكد اللواء أبوبكر الجندي، وزير التنمية المحلية الأسبق، أن الإنفاق على الطعام والشراب في مصر يصل إلى 40% من دخل الأسرة، مقارنة ب20% فقط في أوروبا، ما يجعل المصريين أكثر عرضة للتأثر بموجات التضخم.
ويضيف أن أي زيادة في الأسعار تنعكس فورًا على قدرة الأسر على شراء الكماليات أو حتى بعض السلع الأساسية.
ويشرح الدكتور أحمد أبوعلى، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، أن «الاستهلاك الدفاعي» يعني أن المواطن أصبح أكثر حذرًا في قراراته الشرائية، يركز على الضروري فقط، ويستبدل الكماليات ببدائل أقل تكلفة أو محلية الصنع. ويشير إلى أن الأزمات العالمية، من جائحة كورونا إلى حرب أوكرانيا، فرضت إعادة ترتيب الأولويات في معظم البيوت المصرية.
ومن جانبها، ترى الدكتورة هدى الملاح، مديرة المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية، أن هذه التحولات ليست نتاج أزمة محلية فقط، وإنما نتيجة مباشرة لمجموعة من العوامل الدولية، بينها رفع أسعار الفائدة وأزمات سلاسل الإمداد' وتوضح أن 90% من المصريين، خصوصًا من ذوي الدخل المتوسط والمحدود، اضطروا إلى تغيير أنماط استهلاكهم والتوجه نحو منافذ البيع الأرخص بحثًا عن توازن في ميزانياتهم الشهرية.
التقارير الدولية بدورها، رصدت هذه الظاهرة، فقد توقّع تقرير «ماستركارد إنستيتيوت» أن يحقق الاقتصاد المصري نموًا بنسبة 4% في عام 2025 مع تراجع التضخم إلى 19.3%، لكنه أشار إلى استمرار بحث الأسر عن البدائل الأرخص حتى مع هذا التحسن' وفي السياق نفسه، رجحت شركة «BMI» تباطؤ نمو إنفاق الأسر مقارنة بالعام الماضي، ما يعكس أن ثقافة الترشيد لن تختفي قريبًا.